وجد البيضاويون والزائرون لمدينة لم يكن يدرك الكثيرون موروثها الحضاري وهم يتنقلون في أرجائها، أن الدارالبيضاء تحفل بمعالم تاريخية وأثرية، كشف عنها "الطرامواي". طرامواي الدارالبيضاء (ت:الصديق) فالتنقل عبر هذه الوسيلة من محطة سيدي مومن نحو محطة شاطئ عين الذئاب أو محطة الكليات، يقود إلى إدراك خطأ تصور البعض بأنها مجموعة من الأبنية لا تحمل معنى عمرانيا أو مدلولا معماريا. عبر رحلة في "الطرامواي"، ينكشف تنوع المباني، ولكل مبنى مرجع تاريخي يعزز الإرث الثقافي للمدينة، لتصبح مشروعا للتسجيل ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهو المشروع الذي تعمل الجهات المعنية على تحقيقه، ويتزامن الإعداد له مع انطلاق الدورة السادسة لأيام تراث الدارالبيضاء. بعض الأماكن والشوارع، التي كان يجتازها البيضاويون مشيا أو على متن وسائل المواصلات، لم تكن تتجلى لديهم بالطريقة نفسها التي رصدها التنقل عبر "الطرامواي"، إذ أبانت هذه الوسيلة صلة جمالية مشتركة لجميع مناطق الدارالبيضاء، انطلاقا من منطقة سيدي مومن إلى نهاية الرحلة بعين الذئاب أو الكليات. فالمدينة شهدت إصلاحات وتعديلات على مستوى بنيتها التحتية في مواكبة لأشغال إنجاز "الطرامواي"، ومن ثمة بدت أكثر جمالية، بعدما أخذت وجها جديدا، تمثل في إعادة تنظيم وتأهيل بعض الشوارع والأزقة والطرقات، وتجديد الأرصفة وتثبيت إنارة جديدة، وزراعة حوالي 4 آلاف شجرة، خلقت حزاما أخضر يحيط بطريق "الطرامواي" من الجانبين. كما خصصت مساحات مهمة للراجلين بعد تبليط الأرضيات، فيما جدد طلاء العديد من المباني والواجهات، خاصة في شارع محمد الخامس، الذي يضم أبرز المعالم التاريخية العائدة لفترة الحماية بالمغرب، وعمل العديد من أصحاب المقاهي والمحلات على تنظيم وإصلاح فضاءاتهم. حتى يضمن مستعمل "طرامواي" رحلة ممتعة على متن هذه الوسيلة، لا بأس من إمعان النظر في المباني المرصودة طول الطريق، مادام خط "الطراموي" يمر من شوارع وأحياء تتشكل مع مبان توثق لفترات مهمة من تاريخ المغرب. فالأحياء والمباني التي كانت تبدو قبل استعمال "الطرامواي" غير متناغمة مع حركية الشوارع، هي اليوم تتجلى في مشهد آخر، ويمكن للناظر أن يتلمس ذلك وهو على متن "الطرامواي"، كما سنسلط الضوء على ذلك من خلال جولة على متن هذه الوسيلة الحديثة، وننشره الثلاثاء المقبل في ركن "زيارة المغربية". الطرامواي الدارالبيضاء (الصديق)