أشرف الصحافي سعيد عاهد، على توقيع مؤلفه "الفتان: محكيات من سيرة الروكَي بوحمارة لصحفيين وكتاب غربيين معاصرين له"، في حفل نظم يوم السبت 22 مارس، بمكتبة عبد الواحد القادري بمدينة الجديدة. الصحافي المغربي سعيد عاهد أثناء حفل التوقيع يعد المؤلف انتقاء وتجميع وترجمة لمقالات وكتابات أجنبية جمعها الكاتب والصحفي عاهد في طبعة أنيقة من 208 صفحة من الحجم المتوسط، وتضم كذلك 3 ملاحق خاصة بالصور والرسوم التشخيصية للفاعلين وللأحداث. وصدر "الفتان" سنة 2013، ويعيد فيه نقل عدد من انطباعات صحافيين وكتاب غربيين عاشوا في تلك الفترة، وكتبوا عن ثورة بوحمارة، الذي حاول الانقلاب على السلطان مولاي عبد العزيز العلوي. وقال سعيد عاهد خلال حفل التوقيع، الذي حضره عدد من المثقفين والطلبة والشباب من أبناء المدينة، إن الكتاب هو عبارة عن سرد لجملة ما كتب عن شخصية شكلت لغزا حقيقيا لمعاصريه، خلال حقبة من تاريخ المغرب تميزت بالاضطرابات، التي استغلها المتمرد بوحمارة ليزيد من زرع الفتنة، حتى يتسنى له تنفيذ الانقلاب على السلطان، واستيلائه على الحكم. وتحدث عاهد عن ظروف نشر الكتاب، والجهد المبذول في إنجازه وترجمته، والأسباب التي جعلته يثير هذا التاريخ في شكل محكيات، ويثير هذه السيرة التي طبعت مخيلة المغاربة في زمن "موشوم بالخيبات".. وقدم الشاعر والفنان التشكيلي عبد الله بلعباس، بالمناسبة، شهادة في حق المؤلف، مبرزا أن مترجم الكتابات الأجنبية في حق بوحمارة الروكي، وإن كان يغلب على أعماله الأدب، إلا أنه استطاع من خلال هذا العمل تقديم "إبداع" تاريخي لشخصية أثارت الكثير من الجدل من أجل اكتشاف لغزها من قبل "صحفيين وكتاب غربيين معاصرين له"، وهي الشخصية التي اختار لها المؤلف اسم "الفتان". كما قام بلعباس في كلمته بقراءة لعنوان الكتاب والصورة التي اختيرت لغلافه، معتبرا أنهما يجسدان بعدا فلسفيا خياليا لمآل الجيلالي بن عبد السلام اليوسفي الزرهوني، ونهايته المأساوية، بعد حقبة من الصراع من أجل السلطة والادعاء والكرامات... "وهنا مكمن السخرية العارية انطلاقا من ملاحظة عين المؤلف الفنية الذكية" يقول بلعباس، وهو يذكر بأن إتقان ترجمة الكاتب للمؤلفات الواردة عن شخصية الروكي بوحمارة، يعود للثنائيات التي يقيم بينهما، ثنائية اللغة (عربية الأصل وفرنسية التكوين) وثنائية الميول (بين السياسة والصحافة). وقال بلعباس إن "قراء سعيد عاهد، كما متتبعو أعماله، ربما سيدركون، خاصة خلال السنوات الأخيرة، انعطاف كتاباته، ونزوعها صوب منحى نعته ب "المحكيات". ويحكي المؤلف في كتابه أن الفتان هو "الجيلالي بن عبد السلام اليوسفي الزرهوني"، المشهور ب "الروكي بوحمارة"، كان يبلغ من العمر حوالي أربعين سنة، وتلازمه الكثير من الألقاب، كالدعي، والفتان، والقائم، ومول الساعة، والمارق، والمنتفض... استغل ظروف الارتباك والاضطراب بفعل السيبة، في مغرب مطلع القرن العشرين، ليستخبر أحوال المخزن، حتى يتسنى له خلق الفتنة من خلال انتحاله المغرض لاسم مولاي محمد، ابن السلطان الحسن الأول، في أفق شرعنة مطالبته بالعرش بكل الوسائل المادية والرمزية، وادعاء أن السلطان عبد العزيز خارجا عن الدين، والتقاليد المغربية الأصيلة بالنظر إلى علاقاته الحميمية مع الروميين، وتجاهله لرعاياه. وظلت هذه الشخصية المحيرة تقض مضجع السلطان عبد الحفيظ، وتزرع الفتنة إلى أن تقرر اعتقاله في 1909، والحكم عليه بالإعدام وإحراق جثته، بعد أن رفضت الأسود التهامه، ما كرس ادعاء كراماته وتميزه بقدرات سحرية، وإن اختلفت الكتابات حول حقيقة الطريقة التي أعدم بها. "المحكيات" كلفت الباحث والصحفي سعيد عاهد الكثير من الاجتهاد والصبر حتى يمكنه تقديم عمل عبارة عن "بحث تاريخي أكاديمي"، وإن كان صاحبه لا يراه كذلك، ويعتبره "مجرد انتقاء وتجميع وترجمة لمقالات وكتابات أجنبية معاصرة ل "بوحمارة" تحكي عنه من وجهة نظر أصحابها، وتصف لحظات فتنته"، كما يوضح عاهد سعيد. لسعيد عاهد حضور مهم في الساحة الثقافية، وهو صحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي، يتميز بشهادة زملائه من المبدعين والمثقفين بقلم رصين ومتعدد، أصدر، سنة 2007، "قصة حب دكالية"، عن منشورات اتحاد كتاب المغرب، ثم «الفتان» سنة 2013، عن منشورات الاتحاد الاشتراكي. كما صدر له ديوانين باللغة الفرنسية، بالإضافة لمساهمته في مؤلفات جماعية.