يعتبر القطاع الفلاحي من القطاعات الأساسية، التي يتعاطى لها المغاربة بشكل كبير، وبفعل التطورات الصناعية الحاصلة في المجال، باتت الفلاحة تعتمد على وسائل الإنتاج العصرية والمكننة، إذ أصبح الاعتماد أكثر على الفلاحة السقوية والأشجار المثمرة اعتمادا على التسميد بالمواد الكيميائية ومحاربة الأعشاب بالمبيدات السامة. كما أن عمليتي الحرث والحصاد غالبا ما تكونا بواسطة الآليات الميكانيكية ذات المحركات. أما في مجال تربية وتسمين المواشي والدواجن فأصبحت أغلب المنتجات الغذائية الموجهة لهذه المواشي تعتمد على أدوية ومواد مصنعة، ما يعني أن كل هذه المواد لها تأثيرات على الكائنات الحية، كما تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. عبد الرحيم لخويط، الخبير المغربي في الهندسة المدنية وتدبير النفايات، يقترح العديد من التدابير الوقائية لتخفيف نسبة التلوث الناجمة عن القطاع الفلاحي. ويقول الخبير المغربي إن القطاع الفلاحي ليس بقطاع بريء من الناحية البيئية، كما كان من ذي قبل عندما كان الفلاح صديقا وحنينا بالبيئة. ويتضح ذلك جليا من خلال توظيفه للمواد الطبيعية في حياته اليومية، ويعتمد على التسميد باستعمال مواد طبيعية (فضلات الحيوانات، التبن المتقادم، والأعشاب)، علاوة على تنظيم عمليات الحرث حسب طبيعة المزروعات، إذ كانت زراعة القطاني مثلا تباشر بالأراضي، التي زرعت من قبل بالحبوب، وأخرى تترك كمراع لتستعيد حيويتها وتحافظ على المواد العضوية بها، بالإضافة إلى التنوع الزراعي الذي يعطي تنوع البكتيريا وتعدد الكائنات الحية، ما يساهم في إغناء المنظومات البيئية، ويعطي منتوج أوفر، وكانت الفلاحة وقتذاك فلاحة معاشية، بخلاف الفلاحة العصرية، التي تهدف إلى الربح والاستجابة للطلب كسائر الصناعات، ولو على حساب التربة والهواء والماء. ويعد التسميد بالطريقة التقليدية بصفة عامة وحرث الأرض خلال الصيف حتى يتسنى للمواد العضوية التحلل، الطريقة المثلى لمنع حدوث التلوث، لأن استعمال الأسمدة يساهم في تغيير حمضية التربة، التي قد تؤثر على الكائنات الحية بالنظر لاحتوائها على مواد كيميائية، كالنترات والفسفور، وقد تتسرب إلى المياه السطحية والفرشة المائية، وتسبب في تلوثها، وتتسبب أيضا في تلوث الهواء عن طريق التسربات آو من خلال تطاير الجزيئات التي تحملها الرياح. وقد لا تستحمل المنظومات البيئية كذلك، الضغط الممارس على التربة بزراعتها لعدة مرات في السنة، وخاصة الزراعات المسقية والأكثرية خلال التعاطي لزراعة المنتوج نفسه طيلة السنة، لهذا يستوجب تنويع الزراعات وتخفيف الضغط على التربة، ناهيك عن استنزاف المياه الجوفية. ولهذا يستوجب التدبير المعقلن لتلك المياه وإخضاعها للمراقبة، ومنح رخص تحدد فيها استغلال نسبة معينة لكل ضيعة مع التشجيع على استعمال البدائل، كمياه الصرف الصحي المعالج، وفق معايير دولية. كما ينصح بعدم تحويل الضيعات الفلاحية إلى ورشات ميكانيكية لاستبدال العجلات والزيوت والصباغة، بالنظر لما تطرحه من مواد كيميائية لتفادي تسربها إلى المياه الجوفية وتطاير جسيماتها في الهواء. كما أن تقسيم الأراضي كذلك من المؤثرات السلبية على المنظومات البيئية إذ أن الحدود الموضوعة كحاجز بين الأراضي يمنع تنقل الكائنات الحية بكل أريحية وأداء وظيفتها الطبيعية، على اعتبار أن الحدود تمنع انتشارها بشكل طبيعي. وعموما ينصح بالاعتماد على تحليل التربة لتحديد كيفية استغلال الأراضي بطرق إنتاجية جيدة دون إلحاق الضرر بالمنظومة البيئية وربط القطاع الفلاحي بالجامعة.