بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، وزير الخارجية السابق لبيرو: الجمهورية الصحراوية المزعومة لا وجود لها في القانون الدولي    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بريطانيا بين مطرقة الأزمات الاقتصادية وسندان الإصلاحات الطموحة    الجزائر والصراعات الداخلية.. ستة عقود من الأزمات والاستبداد العسكري    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة        "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقليم دكالة.. بين غنى الموارد الطبيعية والمخاطر البيئية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 30 - 09 - 2015

تتعدد الموارد الطبيعية التي يزخر بها إقليم دكالة، سواء حيوانية أو نباتية أو مائية، في إطار تنوع بيولوجي مصحوب بنظام إيكولوجي تتميز به المنطقة، فشواطئ الإقليم الأطلسية الممتدة على مساحة 150 كلم تقريبا تتميز بالاستواء ومحاذاة الغابة، كما هو الشأن بشاطئ (سيدي عابد، الدوفيل، الوالدية...). وتتميز باعتدال الحرارة بالإضافة إلى جودة مياهها ورمالها
تتعدد الموارد الطبيعية التي يزخر بها إقليم دكالة، سواء حيوانية أو نباتية أو مائية، في إطار تنوع بيولوجي مصحوب بنظام إيكولوجي تتميز به المنطقة، فشواطئ الإقليم الأطلسية الممتدة على مساحة 150 كلم تقريبا تتميز بالاستواء ومحاذاة الغابة، كما هو الشأن بشاطئ (سيدي عابد، الدوفيل، الوالدية...). وتتميز باعتدال الحرارة بالإضافة إلى جودة مياهها ورمالها. إقليم يتميز بوجود قطاع غابوي مهم يغطي جزءا كبيرا من مساحته الفلاحية كغابة الشياظمة بنواحي البئر الجديد والحوزية الواقعة بين الجديدة و آزمور وغابة بولعوان وعين الغر الموجودة بين الوالدية والغربية وغابة بوحمام بسيدي بنور... بالإضافة إلى الشريط الغابوي الممتد عبر مجموعة من شطآن الإقليم. ومن الموارد الطبيعية المهمة أيضا الثروات السمكية، وشساعة المجال الفلاحي والرعوي والفضاء الغابوي والمؤهلات السياحية، مما يجعل النسيج الاقتصادي للمنطقة متنوعا، ويعتبر قطاع الفلاحة قاطرة التنمية بالمنطقة، بالنظر إلى توفرها على مؤهلات فلاحية مهمة، كذلك الشأن بالنسبة لمجال الصيد البحري ، حيث تمتد المنطقة على شريط ساحلي بطول 150 كلم على المحيط الأطلسي، تتخللها الكثير من الخلجان والموانئ الطبيعية والشواطئ الرملية والصخرية والأجراف الجذابة.
نظرا لتوفر الشريط الساحلي لمنطقة دكالة على مناخ معتدل نسبيا ونظرا لأهمية الفرشات المائية الباطنية، قامت المصالح المسؤولة بمجهودات لتنمية النشاط الزراعي، حيث تم تطوير فلاحة مكثفة عن طريق تهيئة البنيات الهيدرو فلاحية، إذ أصبحت المنطقة تتوفر على أحواض سقوية. وتتجلى أهم المنتوجات الزراعية في، الكلأ، الخضر، الحبوب والقطاني. وتحتل زراعة الشمندر القسط الأوفر من المساحة المزروعة، كما يشكل قطاع تربية الماشية نشاطا تقليديا للساكنة ، يغلب عليه طابع الكسب عن طريق الرعي والتسمين. وتظل تربية الأبقار والأغنام مفضلة لدى كسابي دكالة. كما تعتبر السياحة قطاعا تعقد عليه آمال النهوض باقتصاد المنطقة، حيث أن الإقليم يتوفر على إمكانيات سياحية هائلة تتمثل في الشواطئ الشاسعة وسطوع الشمس على امتداد السنة والأماكن الطبيعية المتعددة. كما أن المناطق الداخلية تحفز السائح على استكشافها، حيث توجد مجموعة من الوديان والمنخفضات الخصبة الغنية بالنباتات المتنوعة، وتنوع الوسط الدكالي يشكل ملجأ لأنواع كثيرة من الحيوانات والطيور المهاجرة والعابرة بين إفريقيا وأوربا كالبجع والشنقب... كل هذه العوامل تخول للمنطقة أن تصبح من أهم أقطاب السياحة على المستوى الوطني ، غير أن هذه الموارد الطبيعية تبقى مهددة نتيجة عدة عوامل تؤثر سلبا على الوضع البيئي، باعتبار الطابع الحساس للموارد الطبيعية بدكالة وندرتها بالمقارنة مع التزايد المستمر لعدد السكان، وميلها (الموارد الطبيعية)، على نحو سريع أو أقل سرعة، إلى التراجع يزيد من أثرها على جودة حياة الناس وتؤثر سلبا في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن هذا الوضع، فضلا عن المخاطر المناخية التي تمس الموارد المائية والزراعية، يؤدي إلى تفاقم المشاكل السوسيو-اقتصادية، وإن السياق الحالي يطرح تحديات كبيرة للتنمية المستدامة.
مظاهر الاختلال البيئي..
التدهور الايكولوجي
الواليدية اليوم ليست كالبارحة، فهي تتعرض حاليا للعديد من التجاوزات المضرة بالوضع البيئي بسبب مافيا الخشب التي كانت وراء اندثار المجال الغابوي الساحلي، سواء من أجل التوسع العمراني أو من جانب تهريب خشب الاوكالبتوس. كما أن ضعف الإجراءات الوقائية الأمنية ساعد على تزايد عمليات السطو على الموارد الطبيعية وبقيت رمال الساحل عرضة للنهب من قبل مافيا المقالع. وما يقال عن الواليدية بسيدي بنور يصدق على مناطق أخرى بالجديدة (سيدي عابد، سيدي بوزيد، الحوزية...). لقد أدى اجتثاث الأشجار الغابوية وكذلك شحن الرمال إلى تسرب مياه البحر المالحة داخل الغطاء الغابوي، بحيث أن هذه التسربات أثرت على الفرشة المائية، فالآبار التي كان السكان يتخذونها كمصدر لمياه الشرب، أصبحت نسبة الملوحة فيها عالية وأضحت هذه المياه غير صالحة للشرب. جلال الوليدي أستاذ بالمعهد العلمي بالرباط أكد أن «التنوع البيولوجي يتدهور بالمنطقة بسبب التدمير المكثف للأنظمة الايكولوجية والمستوطنات، فالتشكيلات النباتية والوحيشية تفقد أكثر فأكثر مستوطناتها الخاصة التي تميز الأجناس الموجودة بكيفية جلية كما هو الحال بالنسبة لكبار الكواسر التي تتطلب مستوطنات مركبة وخاصة». «فالعبث بمواقع بناء الأعشاش يمثل واحدا من الأسباب الرئيسية لأفول تلك الطيور التي هي بمثابة مؤشرات على الوضع الصحي الجيد لأنظمتنا الايكولوجية، يضيف، ويمكن تلخيص الإكراهات الرئيسية التي تعيق المحافظة على هذا التراث في تلك المرتبطة بالوسائل (البشرية والمالية): اجتثاث النباتات واقتلاع الأشجار والرعي في الغابات وحطب التدفئة والقنص المفرط والقنص المحظور وكذا هشاشة الأنظمة الإيكولوجية الغابوية».
إن التخريب الإيكولوجي بالمنطقة أثر، وبشكل كبير، على العديد من الكائنات الحية التي اندثرت منها فئات عدة، فعملية قلع ما يسمى ب «الربيعة» من قعر البحر بكل من سيدي بوزيد والنواحي والكل يعلم كونها (الربيعة) يتطلب نموها عدة سنوات كما أنها تعد مصدرا للأوكسجين وغذاء لمجموعة من الكائنات البحرية... هذا الاختلال يؤثر وبشكل كبير على الوضع البيئي بإقليم دكالة.
تلوث التربة عنوان للخطر ..
يعرف بوعمار بغداد أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط أن تلوث التربة هو إدخال ملوثة بداخل التربة، والتي تتسبب في إتلاف عدد من وظائفها، والتي تتسبب بدورها في تدهور للموارد المائية بالنظر إلى وضع التربة على السطح من جهة، ومن جهة أخرى التأثيرات السلبية البيئية والصحية، وبصفة عامة يمكن التمييز بين تلوث موضعي حيث مصدر والمساحة الملوثة محدودة في المجال وتلوث منتشر حيث مصدره ورقعته المجالية منتشرة على نطاق واسع.
وتتعدد أسباب تلوث التربة بإقليم دكالة نظرا لخصوبة أراضيه واعتماد أغلبية ساكنته على الفلاحة (زراعة الحبوب والقطاني والشمندر والخضروات...)، الأمر الذي يدفع إلى الاستعمال المفرط للمواد الكيماوية والمبيدات، وكذلك بفعل النفايات المنزلية بنوعيها الصلبة والسائلة والتي يتم إلقاؤها بصفة مباشرة تشكل هي الأخرى خطرا على التربة وجودتها الفيزيائية والكيميائية. ويتمثل التلوث المحتمل في بقايا المعادن والملح على المستوى الفيزيائي، نذكر هنا المواد التي تعمل على انسداد التربة، حيث تعمل على تقليص التبادلات الغازية مع الجو أيضا. على مستوى معدلات تسرب المياه والأنشطة الإحيائية بداخل التربة، وكذلك النفايات الخشنة مثل قطع الزجاج والحديد، إضافة إلى عناصر أخرى، وهي كلها تشكل عاملا في تدهور جودة التربة وخاصة بالأراضي الفلاحية والغابوية والرعوية .
إن مظاهر تلوث التربة بالإقليم تبقى محصورة في رمي النفايات الخطرة والاستخدام غير المعقلن للمبيدات وما يسببه من مخاطر بيئية (تلوث التربة و المياه) خصوصا بمنطقة الواليدية وسيدي بنور والحوزية واحد أولاد افرج... لا سيما في المناطق المسقية، والتلوث المعدني بما في ذلك العناصر المعدنية واحتمال تلويثها للمياه الجوفية، ناهيك عن الكمية الهائلة من الأتربة التي يقذف بها معمل السكر عشوائيا صوب أراض فلاحية خصبة غالبا ما تؤدي الرياح إلى انتشارها في الأراضي المجاورة التي تصبح بدورها ملوثة.
عوامل تلوث الماء
تلوث الماء بإقليم دكالة (سيدي بنور والجديدة) ناجم عن عدة عوامل تكون سببا في فقدانه للجودة والقيمة الغذائية، وينقلب بفعل ذلك إلى عنصر مضر بصحة الكائنات الحية ومنها الإنسان.
تؤثر المطارح العشوائية (المزابل) سلبيا على المياه السطحية والجوفية، نظرا للمحتوى المائي العالي للقمامة، وكذلك مع تهاطل الأمطار، مما يتسبب في تراكم العناصر السامة التي يمكن أن تلوث المياه الجوفية، وكذلك مجاري المياه الأخرى.
مازالت معضلة نفايات المزابل بجماعات الإقليم مثال المزبلة المتواجدة بأولاد ناصر جماعة العطاطرة وكذلك معمل السكر وبعض المصانع المتواجدة بالجرف الأصفر، تلقي بظلالها القاتمة؛ فمن بين مصادر تلوث المياه العصارة الآتية من النفايات المنزلية وتلك المفرغة في المدافن غير الملائمة والمحاذية لمجاري المياه (السواقي). فرغم النداءات المتكررة للسكان المجاورين وكذا الأحياء المتضررة، فضلا عن نقل هذه «المعضلة» عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، بل مناقشتها وطرحها من طرف جهات مسؤولة، قصد إيجاد الحلول الآنية لهذه الظاهرة البيئية الخطيرة التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم، وبدرجة أكثر خطورة أثناء ارتفاع درجات الحرارة، ليس هناك تحرك فعلي وجاد للتصدي للظاهرة، حيث مازالت تنبعث من مجاري مصارفها وتعفنات محتوياتها روائح كريهة تزكم أنوف الساكنة، كما يصاحبها ظهور حشرات مضرة بصحة الإنسان والبهائم، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية على الفرشة المائية والسواقي المجاورة والمزروعات الفلاحية والغطاء النباتي بشكل عام. هذا فضلا عن الأخطار التي باتت تشكلها تلك النفايات التي امتدت لتطال أحياء أخرى كما هو الشأن بالنسبة للنفايات التي يلفظها معمل السكر بسيدي بنور والتي تصل حتى جماعة مولاي عبد الله بالجديدة عبر مجاري الواد الحار، كما لم تسلم المؤسسات التعليمية المجاورة من خطر هذا التلوث... الأمر الذي ينعكس سلبا على جودة المياه، حيث يكون مستهلكها من الإنسان أو الحيوان عرضة للتسمم والأمراض كالإسهال والكوليرا والزحار والطفيليات المعوية وحمى التيفويد.
مياه البحر هي الأخرى لا تسلم من التلوث جراء ما تستقبله من نفايات تلفظها المصانع والمعامل ،وكذا المياه العادمة القادمة من المنازل وغيرها... بالإضافة إلى المحروقات الدسمة التي تخلفها البواخر وقوارب الصيد ذات المحرك، الأمر الذي يتسبب في كوارث إيكولوجية حقيقية على مستوى الامتداد البحري لسواحل المنطقة مما يؤثر في المجال البيئي .
مظاهر تلوث الهواء
مصادر تلوث الهواء بالإقليم يمكن حصرها في ثلاث نقط رئيسية: - النشاط الصناعي الحرق المكشوف للقمامة- حرق اللدائن والأسلاك النحاسية المغلفة بمادة البلاستيك- النشاط الصناعي: يعتبر النشاط الصناعي من أهم العوامل المسببة لتلوث الهواء، حيث ينبعث غازات وأكسيد الكبريت So غازات وأكسيد النتروجين NO وأول وأكسيد الكربون والجسيمات العالقة وكم من مرة وقع تسرب كمية هامة من غاز البوطان في الجرف الأصفر واشتعال الحرائق بذات المكان في مادة الكبريت كما وقع مؤخرا، واقع بات يهدد المواطنين والمحيط الإيكولوجي، ويدق ناقوس الخطر. وكانت كمية زهاء 70 طنا من الوقود تسربت الثلاثاء 6 يوليوز 2010، من أنابيب الوقود، بالجرف الأصفر. وأعقبت ذلك، نازلة تسرب كمية طن من غاز البوطان يوم الجمعة 3 شتنبر الماضي.
وإذا كانت الساكنة تشكو في الجديدة بسبب التلوث، فإن نفس الشيء حاصل بسيدي بنور بخصوص معمل السكر، الأستاذ عبد الرحيم في معرض تصريحه للجريدة أشار إلى أن الرائحة النفاذة المنبعثة من المعمل تتسبب في تلوث الهواء الذي يستنشقه الناس بشكل دائم خصوصا ساكنة الجوار. والغريب أن هذه الرائحة الكريهة يلاحظها كل من يمر بالمدينة، فما بالك بالسكان الذين يقيمون بشكل دائم بها، فمن الممكن أن تؤدي هذه الرائحة إلى إصابتهم بالأمراض التنفسية المختلفة نتيجة اعتيادهم على تنفسها بشكل مستمر. ويلفت المتحدث انتباه الجهات المسؤولة إلى ضرورة اتخاذ إجراء حاسم لهذه المعضلة وكذا من قبل القائمين على إدارة المعمل، حيث لا أحد يستطيع العيش في محيط مليء بالغازات السامة والضارة بالصحة».
عامر لفحل أستاذ العلوم الفيزيائية أفاد الجريدة بأن غاز ثاني أكسيد الكبريت SO2 ينبعث من مداخن بعض المصانع وخاصة تلك التي تستخدم المازوت كوقود وكذلك ينبعث أيضا من المصانع الكيماوية، وهو غاز يهاجم الجهاز التنفسي للإنسان متسببا في الاختناق، ويتحد غاز ثاني أكسيد الكبريت مع الأكسجين الجوي مكونا ثالث أكسيد الكبريت SO3 الذي يذوب بشراهة في بخار الماء الموجود بالجو مكونا حمض الكبريتيك، والذي يعرف بالأمطار الحمضية، الذي يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان والكائنات الحية. كما يتلف الزراعات والممتلكات العامة ويؤثر بالسلب على التربة، موضحا أن غاز أول أكسيد النتروجين ينبعث من آلات احتراق الوقود بالسيارات والذي يتأكسد بالأكسجين الجوي أثناء النهار (أشعة الشمس) ليتكون غاز ثاني أكسيد النتروجين وغاز الأوزون، وكل من ثاني أكسيد النيتروجين، وغاز الأوزون له تأثير مؤكسد قوي يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان والكائنات الحية. كذلك يمكن لغاز ثاني أكسيد النيتروجين أن يذوب في بخار الماء مكونا حمض النيتريك (أمطار حمضية). ويلاحظ أن زيادة تركيزات غاز الأوزون وثاني أكسيد النيتروجين نهارا أو حول الطرق المرورية ذات الكثافة .
غاز أول أكسيد الكاربونCO2، هو غاز سام عديم اللون والرائحة ناتج من الاحتراق غير التام، يكون من هيموجلوبين الدم ما يعرف بالكربوكسي هيموجلوبين الذي يقلل من كفاءة كويرات الدم الحمراء في نقل الأكسجين لخلايا الجسم ولذلك يمكنه أن يسبب الاختناق.
في السياق ذاته يقول أحد الأطباء إن التلوث البيئي يتسبب في العديد من الأمراض من أبرزها أمراض العيون والجلد وظهور مشاكل على مستوى التنفس، بالإضافة إلى مضاعفات صحية تكتسي في بعض الأحيان نوعا من الخطورة، حيث يتعرض الإنسان بشكل مستمر لعدد لا حصر له من الميكروبات والجراثيم التي تدخل الجسم عادة عن طريق الفم مع المأكولات والمشروبات أو التنفس عن طريق الرئتين شهيقا أو عن طريق الجلد. وبخصوص التنفس يضيف المصدر ذاته أن الرئتين بالنسبة لإنسان متوسط العمر والحجم والفعالية تسحبان ما مقداره 20 لترا مكعبا من الهواء في اليوم. وعليه فإن أي تلوث في الهواء يصيب حتما الجهاز التنفسي ويؤثر مباشرة على الرئتين، لذلك يجب الوعي بمخاطر التلوث البيئي على صحة وسلامة جميع الكائنات الحية» .
الحرق المكشوف للقمامة: تفاقم مشكل القمامة ووجود أكوام كبيرة منها يؤدي إما إلى احتراق ذاتي أو يتم إحراق هذه الأكوام بواسطة الإنسان حتى يتخلص من الأكوام الموجودة، وأثناء الاحتراق تتصاعد الأدخنة والغازات المسببة لتلوث الهواء، ووجود المواد البلاستيكية في القمامة يمكن أن يكون مادة الديوكسين أثناء الحرق، وهي مواد ذات تأثير خطير على صحة الإنسان. وهذه المادة تم اكتشافها حديثا في الدول المتقدمة ناتجة عن حرق القمامة بواسطة المحارق الخاصة بذلك. كما أن النفايات المفرغة في المدافن غير الملائمة تتسبب حين تخزينها في تفريغ غازات حيوية وروائح كريهة مع نمو جراثيم مسببة للأمراض
حرق اللدائن والأسلاك النحاسية المغلفة بمادة البلاستيك : تلوث هذه الظاهرة الهواء وتتسبب في العديد من المخاطر في كل من سيدي بنور (أولاد عمران، الزمامرة، أربعاء العونات، بني هلال) والجديدة (أحد أولاد افرج، زاوية سيدي إسماعيل، آزمور...)، حيث يعمد العديد من بائعي لافراي إلى إحراق الأسلاك النحاسية الملفوفة بمادة البلاستيك، وكذا حرق آلات وتجهيزات منزلية قصد استخراج تلك المادة، ويعتبر البلاستيك من المواد العضوية الأكثر استعمالا في التلفيف، وهو مادة قابلة للاحتراق في الهواء...
بعد الخلاصة
إن الرقي الاجتماعي لإقليم دكالة، الذي هو مكون من مكونات التنمية المستدامة، لا ينفصل عن حماية البيئة، وأن لكل شخص الحق في العيش في بيئة سليمة، تضمن له الأمن والصحة والرخاء الاقتصادي والرقي الاجتماعي، وحيث تتم المحافظة على التراث الطبيعي والثقافي وجودة العيش، إن هذا الرقي يقوم بصفة خاصة على التضامن الاجتماعي، والتضامن بين الأجيال وعلى التضامن المجالي كما يقوم على مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى تكوين الشباب وتنمية الجماعات المحلية.
لقد ضاقت الساكنة صبرا مع الروائح الكريهة التي تنتشر لتغطي مساحة شاسعة بالمنطقة، وأصبح من الضروري تدخل الجهات المعنية بأوضاع البيئة وحمايتها لضمان بيئة سليمة خالية من المؤثرات السلبية ، سواء على صحتهم أو سلوكهم، باعتبار أن الإنسان ابن بيئته يتأثر بتأثرها، وعلى الجمعيات المدنية المهتمة بمجال البيئة محليا وإقليميا وجهويا، التدخل لحماية البيئة باستخدام كل الوسائل القانونية والضرورية لضمان تفعيل الاهتمام بالقضايا البيئية ووقف كل ضرر بصحة الساكنة ضمانا لحقها الثابت في العيش وسط بيئة سليمة من كل أنواع التلوث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.