اختارت أكاديمية المملكة المغربية، في إطار سلسلة الندوات التحضيرية للدورة 45 ، موضوع «أمريكا اللاتينية أفقا للتفكير »، أطره مساء أول أمس الأربعاء، كارلوس أنطونيو كراسكو وزير الثقافة السابق في بوليفيا، ومدير أمريكا اللاتينية باليونسكو. وركز أنطونيو كراسكو، الذي تناول الموضوع من ناحية «أمريكا اللاتينية بين الاندماج الجهوي والسياسة الجديدة للولايات المتحدةالأمريكية ،» على تاريخ أمريكا اللاتينية الذي شهد «أربعة قرون من الحكم الاستعماري أدى إلى تحرر ما فتئ يتعزز .» وقال أنطونيو كاراسكو إن هذا التحرر، الذي تبعته إقامة مجموعة من الجمهوريات المستقلة، ليس سوى خطوة نحو تحرير حقيقي، مؤكدا «غير أن هذه البلدان المحررة سقطت بسرعة في الديكتاتوريات العسكرية، حيث تخضع إلى إملاءات القوى الأوروبية أولا، وفي وقت لاحق إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال شركاتها متعددة الجنسيات، محرك الإمبريالية الأمريكية .» وأضاف أنطونيو كراسكو الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أرست «وصايتها في المجال السياسي وخاصة الاقتصادي، بإنشاء سياق يمكن الشركات الرأسمالية الأمريكية من الاستحواذ على الموارد الطبيعية للمنطقة، سواء في قطاع التعدين أو في قطاع الزراعة ». وأنه بعد سنوات عدة، يضيف كارلوس أنطونيو كاراسكو، وقع «حدث فريد » أعاد الأمل في إرساء علاقات أفضل بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوأمريكا اللاتينية، تمثل في وصول جون كينيدي إلى البيت الأبيض، قائلا إن كينيدي بدأ سياسة إغراء تجاه أمريكا اللاتينية، مع اقتراح «مذهل » للتعاون سمي «التحالف من أجل التقدم » الذي كلف واشنطن 10 ملايير دولار. وفي مرحلة لاحقة، يضيف أنطونيو كراسكو، ظهرت العديد من المنتديات حيث اجتمعت الولاياتالمتحدةالأمريكية و 35 دولة من أمريكا اللاتينية لمناقشة القضايا السياسية الحالية مثل منظمة الدول الأمريكية، وأن كوبا المستثناة منذ فترة طويلة من هذه المنظمة، انخرطت فيها في عام 2015 . وقد عُقد المنتدى الأول في ميامي، حيث لم يتم الإجماع على ما أطلق عليه منطقة التجارة الحرة للأمريكتين، الذي روج له الأمريكيون. وستعقد القمة التالية في ليما )بيرو( ما بين 13 و 14 أبريل 2018 . وأبرز أنطونيو كراسكو الأستاذ في مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية في باريس، أن السعي إلى التكامل الإقليمي في أمريكا اللاتينية هو مصدر انشغال دائم للحكومات وهو أيضا مصدر تطلعات عزيزة جدا لدى الشعوب. لكن العراقيل لتحقيق هذا الهدف تبقى ذات طبيعة جغرافية وسياسية واقتصادية. وأضاف المتحدث نفسه، «لقد رأينا، على سبيل المثال، أن بلدان أمريكا الوسطى أنشأت مؤسساتها الخاصة، كما هو شأن دول أمريكا الجنوبية. وكذلك قامت جزر الكاريبي بتطبيق نفس النهج. فيما تعتبر المكسيك نفسها جزءا من أمريكا الشمالية حيث تنتمي لمنطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا .» وأشار إلى أنه كان هناك قاسم مشترك وهو رغبة الأمريكيين اللاتينيين في التحرر من وصاية واشنطن، على شاكلة مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، التي نجحت في ضم جميع بلدان المنطقة، باستثناء الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، لكن هذه المنصة تبقى «رمزية » أكثر منها فعالة. وأضاف أن وصول دونالد ترامب لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية لم ييسر العلاقات مع بقية دول القارة، بل على العكس من ذلك، فإن مبادرته لبناء جدار على الحدود مع المكسيك أدت إلى تفاقم الثقة بين الطرفين. وأوضح أن هناك عائقا آخر لتحقيق هذا الهدف وهو عدم وجود علاقات بين الدول الكبرى مثل البرازيل والأرجنتين والمكسيك. ففي هذه البلدان، كما في بلدان أخرى، الفجوة بين الأغنياء والفقراء كبيرة للغاية، كما أن الإدماج الاجتماعي يعد مشكلة لم تجد طريقها نحو الحل. وأكد «لا تساهم منظمات الاندماج هذه بشكل كامل في غرضها الأصلي. فجميع قوانينها تنتج بيروقراطية أكثر ما تنتج إجراءات تعاون حقيقية .» وخلص إلى أنه ما زال أمام الاندماج الإقليمي طريق طويل، في حين لم يعد ذلك هدفا له أولوية في سياسة واشنطن الخارجية.