شهدت الجلسة الأخيرة من محاكمة المتهمين في ملف "عقار عين الدياب" أو ما يعرف بملف "السطو على عقارات الأجانب"، أول أمس الأربعاء، تطورات مثيرة وذلك بإصدار الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، أحكاما سجنية نافذة بلغت 41 عاما، في حق سبعة متهمين، وتراوحت بين 12 سنة سجنا والبراءة. وأدانت الغرفة المتهم العربي المكتفي، الموثق، ب 12 سنة سجنا، و7 سنوات سجنا نافذا في حق أربعة متهمين (مصطفى حيم - منعش عقاري، ولطفي بنزاكور- مقاول، وبلقاسم لغدايش، والحسين الحوزي - حارس الفيلا)، فيما أدانت رضوان الخلفاوي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، بسنة حبسا نافذا، وقضت في حق المستثمر الفرنسي المشتكي جيرار بنيطاح، المتابع في الملف نفسه، ومفجر هذا الملف، من أجل "خيانة الأمانة والنصب"، بالبراءة. كما قضت الغرفة بإرجاع المحامي مبلغ 37.5 مليون درهم لفائدة الطرف المطالب بالحق المدني، المشتكي بنيطاح، وأداء جميع المتهمين، تضامنا، مبلغ 2 مليون درهم، وإتلاف العقود والوثائق المثبت زوريتها، وقضت بعدم الاختصاص في المطالب المدنية المقدمة في حق بنيطاح. وتوبع المتهمون من أجل "تكوين عصابة إجرامية، والتزوير في محرر رسمي واستعماله، والنصب، وخيانة الأمانة، وقبول شيكات على سبيل الضمان"، كل حسب المنسوب إليه. ولم تنته التطورات المثيرة لهذه الجلسة عند إصدار الأحكام، بل أمر رئيس الجلسة بإعمال مقتضيات الفصل 431 من قانون المسطرة الجنائية، والأمر باعتقال الموثق وحارس الفيلا من داخل الجلسة، المتابعين في حالة سراح، إلى جانب المستثمر الفرنسي، فضلا عن أربعة متهمين، متابعين في حالة اعتقال. وأصدرت الغرفة هذه الأحكام في ساعة متأخرة من مساء أول أمس الأربعاء، بعد ثلاث ساعات من المداولة، وسط بكاء أفراد عائلات المتهمين، الذين بدا عليهم عدم توقع هذه الأحكام، التي وصفها الدفاع ب "القاسية". وانطلقت المحاكمة في حدود منتصف النهار، وانتهت في الثامنة مساء، استمعت خلالها هيئة الحكم إلى مرافعات الدفاع والكلمة الأخيرة للمتهمين، الذين رفضوا التحدث، باستثناء الموثق، الذي قال بنبرة حزينة "قمت بجميع الخطوات القانونية التي يفرضها علي عملي كموثق". وجرت أطوار الملف في أجواء عادية، بتقديم مذكرة دفاعية خاصة بالمحامي عبداللطيف وهبي، فيما اعتبر دفاع المتهم حيم أن غموضا يلف صفة بنيطاح في الملف، قائلا "مرة يقدم بصفة وراث، ثم وكيل، أو موصى له"، مضيفا أن المشتكي قدم وثيقة غير مذيلة بالصيغة التنفيذية أو مصادق عليها من طرف المصالح المختصة إلى هيئة المحكمة، وادعى أنها عقد إراثة، رغم أن القانون المدني الفرنسي، ينص على العقد المذكور، يجب تحريره أمام موثق وشاهدين. وأشار الدفاع إلى أن الرسالة النصية التي حملت عبارة "غادي نصيفو الكلب"، كانت بين بنيطاح وخالد صابر (في إشارة إلى المتهم حيم)، ليتدخل رئيس الجلسة، داعيا إياه إلى مناقشة الوقائع المنسوبة لموكله، ليتطرق الدفاع إلى التهم المنسوبة إلى موكله، مستغربا متابعته بمقتضى المادة 104 من ظهير التحفيظ العقاري، الذي وقع إلغاؤه، ومستعرضا خلاصة الخبرة المنجزة على العقد العرفي، التي أقرت صحة العقد والتواقيع المضمنة به، واستغرب من انتصاب بنيطاح طرفا مدنيا، رغم متابعته بالنصب وخيانة الأمانة في ممتلكات مالك العقار الراحل جورج بريسو. من جانبه، أبرز دفاع المتهم الخلفاوي (المحامي) أن هناك خطأ في التكييف الخاص بمتابعة موكله المتابع بجنحتين شملهما أمد التقادم. أما النقيب السابق لهيئة المحامين بالبيضاء، عبد اللطيف بوعشرين، الذي يدافع عن المتهم نفسه، فقال إن المحامي رضوان الخلفاوي قام بما يتوجب عليه من الناحية القانونية، قبل أن يصرخ أن "هناك تصريحات في هذا الملف مست الصفة السامية لموظفي الدولة.. وهذا تمرد.. ونحن ندافع عن شرف القضاء.. هذا تطاول على مؤسسة القضاء، ويجب اتخاذ اللازم من طرف النيابة العامة.. هذه التصريحات غير مقبولة من أيا كان جنسيته أو صفته أو ديانته". وتساءل دفاع المتهم بنزاكور عن سبب متابعة قاضي التحقيق لموكله بالفصل 352 من القانون الجنائي، الذي يؤكد على الصفة المهنية كمحدد لتشديد العقوبة، رغم أن موكله ليس بقاض ولا بعدل ولا موثق ولا موظف عمومي، قبل أن يقدم للهيئة القضائية أزيد من 30 اجتهادا وقرارا لمحكمة النقض، منتقدا لجوء قاضي التحقيق إلى "اجتهادات شرعية" عن شخص غير معلوم (معوض عبد التواب) حول الورقة العرفية، مستدلا بأن مفهوم الورقة الرسمية والورقة العرفية، توجد تعريفاتها في القانون والنص التشريعي لا في أقوال الفقهاء. وأوضح الدفاع أن الورقة الرسمية عرفها الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود، مضيفا أن الورقة الرسمية تأخذ قوتها الثبوتية في تلقيها من طرف موظف عمومي مؤهل قانونا، متسائلا "كيف يتابع موكلي بالتزوير في محرر رسمي، رغم أن الأمر يتعلق بورقة عرفية".