صادق مجلس النواب، يوم الاثنين المنصرم، في جلسة عمومية، بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، وبالأغلبية على مشروع قانون يقضي بحل المجلسين الجهويين لصيادلة الشمال والجنوب وإحداث لجنة خاصة. المصادقة بالإجماع على قانون التبرع بالأعضاء والأنسجة خلفت المصادقة بالإجماع على قانون التبرع بالأعضاء والأنسجة ارتياحا وسط مهنيي الصحة، وعائلات الأطفال المرضى بفقدان المناعة السريرية، أعضاء جمعية هاجر. وقال البروفيسور أحمد عزيز بوصفيحة، رئيس الوحدة السريرية في المركز الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، في تصريح ل"المغربية"، إن المصادقة على القانون بالإجماع "تعد حدثا تاريخيا في المغرب، بالنظر إلى أثره الإيجابي على صحة الأطفال المرضى، المصابين بعدد من أمراض المناعة، سواء المتعلقة بفقدان المناعة الأولية أو مرضى التلاسيميا". وأضاف أن هذا القانون ساهمت فيه مجموعة من الجهات، من وزارتي الصحة والعدل، ووسائل الإعلام، ونواب الأمة، بعد أن شعر الجميع، كل من موقع مسؤوليته، بأهمية تقديم المساعدة لطفل مريض في وضع صحي صعب، يتوقف بقاءه حيا على السماح له بالاستفادة من زراعة للأنسجة. وأكد بوصفيحة أن القانون الجديد سيسمح للأطفال بالاستفادة من التبرع بالأنسجة، ومنها النخاع العظمي، التي لا تشكل أي خطر صحي على المتبرع القاصر، تبعا إلى أن النخاع العظمي يتجدد بشكل سريع". وأشار المتخصص ذاته إلى القانون سيسمح بتطوير هذا التخصص الطبي وسينقذ العديد من أرواح الأطفال المرضى في المغرب. من جهته، أوضح الحسين الوردي، وزير الصحة، أن "المشروع يقترح تغيير المادة 11 من القانون 98/16 التي تنص على أنه "لا يجوز أخذ عضو لأجل زرعه من شخص حي قاصر أو من شخص حي راشد يخضع لإجراء من إجراءات الحماية القانونية"، على اعتبار أن هذا القانون لم يميز بين الأعضاء والأنسجة البشرية، في حين أن التبرع بهذه الأخيرة وزرعها لا يشكل خطرا على المتبرع مهما كان سنه مقارنة مع أخذ الأعضاء وزرعها". وأشار إلى أن التغيير المقترح "يهدف إلى السماح بأخذ الخلايا الأصلية المكونة للدم من شخص قاصر لفائدة أخيه أو أخته، على اعتبار أن الواقع أفرز بعض الحالات التي استدعت ضرورة أخذ خلايا أصلية مكونة للدم من قاصر لأجل إنقاذ حياة أخيه في غياب متبرع راشد من العائلة". ويجيز القانون المصادق عليه التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها من شخص قاصر، بعد أن أفرز الواقع بعض الحالات، التي استدعت ضرورة أخذ خلايا أصلية مكونة للدم من قاصر لأجل إنقاذ حياة أخيه في غياب متبرع راشد من العائلة. ومن الأمثلة الحية على ذلك، حالة الرضيع سعد ديدوح، المزداد في غشت 2012، الذي رفضت رئاسة المحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء، خلال فترة سابقة عن تقديم مشروع قانون معدل للقانون السابق، تقديم إذن استثنائي لإجراء عملية مستعجلة وحيوية لزراعة النخاع العظمي للرضيع، انطلاقا من جزء من النخاع العظمي لشقيق له يكبره بأربع سنوات، بينما أذنت وزارة الصحة، استثنائيا، بإجراء العملية، لإنقاذ حياة الرضيع، كما أوضح ذلك، البروفيسور عزيز بوصفيحة، رئيس وحدة المناعة السريرية في مستشفى الأطفال بابن رشد في الدارالبيضاء، في تصريح ل"المغربية". ويعود سيناريو إجراء التتميم القانوني المذكور إلى تقدم وزارة الصحة بمشروع قانون متمم بعد إصدار وزارة الصحة لمشروع قانون يحمل رقم 109.13، يتمم القانون رقم 98-16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، وذلك بمادة فريدة، تتمم المادة 11 من القانون رقم 98-16، التي بموجبها سيسمح للأطفال المرضى الاستفادة من التبرع بأنسجة إخوانهم الأطفال. وجرى تتميم المادة 11 من قانون التبرع بالأعضاء والأنسجة، التي لم يميز فيها القانون بين الأعضاء والأنسجة البشرية، في حين أن التبرع بهذه الأخيرة لا يشكل خطرا على المتبرع مهما كان سنه مقارنة مع أخذ الأعضاء وزرعها، حسب التفاصيل الواردة في المذكرة التقديمية لمشروع القانون الصادر عن وزارة الصحة. وتنص المادة 11 من القانون على "أنه لا يجوز أخذ عضو لأجل زرعه من شخص حي قاصر أو من شخص حي راشد يخضع لإجراء من إجراءات الحماية القانونية". وبالنظر إلى ضرورة التدخل السريع لإنقاذ حياة طفل يداهمه الموت، اقترحت وزارة الصحة تغيير المادة 11 من القانون 16/98 للسماح بأخذ الخلايا الأصلية المكونة للدم من شخص قاصر لفائدة أخيه أو أخته. ويقترح القانون إحاطة هذا الإجراء بإذن من السلطة الحكومية المختصة، أي وزارة الصحة، مشفوع بأربعة شروط مجتمعة. ومن هذه الشروط، "أن يوافق الوالدان معا على إجراء العملية، وفي حالة غيابهما أن يوافق القاضي أو الوصي أو المقدم، بالإضافة إلى أحد الوالدين في حالة وجوده، على عملية الأخذ مع مراعاة أحكام المادتين 8 و10 من القانون المشار إليه أعلاه". وينضاف إلى هذه الشروط، أيضا، "ألا تشكل عملية الأخذ أي خطر حال أو محتمل على نمو القاصر بالنظر إلى سنه، وأن لا يوجد ضمن العائلة متبرع راشد متوافق بما فيه الكفاية مع المتبرع له، وأن يتم إخبار المتبرع القاصر بعملية الأخذ قصد التعبير عن إرادته، إذ يعتبر رفضه مانعا لها". يجدر بالذكر أن مرض فقدان المناعة الأولية يتسبب في فقدان طفل أو طفلين يوميا، فيما يوجد 20 طفلا وطفلة، حاليا، في مستشفى أطفال عبد الرحيم الهاروشي بالدارالبيضاء، ينتظرون دورهم لإجراء عمليات جراحية للاستفادة من زراعة النخاع العظمي، لمساعدتهم على استعادة مناعتهم الذاتية لمحاربة الأمراض. وتسجل مصالح طب الأطفال قرابة 450 إصابة جديدة سنويا بفقدان المناعة الأولي عند الرضع، وتفيد التقديرات إصابة وليد واحد من بين 200 ولادة جديدة سنويا، من أصل 600 ألف ولادة سنويا بالمغرب. المصادقة بالأغلبية على حل المجالس الجهوية لصيادلة الشمال والجنوب من جهة أخرى، شهدت الجلسة العمومية لمجلس النواب المصادقة بالأغلبية على حل المجالس الجهوية لصيادلة الشمال والجنوب. وقال وزير الصحة، في مداخلة بالمناسبة، إن "وضعية المجالس الجهوية للشمال والجنوب شكلت، منذ مدة، عائقا أمام حسن سير وعمل المجلس الوطني برمته، المكون، إضافة إلى المجلسين المذكورين، من مجلس الصيادلة الإحيائيين ومجلس الصيادلة المصنعين والموزعين". وأوضح الوردي أنه "نظرا لأن بعض أحكام الظهير الشريف، بمثابة قانون رقم 453- 75-1 كانت من بين أسباب المشاكل المثارة بمناسبة مختلف عمليات انتخابات أعضاء هذين المجلسين، سيما تلك المتعلقة بالتصويت بالمراسلة، فإن مشروع القانون نص على اعتبار حق التصويت حقا شخصيا لا يمكن تفويضه، مع منع التصويت بالمراسلة، كما نص على عدم العمل مؤقتا بالشرط القاضي بأداء الصيادلة ما عليهم من اشتراكات، سواء بصفتهم مترشحين أو ناخبين". من جهته، قال عبد الرزاق المنفلوطي، رئيس المجلس الجهوي لصيادلة الشمال والجنوب، في تصريح ل"المغربية"، إن "مصادقة مجلس النواب على مشروع قانون يقضي بحل المجالس الجهوية لصيادلة الشمال والجنوب، مخالف لمقتضيات الدستور، على اعتبار أن الهيئات المنظمة بقانون غير مندرجة ضمن صلاحيات البرلمان". وتحدث المنفلوطي عن أن مسطرة التصويت على مشروع القانون، الذي تقدمت به وزارة الصحة، لم تستكمل بعد، معبرا عن مراهنته على المعارضة، التي لم تصوت على مشروع القانون، على إحالته على المجلس الدستور ليقول كلمته فيه". يشار إلى أن وزارة الصحة أصدرت، منذ فترة، مشروع قانون يقضي بحل المجلسين الجهويين لصيادلة الشمال والجنوب وإحداث هيأة للصيادلة. وتضمنت المذكرة التقديمية لمشروع القانون أنه "بناء على ما تشكله المجالس الجهوية للشمال والجنوب "من عائق أمام حسن سير وعمل المجلس الوطني للصيادلة برمته، رغم سلامة الوضعية القانونية للمجلسين" حسب مضامين مشروع القانون. وينص القانون الجديد على مجموعة من المقتضيات بهدف انجاح انتخابات المجلسين، منها "التنصيص على اعتبار حق التصويت، حقا شخصيا لا يمكن تفويضه، إلى جانب منع التصويت بالمراسلة، وعدم العمل مؤقتا بالشرط القاضي بأداء الصيادلة ما عليهم من اشتراكات سواء بصفتهم مترشحين أو ناخبين". ينضاف إلى ذلك تنصيص القانون على "وقف العمل مؤقتا بشرط أداء واجب الاشتراكات من أجل المشاركة في انتخابات المجلسين الجهويين على أساس أن يتم استيفاؤه لاحقا". كما ينص على "إجراء الانتخابات في دورة واحدة بواسطة الاقتراع الأحادي الإسمي السري وبالأغلبية النسبية للأصوات المعبر عنها". ولترجمة هذه المقتضيات على أرض الواقع، يتضمن القانون المصادق عليه في مجلس النواب إحداث لجنة خاصة تناط بها مهمة تحضير وتنظيم انتخابات أعضاء مجلسين جهويين جديدين، وتكليف هذه اللجنة بتصريف أعمال المجلسين الجهويين اللذين ثم حلهما، وفقا للنظام الداخلي الذي يحدد كيفيات سير عمل اللجنة. وتتولى اللجنة الخاصة تحضير وتنظيم انتخابات أعضاء المجلسين الجهويين الجديدين لصيادلة الشمال والجنوب، كما تعمل، خلال مدة أقصاها 12 شهرا، من تاريخ شروعها في مزاولة مهامها. ولتصح مداولات اللجنة يجب أن يحضرها على الأقل أحد عشر عضوا من أعضائها، يكون من بينهم الرئيس. وتتخذ اللجنة قراراتها بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وفي حالة تعادل الأصوات، يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس. وتضم تشكيلة اللجنة الخاصة، حسب القانون، علاوة على رئيسها الذي يمثل الإدارة، عشرة صيادلة وعشرة ممثلين عن الإدارة، يعينون جميعا بمرسوم.