تكريسا لثقافة الاعتراف التي ميزت المهرجان الوطني للفيلم منذ تأسيسه عام 1982، من المنتظر أن تكرم الدورة 15 من هذا العرس السينمائي الوطني، الذي تحتضنه مدينة طنجة من 7 إلى 15 فبراير الجاري بطنجة ثلاثة وجوه سينمائية مغربية وتستحضر الأسماء التي رحلت عن عالمنا سنة 2013. المرحوم محمد الحبشي يتعلق الأمر بالناقد والسوسيولوجي المغربي محمد الدهان، الذي بصم حضوره في الدورات السابقة من المهرجان بمداخلاته القيمة وقراءاته النقدية الرصينة لعدد من الأفلام المغربية، وعبد الرزاق غازي فخر أحد المناضلين بالجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، منذ تأسيسها في مارس 1973، والفنان العالمي حميدو بنمسعود، الذي جسد العديد من الأدوار العالمية في السينما الفرنسية والأمريكية منذ مطلع الستينيات من القرن المنصرم، وصاحب الأدوار المتميزة في السينما المغربية محمد الحبشي، الذي يعد أول فائز بجائزة أحسن ممثل في الدورة الأولى التي نظمت عام 1982 بالرباط عن دوره في فيلم "السراب" للراحل أحمد البوعناني في أول دورة للمهرجان. ويعد الدهان، الذي غادر إلى دار البقاء السنة الماضية على إثر أزمة قلبية ألمت به في طنجة، أحد أبرز النقاد المغاربة في السينما، إذ مارس الفقيد التنشيط السينمائي منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي داخل "الاتحاد المغربي للنوادي السينمائية"، وبعده في إطار "الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب". كما عرف ببرنامجه التلفزيوني "الشاشة الكبرى" بالقناة الأولى٬ الذي استضاف من خلاله العديد من وجوه السينما الوطنية والعربية والعالمية، بالإضافة إلى مساهماته الغزيرة في مجموعة من الندوات والمهرجانات السينمائية الوطنية والأجنبية. أما عبد الرزاق غازي فخر، الذي توفي عن عمر يناهز 70 سنة، فيعد أحد الأعضاء المساهمين في وضع اللبنات الأولى لمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية سنة 1977. وتحمل عبد الرزاق غازي فخر (1943 – 2013 ) مسؤوليات عديدة بالجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب منذ تأسيسها في مارس 1973 إلى 1992. ويعد الفنان حميدو بنمسعود، الذي توفي، حديثا، بأحد المستشفيات باريس عن عمر 78 سنة، من بين الأسماء العالمية التي تدرجت في مجالات المسرح والسينما والتلفزيون على الصعيد الدولي إلى جانب فنانين كبار كجان لوي بارو، ومادلين رونو، وكلود لولوش وغيرهم، بالإضافة إلى مساهمته العديدة في الأفلام التلفزيونية والسينمائية والمسرحية المغربية مع فنانين كبار من جيل الرواد ومن الشباب. بدأت تجربة هذا الفنان العالمي، الذي ولد في ثاني غشت 1935 بالرباط، بالتحاقه بفرقة مسرحية تابعة لإذاعة "راديو ماروك " في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، تحت إشراف عبد الله شقرون، وتمكن رفقة هذا الأخير ومجموعة من الممثلين المغاربة الشباب آنذاك (أمينة رشيد، وحمادي عمور، والطيب الصديقي، وحمادي التونسي ...) من الوقوف لأول مرة أمام كاميرا السينما كممثل في الفيلم الفرنسي المغربي المصري المشترك "طبيب رغم أنفه"، المقتبس سيناريوه عن مسرحية لموليير، والمصورة مشاهده الداخلية باستوديوهات السويسي بالرباط، والخارجية بدارالسلام وحدائق الوداية، من طرف المخرج الفرنسي هنري جاك سنة 1955. وفي السنة الموالية، هاجر حميدو إلى باريس، عاصمة الثقافة والفنون، والتحق ب"كونسيرفاتوار" الفن الدرامي بها. وبعد تخرجه وحصوله على الجائزة الأولى في التشخيص، التحق بفرقة "الأوديون" المسرحية الفرنسية، ومن هنا كانت البداية الفعلية والحقيقية له كممثل. أما الراحل محمد الحبشي الفنان، الذي يعد من أشهر الممثلين السينمائيين المغاربة، فعرف بقوة أدائه وكاريزميته المميزة في عدد من الأفلام المغربية البارزة، مثل "عرس الدم" لسهيل بنبركة، و"السراب" لمحمد البوعناني، و"حلاق درب الفقراء" للراحل محمد الركاب. كما وقع الراحل حضوره في أعمال مسرحية رفقة الفنان الطيب الصديقي، لكن انشغالات شخصية حرمت السينما والمسرح في المغرب من وجه متفرد من وجوه التمثيل. وبالإضافة إلى فقرة التكريمات، ستتميز الدورة 15، بتنظيم مسابقتين رسميتين للأفلام الطويلة والقصيرة، ولقاء مهني يتمحور حول توصيات "الكتاب الأبيض للسينما المغربية"، ندوات صحفية وأنشطة موازية، بالإضافة إلى تقديم الحصيلة السنوية لسنة 2013. وستتبارى 43 فيلما على جوائز الدورة 15، منها 22 شريطا روائيا طويلا و21 قصيرا. وتتشكل لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، التي يترأسها الباحث الجامعي والوزير السابق المغربي عبد الله ساعف، من الناقد السينمائي والأستاذ الجامعي بوشتى فرقزايد، والباحثة التيجانية فرتات، والكاتب الروائي الطنجاوي بهاء الدين الطود من المغرب، والمنتجة الفرنسية ماريان دومولان، والمخرج السينمائي التونسي رشيد فرشيو، والناقد السينمائي المصري علي أبو شادي. أما لجنة تحكيم الفيلم القصير، التي يترأسها المخرج والمنتج السينمائي المغربي عبدو عشوبة، فتتشكل من الناقد السينمائي ومدير المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات ضمير اليقوتي، والشاعر والصحافي بإذاعة طنجة عبد اللطيف بنيحيى، والمخرج والمنتج السينمائي أودي روس من اللوكسمبورغ، والصحافية والسوسيولوجية الفرنسية وأوزانس سيلو كييفير.