نظمت الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات، مطلع هذه السنة، عددا من الأنشطة التوعوية، في كل من الدارالبيضاء، وسلا، ومكناس، كما تعتزم تنظيم لقاء آخر في مدينة شفشاون الشهر المقبل، للتحسيس بآفة التدخين، التي تنتشر في صفوف الأطفال والمراهقين. حسن البغدادي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات ودفع اتساع ظاهرة التدخين لدى الأطفال والمراهقين الجمعية لدق ناقوس الخطر، إذ كشفت آخر دراسة لها أن 9،13 في المائة من المدخنين تقل أعمارهم عن 15 سنة. في هذا الإطار، قال حسن البغدادي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات، في اتصال ب"المغربية"، إن "مدارسنا صارت تعج بالحوادث المؤلمة نتيجة تعاطي فلذات أكبادنا للتدخين في غياب سياسة واضحة للحد من تداعيات هذه الآفة، إن على المستوى الصحي، أو الاجتماعي، أو البيئي". كشف تقرير صادر عن الجمعية المغربية لمحاربة التدخين، أن ظاهرة تدخين التلاميذ والطلبة، ذكورا وإناثا، في ارتفاع. وأفاد حسن البغدادي رئيس الجمعية المذكورة، في تصريح ل"المغربية"، أن الإحصائيات التي كشفت عنها الجمعية تبين أن 13،9 في المائة ممن لا تفوق أعمارهم 15 سنة يدخنون و34،5 في المائة ممن لا تفوق أعمارهم 20 سنة، و36،9 بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و34 سنة". وأوضح أن "هذه الإحصائيات تختلف نسبها باختلاف السن والجنس، بحيث لا يمكن حصرها في نسبة معينة داخل أجل معين أو لنوع أو اسم معين، لأن المنخرطين الجدد في الجمعية المغربية لمحاربة التدخين في تزايد مستمر، وعلى ضوء التجربة الميدانية للجمعية، من المؤكد أن المدخنين المراهقين في تصاعد خطير". وبالنسبة للمعايير التي تعتمد عليها الجمعية في إحصائياتها، يقول المتحدث، فإنها "تتمثل في بعض المحددات، كالسن، والمستوى الدراسي، والثقافي، والسوسيو اقتصادي، بالإضافة إلى العامل الجغرافي والعامل الاجتماعي". وأضاف رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين، أن "التجارب الميدانية التي راكمتها الجمعية، مكنتها من التأكد من الحقيقة المرة وهي أن المراهقين، مع كامل الأسف، هم الشريحة الأكثر تعاطيا للتدخين، لأن منطق الربح يفرض نفسه، ومن ثمة فإن لوبي الاتجار في السجائر يهمه جدا أن يزيد من زبنائه طولا وعرضا، ذكورا كانوا أم إناثا، بدافع توسيع دائرة الزبناء، خاصة منهم الأحداث، تحقيقا لأطول مدة ممكنة من التدخين لدى الأشخاص، وضمانا لاستمرار وتزايد المداخيل، الأمر للأسف لا يحتاج إلى بحث أو دراسة، فمدارسنا صارت تعج بالحوادث المؤلمة نتيجة تعاطي فلذات أكبادنا للتدخين في غياب سياسة واضحة للحد من تداعيات هذه الآفة. وأكد المتحدث أن نسبة الإدمان على السجائر هي الأسرع انتشارا وسط المراهقين مقارنة بباقي الفئات، وهذا ما دفع الجمعية لتركيز أنشطتها التوعوية والتحسيسية داخل الفضاءات التي يوجد بها هؤلاء. لا للتطبع مع التدخين.. لاحظت الجمعية في الآونة الأخيرة كيف ارتفعت أصوات مطالبة بالتطبيع التام مع ظاهرة الإدمان، مناصرة بذلك لوبي إنتاج وتجارة وترويج هذه المواد القاتلة عبر البحث عن غطاء قانوني، وعدم وجود الكفاءة الضرورية للتوجيه والمتابعة لدى القائمين على المؤسسات التربوية والتعليمية والأمنية، بدءا من الأسرة ومرورا بالمدرسة، ووصولا إلى المؤسسات المسؤولة عن تطبيق القوانين الخاصة بالتصدي للظاهرة، بالإضافة للجانب النفسي للمراهق الذي تتسم شخصيته بسرعة التأثر بالمحيط الخارجي وبحب المغامرة والمخاطرة في غياب برامج تلفزية يومية عبر التلفزيون المغربي من شأنها أن توجهه وتحد على الأقل من التطبيع الممنهج للوبي تجارة وصناعة التبغ، الذي يسعى بكل إمكاناته المتطورة للتغرير بالمراهقين، فضلا عن المواد المخدرة التي لها خاصية التفاعل الفيزيولوجي مع الجسم والتي تتمثل في إحداث الشعور بالخصاص عقب أول عملية تدخين". وفي ما يتعلق بالطرق التي تعتمدها الجمعية لمحاربة التدخين، يقول الفاعل الجمعوي، فإنها "تتجلى في تنظيم حملات توعوية وتحسيسية مكثفة في الزمان والمكان لفائدة شباب المؤسسات التعليمية، والتكوينية، والتربوية، والإصلاحية في المقام الأول، وتوجيه ومرافقة الراغبين في الإقلاع عن التدخين على ضوء تلك الحملات، إلى المصالح والمراكز الاستشفائية التي تربطها شراكات مع الجمعية". وفي هذا الصدد، تقدمت الجمعية، حسب رئيسها، بمشروع بناء مركز لعلاج الإدمان بمدينة مكناس، وقد حظي بالقبول، وينتظر البدء في أشغال البناء قريبا، كما تعتمد الجمعية لمواجهة هذه الآفة على المقاربة القانونية، وتشمل العمل على حث المتدخلين والمهتمين في مجال التشريعات القانونية والمكلفين بضبط الأمن على أجرأة قانون منع التدخين 15/91 وتحيينه، مع قيام السلطات الأمنية بحماية التلاميذ من مروجي وبائعي التبغ بأبواب المؤسسات التي يدرسون بها، فضلا عن تفعيل المقاربة التشاركية التي تهدف الجمعية بواسطتها إلى تحقيق انخراط أكبر للفاعلين الرسميين والجمعويين في هذا الورش، الذي فتحته الجمعية للتصدي لآلة الهدم لمشروعها المجتمعي. منع التدخين بالأماكن العامة بالنسبة لاستمرار التدخين في الأماكن العامة في المغرب، يقول الفاعل الجمعوي، إن "هذا الأمر يرجع إلى عدم تفعيل المساطر الإجرائية الخاصة، التي كان من المفروض أن تصاحب قانون منع التدخين، وهذه الثغرة توضح بجلاء الضعف الذي طبع الإرادة السياسية لدى جميع الحكومات المتعاقبة، على اختلاف مشاربها الحزبية والسياسية، زد على ذلك التطبيع الممنهج من بعض وسائل الإعلام، لبثهم برامج تحمل إشارات قوية للدعوة إلى التدخين". وأوضح أن "عددا من البلدان المتقدمة، التي تخاف على صحة شعوبها، تفرض حكوماتها على جميع قنواتها التلفزيونية بث إعلانات مرئية ومسموعة وربورتاجات متواصلة للتذكير بمخاطر التدخين، باعتباره السبب الرئيسي في وفاة ما لا يقل عن 6 ملايين شخص سنويا، وتنشر إعلانات بصور مؤثرة ومخيفة لجعل مواطنيها ينفرون من التدخين بعد توقع العلماء ارتفاع عدد قتلى التدخين إلى 10 ملايين عند حلول عام 2020 وبأن 70 في المائة من هذه الوفيات ستكون في الدول النامية". وعن انعكاسات التدخين على صحة المدخنين، نبه البغدادي إلى فاتورة التدخين وضخامتها على المستوى الصحي للمواطن، إذ يكفي التذكير بان التدخين يعتبر المسبب الأول لأمراض القلب والشرايين التي تعد العامل الأول للوفيات عبر العالم والدول النامية مثل المغرب، إلا أن ثمة عواقب أخرى غير مباشرة تهم جوانب اقتصادية واجتماعية.