عندما التقى وفدا الحكومة والمعارضة السوريتان على مائدة التفاوض للمرة الأولى منذ بدء الصراع قبل ما يقرب من ثلاثة أعوام كانت الأولوية الأولى لمنع انسحاب أي منهما. اللاجئون السوريون يتابعون أخبار جنيف 2 ويأملون في عودة قريبة (خاص) منح الدبلوماسيون في جنيف، حيث تجرى المحادثات، أهمية كبيرة لجلوس الجانبين في قاعة واحدة، لكن زمام الأمور انفلت حتى عم الهرج والمرج القاعة في إحدى المراحل. ومع ذلك يبقى الواقع أن الجانبين التقيا بالفعل في قاعة المؤتمرات بعد أن استرضاهما المسؤولون الذين رتبوا جدول الأعمال من خلال منح كل وفد شيئا يقنعه بالاستمرار. ولم يشأ أي من الدبلوماسيين الذين تحدثت إليهم رويترز لإعداد هذا الموضوع مجرد تصور عواقب الفشل. وقال مصدر دبلوماسي، اشترط مثل الآخرين عدم نشر اسمه بسبب حساسية المفاوضات، "إذا فشل هذا المؤتمر فسيتفجر الوضع على المستوى الإقليمي". وبدأ وسيط الأممالمتحدة الأخضر الإبراهيمي بالتركيز على التوصل إلى اتفاق يتيح توصيل المساعدات الإنسانية إلى مدينة حمص المحاصرة قبل توجيه دفة المفاوضات نحو موضوع التسوية السياسية للحرب، التي قتلت زهاء 130 ألف شخص وشردت الملايين. وأبدى الجانبان استعدادهما لمناقشة وثيقة عام 2012 التي تدعو لعملية انتقالية لكن كلا منهما يفسرها بطريقة مختلفة. فالمعارضة تقول إنها تعني تنحي الرئيس بشار الأسد فيما تقول الحكومة إن دعوات رحيله ضرب من الخيال. ويقول دبلوماسيون إن إيجاد مخرج من هذه الدائرة المقفلة يتطلب الحفاظ على استمرار المحادثات لأشهر وربما لسنوات. ويتعلق الأمل في هذه الحالة بتغير تركيب الوفدين مع مرور الوقت، فيصبح وفد المعارضة أكثر تمثيلا للمقاتلين في الداخل ويعبر وفد الحكومة عن تجدد الشكوك في إمكانية استمرار الأسد. وقال المصدر الدبلوماسي "كلما طالت المحادثات زاد احتمال مشاركة معارضين مختلفين في العملية." وقالت مصادر أخرى إنه إذا مضت عملية جنيف قدما فقد يضعف تأييد الأسد بين أعضاء وفد الحكومة. لكن وحدة المعارضة لا تقل هشاشة في أحسن التقديرات وستتعرض لامتحان صعب إذا طالت المحادثات دون نتيجة. ولا يمكن أيضا اعتبار استمرار القبول بالمفاوضات الذي أبدته بعض جماعات المقاتلين في سوريا أمرا مفروغا منه كما يرفضها المقاتلون المرتبطون بالقاعدة رفضا قاطعا. على أي حال، جلس الوفدان في صمت على الضلعين المتقابلين من مائدة على شكل مستطيل ينقصه ضلع فيما مضى الإبراهيمي يعرض جدول الأعمال الذي أعده. وعندما تحدث رئيسا الوفدين كان حديثهما موجها إلى الإبراهيمي لا إلى الطرف الآخر. وتهدف تلك الطريقة المجهدة في إدارة هذه المرحلة من المفاوضات إلى تقليل الاحتكاك إلى أدنى قدر ممكن والحد من التعبير عن الكراهية المتبادلة وتأتي في إطار الجهود الدبلوماسية الدقيقة للحفاظ على استمرار الجانبين في المحادثات. وقال دبلوماسي غربي، بعد أول لقاء مباشر يعقده الجانبان في المقر الأوروبي للأمم المتحدة، "هذه هي طبيعة الوضع الذي يمكن أن يتعثر أو ينفجر في أي يوم". وأضاف في دعابة لا تخلو من جد أن القاعة التي يضمها جزء معزول من مجمع الأممالمتحدة الكبير اختيرت خصيصا لصعوبة الوصول إليها ووقوعها خارج النطاق المتاح لحركة الصحافيين والدبلوماسيين وأي أشكال أخرى من التدخل. وواكبت هذه الاستعدادات العملية جهودا دبلوماسية تتسم بالصبر والدأب من جانب الإبراهيمي نفسه في الأشهر السابقة على المحادثات، خلال سعيه مع الولاياتالمتحدة وروسيا لدفع الجانبين نحو عملية التفاوض. وقال مصدر دبلوماسي آخر في جنيف عشية المحادثات، التي لم توافق المعارضة رسميا على حضورها إلا قبل قرابة أسبوع، "المتوقع محدود ولذلك سنتابع تطور الأمور يوما بيوم. كل يوم تستمر فيه المحادثات بينهم يمثل خطوة صغيرة إلى الأمام.