تعيش بلادنا على إيقاع عقد سلسلة من الاجتماعات، الغاية منها بحث سبل إصلاح قطاع التعليم باعتباره رافعة مهمة للإقلاع بالمواطن والوطن على حد سواء. بموازاة مع ذلك جرى يوم الخميس الماضي بالرباط، تقديم مشروع قانون رقم 12 . 105 المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الذي نص على إحداثه دستور سنة 2011 في الفصل 168 ، باعتباره هيئة استشارية مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي. ولتحقيق الأهداف المرجوة، في ما يخص الإقلاع في مجال التربية والتكوين استجابة للتوجيهات الملكية السامية، ينبغي الطرح الموضوعي للإشكالات وتحديد الاختلالات تماشيا مع ما جاء في الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 20 غشت المنصرم، كما يجب في المقام الأول نكران الذات ووضع الصالح العام فوق كل اعتبار، والتحلي بالصبر لأن الطريق كما قال صاحب الجلالة في الخطاب نفسه "ما يزال شاقا وطويلا أمام هذا القطاع، للقيام بدوره كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث يبقى السؤال الملح الذي يطرح نفسه: لماذا لا تستطيع فئات من شبابنا تحقيق تطلعاتها المشروعة على المستوى المهني والمادي والاجتماعي". ينبغي التأكيد أن قطار تعليم الغد انطلق اليوم، ويجب أن تتظافر الجهود للتغلب على كل المشاكل التي تحول دون تحقيق المبتغى من التعليم رغم أن المغرب يوليه أهمية بالغة، ويعول عليه لتحقيق أهدافه، وبناء مغرب الألفية على أسس متينة، في مقدمتها العلم والمعرفة، وذلك عبر القطع مع التخصصات المتجاوزة، التي تفقد التعليم معناه، وتزيغ به إلى سكة تخريج العاطلين، في حال عدم الاستجابة لمتطلبات العصر وسوق الشغل باعتبارها القناة التي تصب فيها جيوش المتخرجين. لقد أجمع العاملون في قطاع التعليم، والمهتمون، على أن جلالة الملك عود شعبه على تسمية الأشياء بمسمياتها، وهي دعوة للجميع للتحلي بالشجاعة، لأنه وكما قال جلالة الملك"الوضع الراهن لقطاع التربية والتكوين يقتضي إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف والاختلالات". لكن لا ينبغي الاتكاء على ذريعة ضرورة التوفر على الوقت للتشخيص وتحديد الأولويات، لأن الغاية تبرر الوسيلة، فهدف المغرب هو الارتقاء بالتعليم، ولا بد من التعامل مع ذلك بما يتطلبه من حزم، وينبغي أخذ العبرة والتقاط الإشارات، فجلالة الملك عين في اليوم نفسه الذي نبه فيه إلى ما يعانيه التعليم في بلادنا، 20 غشت 2013، عمر عزيمان رئيسا للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، كما أشار البرنامج الحكومي إلى ضرورة التفعيل الأمثل والسريع للمجلس قصد تمكينه من مباشرة مهامه في أقرب الآجال. إن عجلات الزمان تدور، ولا تنتظر من يتخلف عن الركب أيا كانت مبرراته، ونحن أمام تحد وفرصة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وينبغي القطع مع زمن الحسابات الضيقة لنؤمن مستقبل بلادنا والأجيال القادمة، التي ليست في حاجة إلى مبررات بل رؤية برامج تتحقق وجهود تبذل لتأمين مستقبلها ومستقبل وطنها، فالمستقبل لن يذكر من استمات من أجل معارضة الآخر دفاعا عن ميولاته وأفكاره ولو كانت منطلقاته خاطئة، لكن سيذكر حتما كل من جد واجتهد ضدا على المنطق السياسي الضيق وساهم في الإصلاح وجدد أفكاره ودماءه من أجل الصالح العام، ولم يقف حجر عثرة في وجه إصلاح قطاع كان وسيظل القاطرة التي تجر عربات التنمية. هيأة التحرير