إن الأمر الأساسي في قضية الصحراء هو التدخل الجزائري غير المفهوم وغير المبرر في شؤون المغرب الداخلية، وهو تدخل لا يخدم قضية الوحدة المغاربية بل يزرع الأحقاد ويشعل التوترات بين شعوب تشترك بتاريخ واحد ولغة واحدة وبعادات وتقاليد واحدة وبدين بل حتى بمذهب واحد. فمن يستطيع أن ينكر مدى التوافق والتكامل بين شعوب المغرب ضمن إطار الأمة العربية الجامعة، فلماذا يراد لهذه الشعوب أن تتفرق وتتقسم إلى دويلات متعددة. لقد كافحت شعوب المغرب كثيراً ضد الاستعمار الأوروبي وخاصة الفرنسي والإسباني الذي جثم على أرضها سنوات طويلة، وكان الأمل يحدوها، وهي في ذروة النضال التحرري، أن تعيش ضمن دولة واحدة. وقد كان هذا الهدف من ضمن البيان الأول الذي أصدرته جبهة التحرير الوطني الجزائرية في الفاتح من نونبر عام 1954، حيث جاء في هذا البيان بالحرف، العمل على "تحقيق وحدة شمال إفريقيا في إطارها الطبيعي العربي والإسلامي". فما عدا مما بدا، ولماذا انقلبت جبهة التحرير على أهم وثيقة لها، فناصرت دعاة التقسيم ومن يريدون زيادة الشرخ في الجسد المغاربي الواحد. فهل إنشاء دولة مستقلة في وادي الذهب والساقية الحمراء يخدم قضية الوحدة بين شعوب شمال إفريقيا؟. إن المغرب كافح طويلاً ضد الاستعمار الإسباني الذي احتل المنطقة الشمالية منه عام 1912 واحتل صحراءه في الجنوب عام 1884، بينما كانت فرنسا قد استباحت ما تبقى من أرضه وفرضت عليه نظام الحماية. وما أصاب شعب الجزائر أثناء الكفاح ضد المستعمر الفرنسي أصاب شعب المغرب أيضاً، وقد نجح المغرب في طرد المستعمر الإسباني من شماله بالتزامن مع طرد المستعمر الفرنسي وذلك في عام 1956، وظل المستعمر الإسباني يحتل منطقة الصحراء كما ظل يحتل سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وجزر الخالدات. وفي عام 1975، خرج الإسبان مدحورين من الصحراء تحت ضغط المغرب، فعادت هذه الأرض إلى حضن الوطن وعاد أهلها ليكونوا مواطنين مغاربة على قدم سواء مع إخوانهم في باقي أرجاء المغرب، لكن شاء بعض الباحثين عن أحلام الملك والسلطة أن يعملوا على إيجاد مشكلة في تلك المنطقة، وللأسف ناصرتهم بعض الدول المغاربية وعلى رأسها الجزائر من دون وجه حق. إننا نحترم إرادة جميع الشعوب العربية في الحرية والاستقلال، لكننا لا يمكن أن نقبل بتزييف الواقع وقلب الحقائق، فعلى مر مئات السنين، وبعد سقوط الدولة الموحدية عام 1269 للميلاد، انقسم المغرب إلى ثلاث دول هي، دولة الحفصيين في تونس، ودولة بني زيان في الجزائر، ودولة السعديين في المغرب. إنها ثلاث دول فقط وهي عين الدول الموجودة الآن مع زيادة موريتانيا. إن شعب وادي الذهب والساقية الحمراء هو شعب عربي مغربي له أواصر قربى مع باقي شعب المغرب وهذا ما أوضحه ذلك التلاحم الذي أبداه الصحراويون أثناء المسيرة الخضراء التي قام بها المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني عام 1975، فقد اتضح أن هؤلاء لا يقبلون بديلاً عن المغرب وطناً، وأما من يطالب باسمهم بدولة مستقلة، فهؤلاء لا ينتمون إليهم وحتى لو كانوا منهم. وكذلك أيضاً، فاعتراف بعض الدول بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" لن يجعل من هذه الدولة حقيقة واقعة، بل إنها ستمضي نحو نهايتها المحتومة، في ظل مشاريع التطوير الكبرى التي أقامتها الحكومة المغربية لتنمية الصحراء وتطويرها. فهذه المشاريع سهلت كثيراً في دمج سكان الصحراء بالوطن الأم، وقطعت الطريق أمام الساعين نحو سلخ هذا الجزء العزيز من تراب الدولة المغربية العلوية الشامخة، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يسير على نهج أسلافه محققا هدفه النبيل، حيث تشهد المملكة المغربية في عهده منجزات تنموية عملاقة على الصعيد الداخلي وحضوراً سياسياً مميزاً في بناء المواقف والتوجهات من القضايا الإقليمية والدولية على المستوى الخارجي. ولقد اتسم عهد صاحب الجلالة بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به من صفات متميزة أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه بأجمعه في كل بقعة داخل المملكة المغربية. *كاتب من الإمارات [email protected]