نظمت جمعية أبي رقراق بسلا، صباح أول أمس الخميس، لقاء تفاعليا حول موضوع السينما والمرأة وأحلام الربيع العربي، بقاعة الندوات بفندق الداوليز، بمشاركة نخبة من المبدعين السينمائيين الذين جعلوا من هذا الحراك المجتمعي مادة لصياغة أعمالهم السينمائية في الفترة الأخيرة. المخرج المغربي فوزي بن السعيدي استهل المنظمون اللقاء بكلمة قدموا من خلالها الشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي تحتضنه مدينة سلا، على مدى دوراته السبع، سواء من قريب أو بعيد، مشددين على أنه أصبح علامة مميزة في مسار الانفتاح الديمقراطي الذي ينهجه المغرب. وأشاروا إلى الدور الفعال الذي أصبحت تلعبه المشاركة النسائية في هذه المجالات، تكريسا لقيم الديمقراطية والمساواة، وتعبيرا قاطعا عن قدراتها القابلة لتنوير المجتمعات إن هي وجدت حيزا لذلك. ولم يخف المتحدثون ارتياحهم لما حققته المرأة المغربية خاصة والعربية عامة من إنجازات في الآونة الأخيرة، وإن دلت على شيء فهي تدل على مجابهتها للرجل، وإسهاماتها الكبيرة في الحراك السياسي الحالي. وعبرت مديرة المهرجان الدولي لفيلم المرأة بباريس كابي لطيف غيث جاسر، ذات الأصول السورية، عن سعادتها البالغة بما حققه مهرجان سلا من تطور، معتبرة هذا المحفل بمثابة جنين منبثق عن مهرجانها، الذي فاقت سنوات تنظيمه الثلاثين سنة. وأشارت في الوقت ذاته إلى أن خلق هذا النوع من المهرجانات لا يأتي بهدف تمكين النساء من إنتاج أعمال سينمائية عن بنات جنسهم، بل لكونهن مبدعات وذوات حس فني يوازي حس الرجال، الشيء الذي يبقى عرضة لميز الصنف داخل معظم المجتمعات، ما يشكل عقبة بينهن وبين إنتاج وتوزيع منتجهن الفني. وأضافت غيث أن مهرجان سلا له فضل كبير في تطوير هذا النوع من الأفلام، شكلا ومضمونا. وشهد اللقاء حضور عدد من المخرجين، من أبرزهم سعد الشرايبي، الذي قال إن الإفراط في الحديث عن الأفلام النسائية يكرس نوعا من اللبس بخصوص قيمة العمل، معتبرا أن كفاءة القائمين على مجال الإبداع السينمائي، هي المحدد لدرجة تأثيره في المجتمع وحركيته. وعقب سعد الشرايبي على فكرة صياغة الثورات العربية على شكل أفلام، مباشرة بعد نشوبها، إذ اعتبر الأمر اختزالا لحركة شعبية في التظاهر والاحتجاج، في وقت ينبغي معالجة مسببات وتبعات هذه الثورات. ولم ينس الشرايبي التنبيه إلى خطورة دمقرطة الصورة، التي اعتبرها العصب المحرك لمعظم الثورات، ما يجعل وجودها في أيدي أي كان خطرا كبيرا قد يعصف بمجتمعات عديدة، تبعا لأهواء البعض ممن يوظفون الصورة كوسيلة تأثير، كما عبر عن أمله في رؤية مخرجات سينمائيات يبدعن أفلاما تعالج قضايا رجالية، والعكس كذلك لضمان الاستمرارية والتعاون. من جهته، أكد المخرج فوزي بن السعيدي أن المغرب تخطى مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة، إذ لا مجال اليوم للحديث عن ميز أو لا مساواة بين الرجال والنساء، معتبرا أن المشاكل التي يعانيها القطاع السينمائي وعلى رأسها العقبات المادية، هي عبء على كل المبدعين سواء كانوا إناثا أو ذكورا. واعتبر الربيع العربي مجرد مركب قد يطفو من خلاله عدد من المخرجين على سطح الساحة الفنية، رافضا فكرة ولادة هذا الحراك لمخرجين جدد، لأن وجود السينمائيين يسبق الأحداث والوقائع، مستدلا في ذلك بحرب الفيتنام وما خلفته من زخم فني وأعمال تاريخية مازالت راسخة في الذاكرة إلى يومنا هذا.