درس المخرج المغربي سعد الشرايبي أول ما درس الطب، لكن هوسه بالسينما كان أقوى من أي رغبة أخرى، فسرعان ما تفوق مبضع السينمائي لديه على مبضع الطب، فوجه الشرايبي كل طاقاته الفكرية نحو الفن السابع. بدأ سعد الشرايبي مشواره مع الفن السابع بوضع نواة ناد للسينما سنة 1973، واستمر الرجل في إدارة هذا النادي لعقد كامل، أي إلى حدود سنة 1983 وهو ما يبرز افتتانه حد الهوس بفن تلازم الصورة والصوت. مفتون حد الهوس بفن تلازم الصورة والصوت لسعد الشرايبي مسار متنوع في حقل السينما المغربية، من الإخراج إلى الكتابة السينمائية، إلى المقاربة النقدية، يؤهله لذلك استيعابه التحليلي لواقع المجتمع المغربي بكل تناقضاته وحمولاته الثقافية والرمزية، فكان الإبداع السينمائي لدى سعد الشرايبي هو مقاربة ومعالجة لملفات سياسية وهوياتية وقضايا اجتماعية، هي من صلب الواقع المغربي، برؤية سينمائية تجدد أساليبها باستمرار. ولعل من أعماله التي نجد فيها هذا الطرح القوي لملفات اجتماعية وهوياتية، فيلمه "الإسلام يا سلام" ضمن توقيعاته السينمائية، حيث يطرح الشرايبي مشكلة نظرة الغرب إلى الثقافة العربية الإسلامية، عبر تيمة الازدواجية الثقافية، وما يمكن أن تفرزه هذه الازدواجية التي يتخبط فيها المهاجرون العرب المقيمين ببلدان الغرب من مشاكل عائلية وصراعات نفسية ومشاكل اجتماعية، كنتيجة مباشرة للخلاف داخل أجيال الأسرة الواحدة حول الأصالة والمعاصرة وسبل التوفيق بينهما. مزاوجة بين التقنية والالتزام السينمائيين من أبرز الأعمال السينمائية التي وقع عليها المخرج المغربي سعد الشرايبي، بعد "أيام من حياة عادية" سنة 1990 ، فيلمه "نساء ونساء" بحيث يعتبر"نساء ونساء" علامة على تحكمه في التقنية والالتزام السينمائيين، إذ أعلن الشرايبي من خلال "نساء ونساء" عن مساندة قوية لحرية وحقوق المرأة، بالانخراط في الجو العام آنذاك الذي عرف تعبئة سياسية وحقوقية للحرية والمساواة بين الرجل والمرأة، تولدت عنه ما عرف بمدونة الأسرة التي دخلت حيز التطبيق، بالرغم من بعض تحفظات التيار الأصولي بعدما بلغت التوقيعات المليون توقيع. بالرغم من بعض الانعطافات ظل الشرايبي وفيا لتيمة المرأة في فيلمه "عطش" سيجرب سعد الشرايبي سينما التاريخ من خلال استعادته الماضي الاستعماري والمقاومة المغربية من أجل الاستقلال والتحرر، بالرغم من أن الشرايبي ظل وفيا لتيمة المرأة ، بإخراجه لفيلم ثان عن معاناة المرأة السياسية بحمولة قوية، هو فيلم "جوهرة بنت الحبس"، الذي تناول فيه محنة النساء المعتقلات أيام سنوات الرصاص.ثم لينتقل الشرايبي في مغامرة جديدة تتوخى بلوغ العالمية فيوقع فيلمه ما قبل الأخير،"الإسلام يا سلام" الذي يتمحور حول حياة زوج مغربي أمريكي، بعد حادث هجمات 11 شتنبر. وبعد فترة طويلة من الترقب والتأمل، سيعود سعد الشرايبي إلى تيمته المحببة سينما المرأة بفيلم جديد هو "نساء في مرايا"، وهو فيلم يعد الجزء الثالث من سلسلة أفلامه حول المرأة، التي انطلقت منذ سنة 1998 بفيلم "نساء ونساء مرورا بفيلم "جوهرة بنت الحبس". ويقول المخرج سعد الشرايبي عن اهتمامه المتواصل بتيمة المرأة سينمائيا، أنها ضرورة ملحة للاستمرار في البحث والتطرق إلى تيمات تخص المرأة، باعتبارها تلعب دورا أساسيا في تنمية المجتمع.وموضحا أن فيلمه الأخير "نساء في مرايا" يكشف التطورات والتغيرات التي سجلتها المرأة المغربية منذ عقد من الزمن، وتحديدا منذ ظهور مدونة الأسرة وتطبيقها سنة 2004. إنه إطلالة على موقع المرأة في مجتمع اليوم، وعلى علاقتها بالرجل من جهة، وبنساء أخريات من جهة أخرى، وإذا كانت المرأة تطالب في ما مضى بحقوقها، فإنها تطالب اليوم بالاعتراف بكيانها الشخصي. سعيد فردي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة