بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. ابنة الممثل جون ويس ميلر بطل أفلام طرزان تزور الشعيبية في محترفها بالدارالبيضاء عاشت الشعيبية أسطورة زمانها بكل رموزه وأحداثه وأحلامه وموسيقاه. فخارج كل إطار ترفيهي عابر، كانت تعتبر السينما والموسيقى وسيلتين تثقيفيتين، ونافذة تطل من خلالها على الضفاف العالمية الأخرى. كتب لها وهي في عز حياتها أن تشاهد عدة أفلام كلاسيكية بصمت منتصف القرن العشرين المنصرم، ومازالت تحظى بالمراتب الأولى ضمن أفضل ما أنتجته السينما في تاريخها. كانت الشعيبية ترى في الأفلام السينمائية، إلى جانب المقطوعات الموسيقية، تحفا فنية لأجمل ذكريات الزمن الأصيل. فضلا عن الإبداع التشكيلي العالمي، انبهرت الشعيبية بالسينما، التي وفرت للعالم فرصة عظيمة لتوثيق أحداثه بالصوت والصورة، والانفتاح على الأبطال والنجوم والممثلين والمخرجين والمنتجين والمصورين، والتعرف على الماركات والموضات الجديدة، تعلقت بنجومية هؤلاء الأبطال، ولم يدر بخلدها يوما أنها ستصبح نجمة من نجوم الإبداع التشكيلي العالمي، هي التي حظيت بزيارة ابنة الممثل جون ويس ميلر بطل أفلام طرزان، لمحترفها بالدارالبيضاء، حيث تبادلتا عبارات الإعجاب والتقدير. ما كان يثير اهتمام الشعيبية هو القصة الدرامية والحكاية الرومانسية وقوة حضور البطل وارتباط الأحداث كلها بحياته، وعمق الموسيقى التصويرية، وحبكة المشاهد المؤثرة، التي لا تخلو من تسلسل وتشويق وبساطة أداء الممثلين، كما في تجربة شارلي شابلان، ومعالجة القضايا الإنسانية. يحكي الحسين طلال أن والدته الشعيبية كانت من عشاق الفن السابع، حيث كانت تتردد باستمرار على سينما "فيردان"، لمشاهدة جديد الأفلام العربية والأجنبية. في هذا السياق كان بعض أطفال حي فيردان الممسوسين بورطة الفن السابع يترقبون موعد قدومها إلى القاعة المذكورة كي تؤدي تذاكرهم بأريحيتها المعهودة، حيث يتجمهرون فرادى وجماعات حولها، مرددين عبارة "أمنا الشعيبية"، كان هذا الفعل الاستثنائي يدخل البهجة والفرح في نفوس هذه العينة الاجتماعية التي تعاني مرارة التهميش والحرمان، ولم تكن لها الإمكانيات اللازمة من أجل ممارسة حقها المقدس في المجال البصري المتعلق بالإبداع السينمائي، وحدها الشعيبية كانت تلبي رغبة هؤلاء الأطفال في مشاهدة بعض الأفلام الفرجوية والتماهي مع أجوائها الحكائية وطرائفها البطولية، يصيف الحسين طلال أن والدته كانت من هواة الأفلام الكلاسيكية ذات النهاية السعيدة، حيث تنتصر قيمة الحق والخير على نزعة الضلال والشر.