بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. فاطنة بنت الحسين والحمداوية والحمونية من الأصوات التي ترتاح لها الشعيبية الحلقة العاشرة يقول الحسين طلال في شهادات حول الشعيبية إن الأخيرة كان لها الفضل في دعم الشيخات إعلاميا، وأكد طلال أن والدته حينما كانت ضيفة على الإذاعة الوطنية، قالت للمشرف على البرنامج، لماذا لا نجد صوت الشيخات يصدح في الإذاعة، وبذلك تكون الشعيبية أول من طرحت قضية الشيخات في وسائل الإعلام المسموع في المغرب. ويسرد طلال أنه بعد شهرين من لقائها الإذاعي، انطلقت موجات الشيخات في الإذاعة، وبعدها في القناة الأولى التي كانت تحمل اسم (إ ت م)، لتصل إلى القناة الثانية. كانت الشعيبية فنانة صاحبة حس مرهف، وبحكم أنها من دكالة حيث العيطة مشهورة، ارتبطت وجدانيا وعاطفيا بهذا اللون، بل كانت حسب شهادة ابنها طلال من اللواتي يحفظن عن ظهر قلب بعض أبيات العيوط، من المرساوي، والحصبي، والحوزي وما إلى ذلك. وأسر طلال في حديثه أن والدته تتميز بطقس مختلف عن كل الفنانين، ففي حفل افتتاح معارضها الفردية خارج الوطن، تتحف الزوار وكذا النقاد الفنيين الذين كانوا يستجيبون لدعواتها، بفن العيطة، من خلال شريط تسجيلي لأحد أعلام العيوط، وكانت تتفاءل بهذا النمط من الغناء الشعبي. ومن بين الشيخات اللواتي ترتاح لأصواتهن فاطنة بنت الحسين، والمغنيتين الحمداوية والحمونية. في خزانتها كانت الشعيبية ترتب الأشرطة الغنائية بدقة، فبالإضافة إلى أشرطة أعمدة الطرب العربي الأصيل، أمثال أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، اسمهان، بليغ حمدي، وعبد الحليم حافظ، الذي تمنى أن يزورها ذات يوم في محترفها بالدارالبيضاء. لم تترك جديدا في ألاغنية الشعبية إلا واقتنته، حسب طلال. كان فن العيطة جنسا مؤثرا بشكل كبير وكان كلامه مستمدا من المعاناة والحب والأرض، هي قيم آثرتها الشعيبية في لوحاتها التي احتفت فيها بالمرأة والأرض والأعراس التقليدية التي تنشطها الشيخات. من زاوية نظر أخرى، عاشت الشيخة واقعا مريرا في ظل انتشار القيم الذكورية، ما جعلها تثور على هذه القيم من خلال الانفلات ومحاولة إثبات الذات بالانغماس في النمط السائد. لقد كانت تلال البادية تصدح بالعيوط في نداء حزين مفعم بمرارة الفقر والاضطهاد وعاشت العيطة أزهى فتراتها ودفع جيل كبير من الشيخات الثمن باهظا من حياتهن فحرمن من دفء الأسرة في سبيل فن بدوي راق وصلت أصداؤه إلى كل الربوع شرقا وغربا.