بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. 'مهبولة' اشتوكة بركة المغرب الحلقة 50 قالت كتابات نقدية إن عمل الشعيبية لا يدخل في أي تصنيف من تصنيفات هذه الخطاطة. الشعيبية كل شيء ما عدا فطرية. على سبيل التذكير، الفنان الفطري - حسب التعريف المقبول جدا – هو الذي يقوم بإعادة نقل واقع ما دون معرفة القواعد الأساسية للرسم الأكاديمي (القيم، المنظور، النسب إلخ)، مبدعا صورا تنتج بعدم مهارتها اللاإرادية جمالية مؤثرة وفاتنة. لكن الشعيبية لا تقوم بهذا أو ذاك. عملها يتسم بالتلقائية، والانسجام، والوحدة، والخصوصية المذهلة. إنها ترسم بلمسة واحدة، مستعملة بالتأكيد تخطيطا مكبرا وألوانا تخرج مباشرة من الأنبوب، لكن بدراية، وتحكم ، ويقين في التركيبة ، والغرافيزم، والروابط اللونية. يا لها من قوة، ويا لها من حقيقة، ويا له من تعبير في الشخوص (أقنعة / أو دمى نشيطة) التي " تنظر إلينا" و"تكلمنا" حرفيا! إذا لم يكن فنا فطريا، ماذا سيكون يا ترى؟ فن خام، يقول لنا أغلب النقاد المعتمدون. فن معاصر بكل بساطة، لا يتردد بعضهم في تلخيص الأمر التصنيفي. تمثيل جديد لفن قديم، نسائي على الخصوص ومتعلق بهذه الجهة من العالم، ما نجده ثابتا في الزربية الأمازيغية، كما يؤكد ذلك بعض مؤرخي الفن. الحقيقة بكل تأكيد توجد في موقع كل طرف. الرسامة الكبيرة في القرن العشرين شيئا فشيئا، انطفأت نيران الاستهزاء والاستخفاف، واضطر الوسط الثقافي المغربي برمته إلى الاعتراف بالشعيبية كفنانة مغربية أكثر أصالة، ورصانة، وعطاء، حتى لا نقول الرسامة المغربية الكبيرة في القرن العشرين. بدوره، الجمهور الواسع معجب بشخصيتها الأكثر تأملا، وبطلاقة لسانها. فهو يجد ذاته في هذه المرأة البدينة، لكنها جميلة ومبهرجة، ذات العينين المكحلتين، واليدين المضخمتين بالحناء، الفخورة بقفاطينها، ومجوهراتها ووشمها. هذه المرأة التي تتحدث عربية مغربية بدوية، لكنها تعبر بحرية. هذه الأمية التي قبّل مشاهير العالم يدها. كان المعرض الأخير للشعيبية بباب الرواح بالرباط بتاريخ 2004، أربعة أشهر قبل وفاتها( حال مرضها دون حضورها الفعلي لحفل افتتاحه). سجل هذا الرواق الوطني الرقم القياسي لعدد الزوار، أزيد من ثلاثمائة زائر يوميا. تشهد أعمالها الأخيرة التي أنجزتها الشعيبية على طابع إبداعي فريد، وعلى أصالة نظيرة بل متقدمة على الأعمال التي أنجزتها خلال سنوات المجد. مع فارق محير يكمن في بعض اللوحات القوية ذات التوقيع المتأخر بدل شخوص تصرخ فرحة بالحياة كما تعودنا عليها، شخوصا ذات الشعر المنفوش، والعيون السوداء الكبيرة الخائفة والمخيفة. إنها مقاربة موضوع الرحيل؟".