الداكي: رئاسة النيابة العامة حريصة على جعل حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية    لوديي وبريظ يستقبلان وفد مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يقوم بزيارة للمملكة    البوليزاريو: لا صفة له للتفاوض مع السوق الأوروبية المشتركة    المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق حملته الترويجية الثانية "نتلاقاو فبلادنا"    قيس سعيّد رئيسا لعهدة ثانية ب 90.69%    وليد الركراكي يستدعي بالعامري لتعويض غياب مزراوي    توقعات احوال الطقس ليوم الثلاثاء.. أمطار وانخفاض في درجة الحرارة    مديرية الأمن وبنك المغرب يعززان التعاون    طلقات نارية تحذيرية توقف جانحا في مراكش    النقيب الجامعي يوجه رسالة مفتوحة لعزيز أخنوش.. إلى أين تسيرون بالمغرب وبالمغاربة؟    الرجاء والجيش الملكي في مجموعة واحدة بدوري أبطال إفريقيا    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء        "سباق ضد الزمن" .. هل تستطيع إيران إنتاج سلاح نووي في أقل من أسبوع؟        النادي السينمائي لسيدي عثمان ينظم مهرجانه ال10 بالبيضاء    مجموعة "لابس" تتحدى الهجوم الجزائري وتغني في المغرب    مهنيو النقل الدولي للبضائع يستنكرون توقيف الحكومة لدعم الغازوال    زهير زائر يعرض "زائر واحد زائر مشكل" بالدار البيضاء ومدن أخرى        حموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي فقد حياته بين طنجة والفنيدق    التشيك تجدد التأكيد على تشبثها بعلاقاتها الوثيقة مع المغرب    "القسام": طوفان الأقصى ضربة استباقية وندعو لأكبر تضامن مع فلسطين    إحباط محاولة للهجرة السرية بإقليم طرفاية    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    المغرب يحتضن النسخة الأولى لمؤتمر الحوسبة السحابية    السلطات المغربية تعتقل مجرما خطيرا فر من السجن بإحدى الدول الأوروبية    بركان تتعرف على منافسي "كأس الكاف"    الملك يشيد بمتانة الروابط مع السعودية    افتتاح السنة التشريعية حدث دستوري وسياسي واجتماعي واقتصادي بدلالات وأبعاد وطنية ودولية    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    ريال مدريد يعلن إصابة داني كارفاخال بتمزق الرباط الصليبي الأمامي وعدة إصابات خطيرة أخرى    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    أرباب المخابز يحتجون على عشوائية القطاع وتدهور وغياب الدعم المالي    جهة سوس تسجل أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    كتائب القسام تقصف إسرائيل تزامنا مع ذكرى "طوفان الأقصى"    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الكثيري: الحديث عن ثورة الملك والشعب هو حديث عن ماضي وحاضر ومستقبل أمة
المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير خص
نشر في الصحراء المغربية يوم 22 - 08 - 2013

قال مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إن ثورة الملك والشعب الخالدة، التي احتفى الشعب المغربي، أول أمس الثلاثاء، بذكراها ال60 تشكل حدثا نوعيا وجيليا بكل امتياز.
مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
أوضح مصطفى الكثيري، في حوار خص به "المغربية" أن الحديث عن ثورة الملك والشعب هو حديث عن ماضي وحاضر ومستقبل أمة. فكفاح الشعوب بناء يرتفع جيلا بعد جيل. هو كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا لبنة فوق لبنة واللبنة اللاحقة تتخذ اللبنة السابقة قاعدة ترتكز عليها.
وأضاف أن ثورة الملك والشعب كالشجرة الثابتة الأصل العميقة الجذور، سقتها دماء الشهداء من نساء ورجال المقاومة من جميع فئات وشرائح الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد، فهي اليوم لم تنته بانتهاء فترة الاحتلال، بل تؤتي أكلها وتنشر ظلالها الوارفة، من أجل بناء وإعلاء صروح الوطن الحر المستقل. وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تقيمون السياق العام، الذي تحل فيه ذكرى ثورة الملك والشعب؟
في صدارة الأحداث التاريخية المعاصرة التي ميزت السجل المغربي المرصع بسلسلة ذهبية من روائع الأحداث، تشكل ملحمة ثورة الملك والشعب الخالدة حدثا نوعيا وجيليا بكل امتياز، خاضه وصنعه جيل مدرسة محمد الخامس والرعيل الأول للحركة الوطنية والمقاومة وحركة التحرير الوطني.
ويأتي الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة هذه السنة في سياق وطني وإقليمي ودولي يشهد تطورات متسارعة وتحولات عميقة، لا يملك المرء معها سوى الانصياع لحقائق التاريخ والواقع التي تقر للتجربة التنموية المغربية بفرادتها وتميزها، من حيث إنجاز جيل جديد من الإصلاحات السياسية والدستورية والمؤسساتية والديموقراطية بسلاسة ويسر.
فقط استطاع المغرب، ولله الحمد، بفضل حكمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي باشر الإصلاحات منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، أن يحقق منجزات وازنة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية، من قبيل تكريس الخيار الديمقراطي وتوسيع فضاء الحريات العامة وحقوق الإنسان، بعد إنجاح تجربة «الإنصاف والمصالحة»، وفتح أوراش ومشاريع مهيكلة كبرى، ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وبشرية، رغم الظرفية الدولية والجهوية الدقيقة، خاصة في خضم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وجاء الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وعن مقترح الحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في ظل السيادة المغربية، وإقرار «مدونة الأسرة»، في ظل توجه واضح نحو الإنصاف الكامل للمرأة، ودسترة الامازيغية لغة وثقافة كمكون أساسي من مكونات الهوية المغربية، وخيار الجهوية الموسعة وجعل التجاوب مع الانتظارات الاجتماعية انشغالا حقيقيا ودائما، وما إليها من المكتسبات الديمقراطية المهمة التي جرى تثبيتها في الدستور الجديد، الذي حظي بموافقة شعبية لامست الإجماع، وشكل اعتماده قفزة نوعية في مسار البناء الديمقراطي في بلادنا.
هذا التقدم الكبير الذي حققه المغرب جعله نموذجا يحتذى في محيط إقليمي يعاني وضعية اللاستقرار. وتمكن المغرب بفضل ملكية شجاعة مرنة ومبادرة من تجنب العواصف والهزات التي أعقبت حركة "الربيع العربي" وإيصال سفينته إلى مرفأ آمن في محيط متلاطم الأمواج.
وبهذه المناسبة الوطنية العظيمة، يحق للمملكة المغربية أن تفتخر بما حققته من إنجازات ومكاسب صنعت الاستثناء المغربي في عز الازمات والتخبطات التي تجتاح العالم العربي.
هل يمكن أن نقول إن ثورة الملك والشعب مازالت قائمة حتى الآن؟
إن الحديث عن ثورة الملك والشعب هو حديث عن ماضي وحاضر ومستقبل أمة. فكفاح الشعوب بناء يرتفع جيلا بعد جيل. هو كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا لبنة فوق لبنة واللبنة اللاحقة تتخذ اللبنة السابقة قاعدة ترتكز عليها.
فثورة الملك والشعب التي شهدها يوم 20 غشت 1953 هي من تجليات الزمن السياسي بداية الخمسينيات جسدت بحق الميثاق التاريخي الوطني، الذي انصهرت في بوتقته إرادة ملك وإرادة شعب حول مشروع وطني تحريري.
وهي وعاء للكفاح الوطني، الذي انطلق منذ الثلاثينيات والأربعينيات ليجمع على كلمة واحدة وبالتحام وثيق الحركة الوطنية في عمقها الشعبي وامتداداتها الترابية والمجالية بالسيادة الوطنية ورمزها الأعلى، متمثلا في العرش والجالس عليه جلالة المغفور له محمد الخامس. ولم يكن من قبيل الصدفة أن يوصف السلطان سيدي محمد بن يوسف بأب الوطنية وقائد الأمة ورمز وحدتها وسيادتها.
لقد استمد الكفاح الوطني روحه الوطنية وقوته الشرعية وسر وجوده واستمراره من ذلك التواصل الروحي والتفاعل الفكري والمعنوي، الذي وحد العرش والشعب في العديد من المحطات التاريخية التي سبقت المحطة المفصلية لثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953 كمنعطف تاريخي حاسم.
وفي كنف هذا الالتحام النضالي بين الملك والشعب، استطاعت حركة المقاومة المغربية مواجهة النظام الاستعماري، المتعدد الأجناس (فرنسي/ إسباني/ دولي) والأنظمة الإستعمارية (الحماية الفرنسية في وسط المملكة/ الحماية الإسبانية شمالا/ احتلال عسكري إسباني مباشر في الأقاليم الصحراوية الجنوبية للمملكة/ نظام إشراف دولي على منطقة طنجة)، بصمود لا يُفل، ومقاومة لا تكل، وتضحيات لا تنضب.
وأثمرت ملحمة ثورة الملك والشعب انتصارات عظيمة لطلائع الشعب المغربي في مدنه وقراه، في جباله وسهوله الذين ظلوا على العهد سائرين في مسيرة نضالية توجت بعودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى إلى أرض الوطن يوم 16 نوبر 1955، معلنا رحمه الله انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال، وداعيا إلى الانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
وفي سياق هذا الثابت الوطني الراسخ، معطى التلاحم بين الملك والشعب، تواصلت مسيرة التحرير وبناء الدولة الوطنية، في عهد جلالة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، الذي وطد أركان الدولة الحديثة وأبدع المسيرة الخضراء المظفرة التي حررت الأقاليم الصحراوية الجنوبية المغربية من ربقة الاحتلال الإسباني. لتتعزز مكانة المغرب في محيطه القومي، والجهوي والدولي.
وفي ظل العهد الجديد، الذي انبثق باعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، تنامى زخم المسيرة التحررية والتنموية والنهضوية، وتسارعت وتيرتها، وتشمخت صروحها.
فهي إذن ثورة متقدة مستمرة ومتجددة كما قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله "ونحرص على أن نؤكد أننا التزاما منا بالميثاق النضالي الذي سلمه لنا والدنا بعد أن تسلمه من جدنا يرحمه الله وإياه ومتابعة للبناء الشامخ الذي أقاماه وتشبثا بالآصرة المتينة، التي تشدك إلينا وتشدنا إليك نحيي هذه الذكرى الوطنية المجيدة وسنواصل إن شاء الله إحياءها باعتبارها ذكرى للأمة كلها تحتم علينا على الدوام استحضار أرواح جميع المقاومين للتزود من جهادهم المتفاني والتذكير بما بدلوا من تضحيات كبيرة في شتى الأقاليم ومختلف المواقع مع إشادة خاصة بالعلماء ورجال الفكر والسياسة وطبقة العمال والفلاحين والتنويه بدورهم العظيم في تحرير البلاد ومزيد من العناية بأسرهم والترحم على شهدائهم الأبرار...".
ماهي المساهمة النوعية، في الوقت الحالي، لرجالات المقاومة في بناء مسيرة الوطن؟
إن ثورة الملك والشعب كالشجرة الثابتة الأصل العميقة الجذور، سقتها دماء الشهداء من نساء ورجال المقاومة من جميع فئات وشرائح الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد، فهي اليوم لم تنته بانتهاء فترة الاحتلال، بل تؤتي أكلها وتنشر ظلالها الوارفة، من أجل بناء وإعلاء صروح الوطن الحر المستقل.
فرجالات المقاومة وجيش التحرير الذين خلقوا الثورة هم من يحمل مشعلها وينشرها لتغترف الناشئة والأجيال الصاعدة والجديدة من معينها وينابيعها الفياضة قيم ومسلكيات حب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني وبواجبات المواطنة الإيجابية.
وكما قال جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه:«المهم ليس الاحتفال بالذكرى، ولكن المهم هو أن نخلق فيمن سيخلفنا من الأجيال الأخلاق نفسها، وأن نأخذ على عاتقنا أن نكون مدرسة وأساتذة لأبنائنا...
وأسرة المقاومة وجيش التحرير واعية بأن ما ينتظر المغاربة هو جهاد أكبر، كما جاء في القول المأثور لأب الوطنية والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه جهاد أولي العزم والحزم الذين انخرطوا في أطواره ومساراته بقناعة وإرادية.
وواكبت أسرة المقاومة وجيش التحرير كل المحطات التنموية التي شهدتها بلادنا وحرصت دوما على حث الأجيال على أن تواصل الجهاد وتتناقل مشعله، دون ملل ولا كلل، ولا تراجع أمام تحديات العصر بإيمان وثبات وتفاؤل بالمستقبل، واستشراف باسمٍ لآفاقه القريبة والبعيدة.
ما هي إنجازات المندوبية السامية لقدماء المقاومين في بناء المغرب الحديث؟
إننا، في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، واعون كل الوعي بأن بناء المغرب الحديث لن يتقوى إلا بصيانة الذاكرة التاريخية الوطنية وإشاعة قيمها وعبرها ودلالاتها في أوساط الشباب والناشئة والأجيال الجديدة.
لذلك، وبالإضافة إلى اشتغالنا في مجالات عدة تعنى بقضايا وشؤون المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير الاقتصادية والاجتماعية والصحية، فإن مجال صيانة الذاكرة الوطنية يستأثر باهتمام كبير، ويختص بنصيب وفير من جهودنا ومبادراتنا، إذ نعمل على تكثيف مجهود البحث التاريخي، الذي يقوم على الكتابة التاريخية الرصينة والموضوعية، التي تتوخى التحقيق التاريخي والتدقيق المنهجي.
فحرصنا كبير على تشجيع الكتابة التاريخية بتعاون مع أساتذة باحثين أكاديميين ودارسين، في إطار لجنة علمية استشارية تضم 12 عضوا، بينهم أعضاء يمثلون المقاومة وأعضاء جيش التحرير، ومتخصصون في التاريخ المعاصر وتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير.
ولدينا اليوم ما يفوق 700 إصدار، وهي عبارة عن رصيد ضخم من البحوث التاريخية والاجتهادات في الكتابة التاريخية، ومنها مذكرات قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يكتبونها بأنفسهم أو يملونها على من يكتبها.
واهتدينا إلى ورش مهم، وهو مفتوح الآن إلى جانب الإصدارات المعتادة التي تصدر كل سنة، والتي يصل عددها ما بين 15 إلى 24 إصدارا كل سنة.
كما اهتدينا إلى مشروع موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب، وبدأنا هذا الورش لجمع شتات الكتابات والإنتاجات العلمية التي أنجزت حول المقاومة وجيش التحرير والحركة الوطنية، وعقدنا العزم على جمعها في موسوعة تكون خاصة بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من حيث الأحداث والوقائع التاريخية، ومن حيث الاجتهادات والتحاليل التي تتناول الأحداث التاريخية وصناعها من الأعلام وأبطال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير.
نتوفر اليوم على 13 مجلدا منشورا، في ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يهم مجلدين حول مواجهة الغزو الأجنبي ،منذ فجر التاريخ، والجزء الثاني يختص بتراجم وسير أعلام الحركة الوطنية والحركة الدينية والثقافية والأدبية والسياسية والنقابية والمقاومات المسترسلة إلى حدود الثلاثينيات من القرن الماضي.
ووصلنا إلى الانتهاء من كتابة أعلام الحركة الوطنية، وسنشرع في غضون السنة الجارية في المجلدات الخاصة بهذه السلسلة، وتتعلق بأعلام المقاومة وجيش التحرير، إلى جانب الجزء الثالث الخاص بالعمليات الفدائية وبأعمال المقاومة وجيش التحرير وتتعلق بالأحداث والوقائع بذاتها.
نحن نشتغل على هذه الأجزاء الثلاثة بكيفية متوازية ربحا للوقت، لأن هذا الورش جاء متأخرا عن وقته، كما أن هناك الجزء الرابع والخامس، الذي يهم هياكل وتنظيمات المقاومة وجيش التحرير ومواضيع أخرى مصنفة في خطة البحث والتفكير التي بنينا عليها هذه الموسوعة.
وإلى جانب الكتابة التاريخية، نضطلع أيضا بالأنشطة التي تتناول قضايا ومواضيع حول المقاومة وجيش التحرير، التي نعالجها في ندوات علمية وفي مناظرات وطنية وأيام دراسية، بتعاون وتنسيق مع مؤسسات في القطاع العام والخاص، خاصة الجامعات، وكليات الآداب والعلوم الإنسانية المنضوية بها حتى يكون العمل تشاركيا ومنفتحا على المجتمع وعلى كل الفاعلين الجامعيين والتربويين، حتى تكون الفائدة أعم وأشمل.
ولا بد من الإشارة إلى ورش آخر مهم، يتعلق باستنساخ الوثائق التاريخية، إذ أن رصيدا كبيرا من الوثائق التاريخية والمستندات والأرشيف مودعة بمراكز الأرشيف الأجنبية، حيث إن 18 دولة تحتضن كما كبيرا من هذه الوثائق والمستندات التاريخية، التي جرى تهجيرها نهاية فترة الاحتلال وقبل الاستقلال، ونسعى اليوم للوقوف عليها من أجل افتحاصها واستنساخها، لأنها تعتبر ثروة ثمينة لذاكرتنا التاريخي، والاستثمار فيها وتوظيفها في كل ما يخدم الكتابة التاريخية والتحقيق التاريخي وصيانة الذاكرة التاريخية استطعنا حتى الآن أن نحصل على مليون و 350ألف "صفحة وثيقة" جرى استنساخها منذ سنة 2006 في مركز الأرشيف "فانسان" بفرنسا، والعملية مازالت مستمرة، ما يتطلب إيفاد بعثات إلى هذا المركز سنويا تعمل على انتقاء وافتحاص هذا الأرشيف وعرضه على الاستنساخ.
ومن إسبانيا، استقدمنا 100 ألف وثيقة كانت مودعة في مكتبة بلدية بمدينة قادس جنوب إسبانيا، ويسمى هذا الأرشيف برصيد الجنرال "فاريلا"، الذي كان مقيما عاما للحماية الإسبانية، خلال فترة الحماية .كما تجرى محادثات مستمرة حاليا مع الطرف الهولندي والروسي، من أجل ولوج مراكز الأرشيف التي تتوفر على الوثائق التاريخية التي لها صلة بتاريخ بلادنا وبتاريخ المقاومة والحركة الوطنية.
ونطمح إلى ولوج كل مراكز الأرشيف بهذه الدول الثمانية عشرة. وتجدر الإشارة إلى أننا استقدمنا الأرشيف، الذي كان موجودا بجامعة الدول العربية رغم قلته، والذي يحتضن، على الخصوص، الفترة التي كانت فيها لجنة المغرب العربي والمكتب العربي بالقاهرة. ويظل الأرشيف المهم، هو الذي يوجد بالدولتين الحاميتين فرنسا وإسبانيا.
هذا الأرشيف سنضعه رهن إشارة الباحثين والدارسين والشباب والطلبة، الذين يهتمون بالبحث التاريخي وبالمعرفة التاريخية. ومن خلال النظرة الشاملة والمتكاملة لنا في المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والمتمثلة في صيانة الذاكرة التاريخية الوطنية، نعمل حاليا على خلق شبكة فضاءات تربوية وتثقيفية ومتحفية للمقاومة وجيش التحرير متعددة الاهتمامات، حاضنة وجامعة لهذا الأرشيف التاريخي، ستكون وجهة لكل من يرغب في الاطلاع عليه.
ووصل عدد هذه الفضاءات حتى الآن 44 فضاء مفتوحا، وتشتغل الآن بعدد من المدن المغربية وفي مقدمتها المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد، وبعدد من المناطق النائية ذات الحمولة التاريخية، كفضاء محاميد الغزلان بزاكورة، إلى جانب المتحف الوطني للمقاومة وجيش التحرير الموجود بالرباط.
ونطمح إلى الوصول إلى 100 فضاء، ومن الجدير بالذكر أن هذه الفضاءات متعددة الاهتمامات، فإلى جانب الأرشيف التاريخي تضم، أيضا، قاعات متحفية للعرض المفتوح للعموم، وقاعات للمطالعة وقاعة للانترنيت ومرفق التكوين والتأهيل، وهي فضاءات تستهدف بالأساس التربية على الروح الوطنية والاعتزاز بالانتماء الوطني، التي نريدها أن تقوى في أوساط الأجيال الصاعدة، ونريدها أن تكون مكملا للمدرسة العمومية في إشاعة ونشر القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق والسلوك المدني، لدى الناشئة والشباب والأجيال الجديدة كي تساهم في أوراش البناء والنماء لوطننا حاضرا ومستقبلا، اليوم وغدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.