افتتحت، صباح أمس الخميس، بمدينة مراكش، أشغال الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، بشكل رسمي، برعاية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس (خاص) وبحضور عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ودونالد كابيروكا، رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، وعلي بونغو، رئيس الغابون، ونزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، ورئيس مجلس محافظي مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، ودانييل كوبلان، الوزير الأول الإيفواري. وتميزت جلسة الافتتاح الرسمي لهذه الاجتماعات بالرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين، التي قام بتلاوتها عمر القباج مستشار جلالة الملك. ويشكل الجمع العام السنوي للبنك الإفريقي للتنمية٬ المنظم حول موضوع "التحولات الهيكلية بإفريقيا"، بمشاركة أزيد من 2700 مندوب من حوالي 78 دولة٬ مناسبة لمناقشة المواضيع ذات الأولوية بالنسبة للقارة الإفريقية، من بينها التوجهات الاستراتيجية لهذا البنك للسنوات العشر المقبلة٬ والمشاكل الرئيسية٬ مثل النمو الشامل٬ والنمو الأخضر٬ وتشغيل الشباب. وقال نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، رئيس مجلس محافظي مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، إن هذه الاجتماعات تكتسي أهمية خاصة، لأنها تمنح الفرصة للتساؤل حول مستقبل إفريقيا على ضوء الانتظارات المشروعة للشعوب الإفريقية والإمكانيات التي تزخر بها القارة الإفريقية. وأضاف بركة، في كلمة ألقاها بالمناسبة، أنه لابد من إيجاد السبل الكفيلة بمساعدة إفريقيا على تحقيق قفزة نوعية في اقتصاديات بلدانها، وجعلها منظومات اقتصادية متكاملة وذات قيمة مضافة عالية، تعتمد على تحويل الثروات الطبيعية والبشرية الغنية التي تزخر بها. ودعا بركة إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم ومتعددة الأبعاد، من أجل تحقيق هذا التحول الهيكلي، تنصب على تأهيل البنيات التحتية اللازمة، وتحسين مناخ الأعمال، وإصلاح الحكامة، ومراجعة منظومة التربية والتكوين، وتحسين البحث العلمي. وأكد بركة أن إفريقيا في حاجة ماسة إلى التعبئة والتأهيل والتكوين، واعتماد النجاعة والفعالية والاستدامة في استثمارها لصالح تطور وتقدم الشعوب الإفريقية، مشيرا إلى الدور المحوري الذي يلعبه الصندوق الإفريقي للتنمية في إخراج عدة دول من أوضاع الهشاشة، وبعث الأمل في نفوس شعوبها، ومبادرة البنك الإفريقي للتنمية، لإنشاء صندوق تمويل البنيات التحتية، بهدف التصدي للخصاص الذي يعرفه هذا القطاع على مستوى القارة الإفريقية. من جانبه، قال دونالد كابيروكا، رئيس مجموعة بنك التنمية الإفريقي، إن الأداء الاقتصادي لإفريقيا حافظ على مساره الدينامكي الذي خطط له في السنوات الأخيرة، رغم الأزمة الاقتصادية العالمية. وأضاف كابيروكا، في كلمة تقديمية للتقرير السنوي لمجموعة بنك التنمية الإفريقي لسنة 2012، أن البنك التزم بتقديم ما يقارب 6.3 ملايير دولار، في السنة نفسها، مع تخصيص أكبر حصة منها للبنية الأساسية، موضحا أن السنوات العشر المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لإفريقيا، إذ تسعى القارة للبناء على النمو القوي، وسيظل التركيز الاستراتيجي على سد الفجوة في البنية الأساسية، وتحقيق التكامل الاقتصادي، وتنمية القطاع الخاص ودعم الدول الهشة. من جهة أخرى، أكد عدد من المشاركين أن إفريقيا فرضت وجودها كقارة منفتحة على المستقبل٬ قادرة على الانخراط في مجالات قطاعية متميزة بالحيوية٬ كالبنيات التحتية والتكنولوجيات الحديثة٬ والطاقات المتجددة والسياحة. وأضافوا، في تصريحات ل"المغربية"، أن إفريقيا توجد مجددا في مفترق الطرق، فهي تشكل فضاء شاسعا يزخر بالعديد من الفرص الاقتصادية٬ وقطبا حقيقيا للنمو في أعلى مستوياته، وهي في الوقت نفسه في حاجة إلى انطلاقة تنموية جديدة٬ وإلى تعبئة قوية لمواردها البشرية والطبيعية٬ متطلعة بكل أمل إلى دعم أكبر من المجتمع الدولي. يذكر أن البنك الإفريقي للتنمية أنشئ سنة 1964 لتعبئة موارد مالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء، ويعد أول مؤسسة لتمويل التنمية في إفريقيا، وتتمثل مهمته في تقليص نسبة الفقر وترقية التنمية المستدامة، وتساهم نحو 77 دولة في رأس مال البنك، الذي يملك 30 فرعا في مختلف أنحاء العالم، وتراهن القارة الإفريقية على مصرفها لتحسين معيشة سكانها عبر تحصيل قروض وتمويل للدول الأعضاء. وتأتي هذه الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، في سياق اقتصادي دولي يتميز باستمرار تداعيات الأزمة العالمية٬ وما يواكبها من تخوفات ومخاطر٬ وعدم وضوح الآفاق المستقبلية المتعلقة بالنمو والانتعاش الاقتصادي. وتشكل هذه الاجتماعات منعطفا بالنسبة للقارة الإفريقية، بالنظر إلى الأهمية التي يكتسبها الموضوع الرئيسي الذي ستتمحور حوله المناقشات خلال هذه الاجتماعات، والذي يتعلق بالتحولات الهيكلية في إفريقيا. وسيتدارس المشاركون واقع وآفاق التنمية في إفريقيا، إضافة إلى التوجهات الاستراتيجية للبنك الإفريقي للتنمية خلال السنوات العشر المقبلة، والتقرير المالي للبنك، وإنشاء صندوق لتمويل الهياكل القاعدية في إفريقيا من قبل البنك، بهدف تدارك العجز في هذا المجال، والوقوف عند حصيلة المبادرة من أجل الدول الفقيرة الأكثر استدانة، ومبادرة تخفيف الديون المتعددة الأطراف، وكذا التقرير السنوي للنظام المستقل للتفتيش التابع للبنك، ومختلف المبادرات المتعلقة بالقطاع المائي، والتقرير الخاص بتطبيق قرار مجلس المحافظين القاضي بالرفع من رأسمال البنك للمرة السادسة، وتقرير الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا. كما ستتناول الاجتماعات التحديات التي تواجه القارة الإفريقية في مجال التغيرات المناخية والبنية التحتية والقطاع الخاص والحكامة، والآفاق الاقتصادية لإفريقيا خلال سنة 2013.