أعطيت أخيرا، انطلاقة مشروع "آسفي بدون تشغيل أطفال"، الذي تتبناه النقابة الوطنية للتعليم، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بشراكة مع النقابة العامة للتعليم بهولندا AOb، والنقابة العامة للعمال بهولندا FNV، ووزارة التربية الوطنية. يهدف مشروع محاربة تشغيل أطفال آسفي، الذي سيمتد لمدة ثلاث سنوات من 2013 إلى 2015، إلى جعل مدينة آسفي خالية من عمل الأطفال، دون الخامسة عشرة من العمر. جاء ذلك، بناء على ما كشفت عنه الدراسة التي أجرتها النقابة الوطنية للتعليم، بشراكة مع مكتب "أوريزن" للدراسات والأبحاث حول ظاهرة تشغيل الأطفال في مدينة آسفي، استهدفت 534 طفلا يشكلون العينة التي شملها التشخيص، منها 434 طفلا، بنسبة 81.30 في المائة، و100 طفلة، بنسبة 18.70 في المائة. وبينت الدراسة أن 76.20 في المائة من مجموع أفراد عينة الدراسة انقطعوا عن الوسط المدرسي، و أن 23.80 في المائة يجمعون بين العمل والمدرسة. وتشير الدراسة إلى أن أغلب الأطفال لم يتجاوزوا مستويات التعليم الابتدائي، بما مجموعه 374 طفلا وبنسبة مائوية تصل إلى 70.04. وكشفت معطيات الدراسة، بخصوص طبيعة أعمال أفراد العينة على أنها تتوزع بين متدربين بورشات الحرفيين، منها إصلاح السيارات 10.60 في المائة، البناء 7.00 في المائة، والنجارة 7.00 في المائة، والخياطة 3.80 في المائة، والحدادة 4.70 في المائة، والفخار 3.80 في المائة. أما الأعمال الأخرى، فتتمثل في الاشتغال بالبيع، مثل بيع الأكياس البلاستيكية 16.90 في المائة، بيع الخضر 3.80 في المائة، وبيع السمك 3.80 في المائة، بيع الملابس 3.80 في المائة، وبيع الفخار 2.30 في المائة، وبيع السجائر 1.42 في المائة. وينضاف إلى ذلك المشتغلون في بعض الخدمات البسيطة (الحراسة 1.90 في المائة، المقهى 1.90 في المائة، ومسح الأحذية 1.40 في المائة، وتقشير السمك 1.42 في المائة، والحلاقة 1.42 في المائة. وبخصوص عدد ساعات عمل الأطفال، أثبتت الدراسة أن أزيد من نصف مجموع أفراد عينة الدراسة، أي بنسبة 53.62 في المائة، يشتغلون لما يزيد عن ثماني ساعات، ويتوزعون إلى 35.30 في المائة يعملون يوميا من 9 إلى 11 ساعة، و16.90 في المائة يعملون لمدة تحدد من 12 إلى 14 ساعة يوميا. ويزداد حجم الاستغلال مع عدد أيام العمل الأسبوعية؛ حيث إن 91.00 في المائة من مجموع أفراد العينة يعملون من 6 إلى 7 أيام، ما يعني عدم الاستفادة من العطلة الأسبوعي. وتتوزع مكونات العينة المستهدفة عمريا بين مواليد 2006 في الحد الأصغر ومواليد 1997 في الحد الأكبر، وبالتالي فالأعمار تتراوح بين 7 سنوات و16 سنة. وفي التفاصيل الفئوية، حسب العمر، نجد أن 116 طفلا يشكلون فئة الحد الأكبر المتمثل في 16 سنة أي بنسبة 21.70 في المائة، تليها الفئة العمرية 14 سنة، بما مجموعه 102 طفل وبنسبة 19.10 في المائة، ثم الفئة المتمثلة في 15 سنة بمجموع 88 طفلا و بنسبة 16.50 في المائة، فالفئة المكونة من 78 طفلا والمحددة عمريا في 13 سنة بنسبة 14.60 في المائة. والملاحظ أن هذه الفئات الأربع تشكل أغلب عينة التشخيص بما مجموعه 384 طفلا، في حين لا يصل مجموع باقي الفئات، وعددها 6 متمثلة في المجال العمري الممتد من مواليد 2001 حتى مواليد 2006، سوى إلى 150 طفلا . تفاصيل محاربة تشغيل الأطفال في آسفي يتكون المشروع من برنامجين أساسيين؛ الأول وقائي يستهدف التلاميذ الأكثر عرضة للهدر المدرسي في سن مبكرة، والثاني علاجي يستهدف الأطفال المشتغلين، الذين سبق له التمدرس والانقطاع عن الدراسة، أو الذين لم يسبق لهم أن ولجوا الفصول الدراسية. وسيخضع مشروع محاربة تشغيل الأطفال بآسفي لعملية تقييم حصيلته، بعد ثلاث سنوات، بهدف الوقوف على مدى نجاح أجرأته على أرض الواقع. من جهته، قال محمد كرميم، عضو المكتب الوطني، والمنسق المحلي للمشروع والمشرف على أجرأته في مدينة آسفي، إن المشروع يستهدف 12 مؤسسة تعليمية ابتدائية داخل المدينة، بناء على ما تضمنته الدراسة التي أنجزتها نيابة التعليم والمصالح التابعة لها. وينقسم المشروع إلى محورين، الأول حول المدرسة يتضمن برنامجا متكاملا يعالج ضعف التحصيل لدى الأطفال المتعثرين دراسيا عن طريق الدعم التربوي، إضافة إلى الدعم الاجتماعي والعديد من الأنشطة الموازية لفائدة التلاميذ. وينضاف إلى ذلك استفادة المؤسسات المعنية من عدة عمليات لتحسين فضائها حتى تصبح مجالات استقطاب بالنسبة إلى التلاميذ، وهي العمليات التي ستشهد مشاركة هؤلاء بهدف تحويل التلميذ المشاغب أو المنزوي إلى تلميذ مبدع وخلاق مستغل لكل إمكاناته الإبداعية والفنية. أما المحور الثاني للمشروع، حسب محمد كرميم، فيستهدف الأطفال، الذين غادروا المدرسة في سن مبكر ووجدوا أنفسهم وجها لوجه مع عالم الشغل، دون أن يكونوا مؤهلين لذلك لا عمريا ولا فكريا ولا جسديا، عبر استفادة الأطفال من التربية غير النظامية لإعادة إدماجهم في التربية النظامية. ودق كرميم ناقوس الخطر، مشددا على ضرورة التجند لمحاربة الظاهرة، كل من موقعه، على اعتبار أن المشروع المذكور يهم مدينة آسفي بأكملها وليس مشروع نقابة أو قطاع لوحده. وأوضح كرميم أن نقابته تلقت الدعم من نيابة وزارة التربية الوطنية بآسفي، التي انخرطت في المشروع بناء على اتفاقية الشراكة الموقعة بين النقابة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة دكالة عبدة، ومن مندوبية الشغل ومندوبية الصناعة التقليدية السلطات المحلية. وأبرز أن الإشراف على عمليات المشروع سيتم من طرف لجنة مشتركة ستسهر على التتبع والإنجاز، التي ستضم في عضويتها، إضافة إلى النقابة، النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، إلى جانب بعض جمعيات المجتمع المدني. ووجه احميدة النحاس، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، والعضو في اللجنة الوطنية للمشروع دعوة إلى جمعيات المجتمع المدني والشغيلة التعليمية والمصالح الخارجية والداخلية، إلى ما سماه ب"الحرب" على تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة في مدينة أسفي، اعتمادا على أسلحة الفكر والعطاء والمسؤولية. وتحدث عن أن "مدينة أسفي واحدة من المدن المغربية التي تشهد ظاهرة تشغيل الأطفال دون الخامسة عشرة نموا مضطردا ". من جانبه، اعتبر عبد العزيز إوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، مشروع محاربة تشغيل الأطفال "مشروعا وطنيا يتطلب انخراط الجميع، على اعتبار أن ذلك سيكون مدخلا أساسيا لتجفيف منابع الهدر المدرسي، لأن الطفل مكانه الطبيعي هو المدرسة". وذكر بالتزامات الدولة المغربية في شأن القضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال دون الخامسة عشرة، وأن المغرب اقترح حلولا على شركائه في شأن محاربة تشغيل الأطفال. وعبر عن تفاؤله بإنجاح المشروع، الذي يروم جعل مدينة آسفي مدينة خالية من تشغيل الأطفال، اعتبارا لما لاقاه المشروع من دعم وتجاوب من قبل الشركاء وطنيا ومحليا من تجاوب ودعم. من جهته، تحدث محمد زمهار، رئيس مصلحة التخطيط نيابة عن النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بآسفي، عن أن مشروع محاربة تشغيل الأطفال بالمغرب، الذي عرف انطلاقته الأولى من مدينة فاس سنة 2004، يعرف تدخل العديد من الشركاء من بينهم وزارة التربية الوطنية، يعرف، حاليا، تعميما على مستوى أربع أكاديميات جهوية للتربية والتكوين من بينها دكالة عبدة . وأشار إلى أن النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية في آسفي، كانت سباقة إلى محاربة الهدر المدرسي عبر العديد من المشاريع الاجتماعية، ومنها برنامج الأولويات الاجتماعية وبرنامج تيسير، إلى جانب إعلان انخراطها في مشروع محاربة تشغيل أطفال آسفي. وتبعا لذلك، تضع خبراتها وإمكانياتها رهن إشارة المشروع حتى يحقق الأهداف المتوخاة في رؤية آسفي خالية من تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة. من جانبه، ثمن المندوب الإقليمي للشغل بآسفي المشروع الذي تبنته الفيدرالية الديمقراطية للشغل، معبرا عن دعم وزارة التشغيل، بانخراطها في المشروع بالعمل عبر مفتشياتها في تشديد الرقابة على تشغيل الأطفال.