عاش الجمهور المراكشي وعشاق الموسيقى الروحية العريقة، بمقر مؤسسة دار بلارج بالمدينة العتيقة لمراكش، مساء الجمعة الماضي، لحظات مميزة من السماع والمديح والأنغام الصوفية وذلك في حفل موسيقي روحي يتغنى بقيم الإسلام والمدائح النبوية في صيغة أذكار وأشعار صوفية، على هامش ليالي موسيقى التراث في سنتها الثانية، التي أحيتها "مؤسسة دار بلارج لرعاية الثقافة"، و"جمعية الشيخ الجيلالي امتيرد"، بشراكة مع مديرية الشؤون الثقافية لجهة مراكش. واستمتع عشاق هذا اللون الموسيقي بوصلات فن السماع والإنشاد الروحي، من إبداع مجموعات صوفية بمراكش، أتحفت الجمهور بابتهالات وتواشيح مواويل صوفية. وتنوعت العروض الموسيقية لهذه السنة بين فن الملحون، والموسيقى والإنشاد الروحي، والحضرة الصوفية والذكر العيساوي، في انسجام مع تيمة الدورة، التي نجحت في أن تلامس التصوف بكل تمظهراته وتلويناته الموسيقية وتعبيراته الصوتية. كما عاش عشاق الموسيقى الروحية احتفالية ارتقت فيها الأرواح، وترنحت لها الأجساد وسبحت وذكرت ومدحت فيها الألسن، لأزيد من ساعتين، في أغان وأذكار دينية على إيقاع الحضرة الصوفية، زادتها أذكار مجموعة للازهور للحضرة النسائية، بإيقاعاتها المتميزة، رونقا وجمالا. وأهم ما ميز الحفل الفني، الذي عرج بكل الحاضرين في سفر روحي إلى عمق الشعر الوجودي الإنساني وأرهف القوافي الصوفية، تكريم للازهور مقدمة الحضرة النسائية بمراكش، التي انطلقت قصتها مع تحضارت بدرب مولاي عبد القادر بالمدينة العتيقة عندما توفي زوجها، لتقترح عليها إحدى الحضارات مرافقتها إلى الحفلات التي تحييها، إلى أن استوعبت أسرار هذا الفن، فالتحقت بالمقدمة زبيدة الشريفة. تقول للازهور إن "الذكر بحر، ومن يدعي حفظ كل أنواعه فهو كذاب، ومنه التهامي والجلاليي والمغاري والمختاري والعيساوي والحمدوشي، وفي زماننا، كنا نطلب من معلماتنا أن يعلمننا نوعا معينا من الذكر، وعندما نحفظه ننحني ونقبل أرجلهن، لأن الذكر كنز ثمين ومعرفته نادرة". وأضافت للازهور، في تصريح ل "المغربية"، أن الحضارات كن يشاركن في إحياء كل المناسبات الاجتماعية من أفراح، وعقيقة وخرجة الحاج ودخلته، إضافة إلى مواسيم الأضرحة"، مؤكدة أن حيها الأصلي هو درب قايد راسو بباب أيلان، إذ كانت تشتغل في إعداد الفلفل الحار قائلة "كنا نشتريه من باب الخميس وننشره في الشمس ثم نذهب به إلى الرحى بأكدال". وأوضحت للازهور المحتفى بها أنها استعادت أجواء الحضرة بزاوية مولاي عبد القادر بدرب الحلفاوي، قائلة "في اليوم الأول، يغسل القمح بالحضرة، وفي اليوم الثاني يهيأ "هربل" وهي أكلة من القمح والحليب بالحضرة، وفي اليوم الثالث يقام الموسم وتشارك فيه سبع مقدمات يبدأن بالتبييضة، بالصلاة على النبي ويطلبن التسليم، مرفوقات بالحليب والبخور وماء زهر، فتدخل كل مقدمة إلى قبة وتؤدي نمطا خاصا من الذكر".