اختتمت فعاليات الدورة الدولية الثالثة للموسيقى الصوفية مساء يوم الأحد الماضي، بتكريم العلامة محمد بنشريفة، خريج مدرسة ابن يوسف العتيقة بمدينة مراكش الذي تبوأ مكانة مرموقة في هرم البحت العلمي بالمغرب، بحضور أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأحيت المجموعة الموسيقية "أورنينة" السورية، حفلا ساهرا بقصر سليمان، في حفل أقيم على هامش اختتام الدورة الدولية الثالثة للقاءات والموسيقى الصوفية، المنظمة من طرف جمعية "منية مراكش لإحياء وصيانة تراث المغرب" تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قدمت خلاله مجموعة من أغانيها المميزة من الطرب الأصيل والقدود الحلبية، نالت استحسان الجمهور الغفير، الذي استمتع بالطرب الأصيل واللحن الجميل وأفضل المقاطع الموسيقية والإنشادية، التي تعبر عن روح المحبة والتسامح والسلام، كما استمتع الجمهور، الذي تابع حفل الاختتام، بفقرات متنوعة من الابتهالات والأمداح النبوية، قدمتها مجموعة السماع والمديح بالزاوية الشرقاوية، التي مازالت تحافظ على الطابع المغربي في أداء السماع دون أن تدخل عليه الطابع الفارسي والأندلسي. وعاش الجمهور المراكشي وعشاق الموسيقى الروحية العريقة برحاب قصر البديع الأثري بالمدينة العتيقة، الذي يعود بناؤه إلى الدولة السعدية خلال القرن السادس عشر الميلادي، لحظات مميزة من السماع والمديح والأنغام الصوفية في حفل موسيقي روحي، يتغنى بقيم الإسلام والمدائح النبوية في صيغة أذكار وأشعار صوفية، على هامش الافتتاح الرسمي للدورة الثالثة، التي استمرت على مدى خمسة أيام، استمتع من خلالها عشاق هذا اللون الموسيقي بوصلات فن السماع والإنشاد الروحي، من إبداع المجموعة العباسية بمراكش، التي أتحفت الجمهور بابتهالات الشيخين، أبو العباس السبتي، وسيدي المعطي بن الصالح. ونجحت مجموعة الحضرة الشفشاونية، التي أضفت على حفل الافتتاح بأزيائها الشفشاونية التقليدية، رونقا وجمالا خاصين، في تقديم وصلات من الحضرة الشفشاونية، التي تتميز بإيقاعها المركب، وتتغنى بقصائد وأزجال الشيوخ المحليين للزاوية البقالية بشفشاون، وأنغام من فن التبشير، وهو لون خاص بالنساء ينشدنه بمناسبة عيد المولد النبوي، بإيقاع رفيع ورشيق، ألهبت من خلالها حماس الجمهور ،عاشق الموسيقى الروحية. وأهم ما يميز مجموعة الحضرة الشفشاونية، التي تأسست سنة 2004 برئاسة رحوم البقالي، عن باقي المجموعات الصوفية، أزياؤها التقليدية، التي توحد عناصرها، وتتكون من لباس يشبه القفطان الشفشاوني، والشَدَة، ومنديل يوضع فوق الرأس، ويسمى بالشفشاونية (السبنيَة السوِيسِيَة)، والحراز وهو على شكل عمامة يعتمر بها على الرأس، إضافة إلى انتعال (الشربيل)، الذي يجب أن ينسجم مع اللباس الموحد ككل. وتميزت فعاليات الدورة الدولية الثالثة بتكريم عميد الإنشاد المغربي، الحاج محمد باجدوب، في حفل بهيج أقيم بباحة الكتبية، حضره مجموعة من المادحين من المغرب، ومجموعة شباب الأندلس لطرب الآلة، وإحياء حفلات فنية يطغى عليها الطابع الروحاني بعدد من المعالم الأثرية والتاريخية، التي تزخر بها مدينة سبعة رجال، إذ كان عشاق هذا النوع الموسيقي، خلال خمسة أيام، على موعد مع ألوان مختلفة من الموسيقى والسماع الصوفي في ملتقى سماع للإنشاد الصوفي أحيته فرق موسيقية من المغرب، وتونس، وتركيا، وسوريا، في حفلات سماعية من ضمنها حفل "الصبوحي"، أو ما يسمى بذهبية الشروق، وهي نوبة من نوبات الموسيقى الأندلسية المغربية "نوبة العشاق"، تقام فجرا احتفاء بطلوع يوم جديد. وفي تصريح ل "المغربية"، أكد مولاي هشام السعيدي، الكاتب العام لجمعية "منية مراكش لإحياء وصيانة تراث المغرب"، أن الموسمية الثالثة حققت نجاحا باهرا بالمقارنة مع الدورتين السابقتين، لأنها لمست من حيث الندوات موضوعا أساسيا، وهو الفتوة والتربية على الإيثار، الذي جرى تقديمه كمنهج يمكن أن يقتدى به لإعادة الاعتبار للهوية الإسلامية الروحية، التي تتعطش إليها الأفئدة في الارتقاء إلى مكارم الأخلاق، إضافة إلى التنوع من حيث حضور المجموعات السماعية المشاركة، سواء من المغرب العربي كتونس والمغرب، ومجموعات سماعية أخرى من الدول العربية الشقيقة كالعراق وسوريا.