أسدل الستار مساء أمس الأحد بقصر سليمان بمراكش على فعاليات الدورة الدولية الثالثة للقاءات والموسيقى الصوفية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في الفترة مابين 27 و31 أكتوبر الجاري. وتميز حفل الاختتام، الذي حضره وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، بتكريم العلامة الأستاذ محمد بنشريفة عميد الأدب العربي والأندلسي، الذي تبوأ مكانة مرموقة في هرم البحث العلمي وتجاوزت شهرته الأكاديمية حدود المغرب حيث لم يعد بمستطاع أحد التأريخ لعوالم الحضارة الأندلسية دون الرجوع إلى كتبه. ونوهت كلمات طلبة وأصدقاء المحتفى به خلال هذا الحفل، بالأعمال الجليلة التي قدمها الأستاذ محمد بنشريفة طوال مساره الفكري والأدبي والمتمثلة في الأبحاث والتحقيقات والترجمات في نوادر المكتبة الأندلسية والتأريخ لرجالاتها في التناول العلمي. وخلال هذه الأمسية الصوفية، أحيت كل من مجموعة السماع والمديح بالزاوية الشرقاوية والمجموعة الموسيقية "أورنينة" من سوريا، حفلا للسماع قدمت خلاله المجموعتين فقرات في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وابتهالات وتواشيح نالت إعجاب الجمهور الحاضر. وعرفت هذه الدورة، التي جرت أنشطتها بأهم المعالم المعمارية والتاريخية للمدينة الحمراء كقصر البديع وباحة جامع الكتبية وقبة المنارة وعرصة مولاي عبد السلام وقصر سليمان وقصور أكفاي، تنظيم معرض اللوحات الفنية لكتاب ذخيرة المحتاج للشيخ سيدي المعطى بن الصالح الشرقي الذي بلغت أجزاؤه ستين سفرا وشهد له معاصروه من المغاربة والمشارقة بالتفوق والنبوغ والابداع. وتضمن برنامج هذا الموعد الثقافي، المنظم من طرف جمعية منية مراكش لإحياء وصيانة تراث المغرب، مجالس السماع الصوفي، ومحاضرات، ومذاكرات محاسن المجالس وحفلات للسماع أحيتها مجموعات موسيقية من المغرب وتونس وتركيا وسوريا. واشتمل البرنامج على تنظيم حفلات السماع قدمتها المجموعة العباسية بمراكش ومجموعة نساء الشاون برئاسة رحوم البقالي، ومن ابتهالات الشيخين أبي العباس السبتي وسيدي المعطى بن الصالح، ومقام ابتهاج لمجموعة الدقة المراكشية برئاسة المعلم عبد الرحيم بانا، إلى جانب حفل تكريم الأستاذ الفنان الحاج محمد باجدوب. ومن بين هذه الحفلات التي أحيتها هذه المجموعات، حفل " الصبوحي " أو ما يسمى بذهبية الشروق وهي نوبة أندلسية "العشاق" تقام فجرا احتفاء بطلوع يوم جديد قامت بتقديمها مجموعة الحاج محمد باجدوب ومجموعة شباب الأندلس برئاسة الأستاذ أمين الدبي. وتخلل برنامج هذا اللقاء الصوفي، ندوات تم خلالها التركيز على محورين أساسين، الأول يهم "مرايا الأمراء" وهي احتفالية السلطان الموحدي أبو يعقوب يوسف، ومتن "مرايا الأمراء" الذي يسمى أيضا ديوان الملوك. وناقش المحور الثاني "ميراث الأولياء وقضايا المجتمع: سلوك الفتوة والتربية على الإيثار". وتعتبر الفتوة والتربية على الإيثار من أدب السلوك ومن القيم الصوفية التي تهدف إلى تصفية النفس، وترك الخصومة، والتغافل عن الزلة، ونسيان الأذية. يشار الى أن الدورتين الأولى والثانية ناقشت موضوعي "التصوف: شجرة المعرفة والمحبة" (2007) و" حكمة الإنسان الكامل والطبيعة" (2008).