شكلت الاستراتيجية الحكومية في مجال إصلاح السينما الوطنية محور اجتماعات عقدها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، مع مهنيي القطاع مباشرة بعد تعيينه على رأس وزارة الاتصال. عرض الخلفي، خلال هذه الاجتماعات، الخطوط العريضة لرؤية الوزارة بشأن السينما المغربية. وأوضح الخلفي أنه يعتزم الانكباب على إصلاح القطاع على أساس ثلاثة مبادئ، هي الإبداعية والتنوع في إطار تماسك مكونات الهوية والتأهيل التنافسي. وجرت مناقشة هذه النقاط مع المهنيين، الذين عبروا عن رؤيتهم بخصوص سبل تطوير القطاع السينمائي في إطار الشفافية والحكامة الجيدة وإدماج جميع الفاعلين في بلورة السياسات العمومية، التي تهمهم. ويهم الإصلاح صندوق دعم الإنتاج، ولجنة صندوق الدعم، وسياسة المهرجانات السينمائية الوطنية، من خلال مقاربة تكاملية تكرس الحكامة الجيدة. وأفضت هذه اللقاءات المكثفة، إلى المصادقة بالإجماع٬ على دفاتر التحملات المتعلقة بشروط ومعايير وطرق دعم إنتاج الأعمال السينمائية وتنظيم المهرجانات ورقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية. وتنظيم المناظرة الوطنية حول السينما في الفترة من 16 إلى 18 أكتوبر المنصرم بالرباط، التي اختتمت فعالياتها بصياغة أزيد من 200 توصية. وتعد المناظرة، التي شهدت حضور أزيد من 300 مشارك، من بينهم خبراء مغاربة وأجانب، محطة مفصلية في تاريخ تطور السينما الوطنية، خصوصا أنها شكلت فضاء للحوار بين مختلف المهنيين من أجل وضع خارطة طريق للنهوض بالسينما، كما شكلت محطة مناسبة لتقييم المنجز السينمائي الوطني٬ واستشراف المستقبل من أجل انطلاقة جديدة للفن السابع في المغرب. وفي هذا السياق، قال المدير العام للمركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، إن المناظرة شكلت وقفة تأملية للمسار واستكشاف معالم المستقبل، مشددا على أن التراكمات والنجاحات التي حققتها السينما المغربية٬ خلال السنوات الأخيرة، تتطلب مقاربة سؤال الاستمرارية٬ ومتطلبات تطوير هذا القطاع. وشدد على أن الدولة من خلال المركز السينمائي تلعب دورا أساسيا في النهوض بالقطاع السينمائي وتشجيع الإنتاج بواسطة التمويل ومساعدة المهنيين وتشييد المركبات السينمائية لضمان سوق تواكب هذه الطفرة في الإنتاج السينمائي٬ فضلا عن تشجيع ودعم بروز مهرجانات دولية "عالية الجودة"٬ كما هو الشأن بالنسبة إلى مهرجان مراكش ومهرجانات أخرى ذات طابع خاص٬ مثل مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية ومهرجاني طنجة وتطوان للسينما المتوسطية ومهرجان سلا لسينما المرأة وغيرها. وأكد أن المغرب راكم تجربة نوعية على مستوى القطاع السينمائي وطنيا ودوليا٬ جعلته يحظى باعتراف دولي وحضور قوي على مستوى الخريطة العالمية للمنتجين السينمائيين، من خلال تنظيمه سنويا لأزيد من عشر تظاهرات سينمائية كبرى وأربعين مهرجانا. وأوضح الصايل أن المركز يطمح إلى الوصول إلى إنتاج ما بين 30 و35 فيلما طويلا في السنة٬ وتوفير ما بين 200 و250 شاشة عرض٬ بدل 70 المتوفرة حاليا٬ وبذلك "نساهم في خلق مقومات سوق حقيقية تواكب حجم الإنتاج السينمائي المغربي الذي يتطور باستمرار". وأبرز أن المغرب انتقل من إنتاج ما بين 3 إلى 5 أفلام طويلة في السنة إلى 25 فيلما في السنة حاليا٬ مع "جودة مضمونة"٬ بالإضافة إلى نحو 90 فيلما قصيرا٬ مشيرا، أيضا، إلى أن العمل يتواصل بهدف تطوير المهرجانات السينمائية لتصبح "أكثر مهنية٬ وبذلك نربط بين الأبعاد الثلاثة الرئيسية في ما بينها٬ أي الإنتاج واستغلال القاعات والمهرجانات٬ وهو ما يضمن استمرارية الإنتاج السينمائي المغربي والرفع من مستواه".