أكد وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس٬ أمس الخميس بالرباط٬ أن فرنسا عاقدة العزم على نهج "مقاربة هادئة" إزاء قضية الهجرة، وترغب في "الذهاب أبعد" في شراكة الثقة التي تجمعها بالمغرب على جميع المستويات. وقال الوزير الفرنسي٬ خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيره المغربي امحند العنصر٬ "إننا نولي اهتماما كبيرا لتدبير تدفقات الهجرة، ونحتاج للتهدئة في هذا الشأن (...). وبخصوص تبادل الطلبة٬ ندعو إلى سلاسة أكبر". وأضاف المسؤول الفرنسي بهذا الخصوص، في أول زيارة يقوم بها خارج الاتحاد الأوروبي٬ أن البلدين يمكنهما "المضي أبعد من ذلك في شراكة الثقة بينهما"٬ ومفتاح ذلك تيسير الجوانب الإدارية وتسهيل المساطر المطلوبة للحصول على التأشيرات. واعتبر فالس أن التعاون بين البلدين٬ خصوصا بين وزارتي الداخلية٬ ينبع من "علاقة متساوية " لمواجهة "تحديات الهجرة، التي تعتبر الأكبر مستقبلا في العالم"٬ مضيفا أن "العلاقات بين الطرفين ترتكز على مقومات من شأنها أن تكتسي مزيدا من الفعالية". وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، أكد٬ الثلاثاء الماضي٬ أن "المغرب يرفض أن يكون دركيا لأوروبا في مجال الهجرة٬ لذلك لم نوقع معها اتفاقية تنقل الأشخاص"، التي تضم بنودا غير مناسبة للمغرب. وحل وزير الداخلية الفرنسي، أول أمس الأربعاء، بالمغرب، في زيارة عمل تستغرق يومين٬ وصرح في ختام اجتماع مع نظيره المغربي محند العنصر أنه تطرق إلى "موضوعات موسعة" تهم مكافحة الجريمة وتهريب المخدرات والإرهاب، إضافة إلى قضايا أمنية أخرى، فضلا عن تعزيز التعاون في مجال التكوين وتبادل البعثات، وكذا بين السلطات المحلية. يذكر أن أزيد من 463 ألف مغربي حصلوا عام 2010 على تصاريح الإقامة في فرنسا٬ وهو ما صنفهم في المرتبة الثانية بعد الجزائر من الدول خارج الاتحاد الأوروبي. كما جاء المغاربة في المرتبة الثالثة في ما يتعلق بالحصول على تأشيرات الدخول إلى فرنسا بعد الروس والصينيين. وكان المغرب وقع٬ في ماي 2001، مع فرنسا على اتفاقية تتعلق بالتبادل بين المهنيين الشباب بمعدل 100 مستفيد سنويا. من جهة أخرى، قال وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس، أمس الخميس، بالرباط، إن "زمن تسخير الحكومة الفرنسية للإسلام لأغراض سياسية قد انتهى"، معربا عن أمله في أن يتمكن مسلمو فرنسا من ممارسة شعائرهم بكل اطمئنان في احترام تام لقوانين الجمهورية. وأضاف فالس٬ في تصريح للصحافة، عقب مباحثات أجراها مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق٬ أن السلطات الفرنسية الجديدة تحدوها الرغبة في أن يواصل الإسلام وجوده وتطوره في فرنسا، في ظل القوانين المعمول بها في الجمهورية، شريطة أن تمارس شعائره بكل اطمئنان . وقال فالس٬ الذي حل مساء أول أمس الأربعاء بالرباط، في زيارة عمل للمغرب تستمر يومين، يجري خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين المغاربة، "لا يجب الخلط بين إشكالية الهجرة والإسلام"، لأنهما موضوعان مختلفان٬ مبرزا أن الإسلام يعتبر ثاني ديانة في فرنسا، وأن الشعائر الدينية يجب أن تمارس في إطار الكرامة وفي أماكن موقرة للعبادة. وبعد أن أبرز التوسع، الذي يشهده الإسلام في الوقت الراهن، أشار الوزير الفرنسي إلى مسجد مدينة إيفري التي كان عمدة لها٬ والذي يشكل٬ حسب قوله٬ مثالا على ما يمكن القيام به من عمل خيري في بلد علماني مثل فرنسا، ويشكل رسالة للسلام والوئام تتجسد من خلال العلاقات الجيدة والمثمرة بين المغرب وفرنسا. وأكد أن على فرنسا والمغرب تنظيم وتقنين تدفقات الهجرة، لا سيما في سياق الفترة العصيبة التي يعيشها اقتصاد البلدين٬ دون تنميط ووفق إرادة لمواجهة التعسف وفي إطار الخيارات التي قامت بها الحكومة، بناء على التزامات رئيس الجمهورية، المتعلقة على الخصوص، بإلغاء المذكرة الخاصة بعمل الطلاب الأجانب٬ وإنهاء احتجاز العائلات والأطفال قبل ترحيلهم٬ فضلا عن الجهود التي تقوم بها وزارة الداخلية لوضع معايير للتقنين واضحة وقابلة للتطبيق على مجموع التراب الوطني٬ وهو ما يتماشى مع ضرورة التوفيق ما بين الصرامة والإنسانية. وأبرز أن مباحثاته مع التوفيق تناولت كيفية تنظيم ممارسة الشعائر الدينية بفرنسا٬ وكذا الدور الذي يضطلع به مجلس مسلمي فرنسا في هذا المجال٬ وتكوين الأئمة٬ مؤكدا أن هذه القضايا تشكل تحديا بالنسبة لبلاده . من جانبه٬ قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إن المباحثات همت قضايا مشتركة ترتبط بانتظارات وطلبات تأطير المساجد بفرنسا، وتنظيم الشأن الديني بالنسبة للمغاربة المقيمين بفرنسا٬ مشيرا إلى أن هناك توافقا بشأن العمل المؤسساتي والتعاون من أجل مصلحة الجالية. وأكد أن الوزارة تقوم بواجبها تجاه الجالية المغربية المقيمة في فرنسا، عبر الاستجابة لحاجاتها المتعلقة بمتطلباتها الدينية في جو من الشفافية والتعاون المؤسساتي مع الحكومة الفرنسية٬ مضيفا أنه سيجري الانتقال إلى خطوة تجعل مبادئ هذا التعاون أقوى لصالح المسلمين عامة والمغاربة خاصة في فرنسا.