"من ينقذ بناتي من عنف الأب؟ أين هو العدل؟ هل ستنصفني الحكومة؟". عبارة قوية أطلقتها كريمة الرجراجي، ضحية عنف زوجي، صباح أمس الخميس، في ندوة صحفية نظمتها فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بالدارالبيضاء، في إطار مواصلة حملتها التحسيسية والترافعية حول العنف ضد النساء. واصلت الرجراجي شهادتها وهي تجفف دموعها، قائلة "تعرضت للعنف من طرف زوجي في مرحلة الزاوج، ومازلت معنفة بعد الطلاق، طرقت جميع الأبواب، فوجدتها موصدة، إلى أن وجدت فرع الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بالرباط". الرجراجي أم لثلاث بنات، ذاقت مرارة التعذيب الجسدي والمعنوي والنفسي من طرف زوجها، المدمن على الخمور و"القرقوبي"، حاولت التخلص من جحيم العذاب فطلبت الطلاق، لكن، رغم حصولها على الحرية، مازال الطليق يتعقب خطواتها، ويشبعها ضربا هي وبناتها. ناشدت الرجراجي الحكومة بإنصاف بناتها من الذل والقهر وحمايتهن من الضياع، وقالت إنهن حصلن على ميزات "حسن" خلال الموسم الدراسي الحالي، ولا يجدن بيتا أو غرفة للسكن بها. من بين النساء المعنفات اللواتي أدلين بشهاداتهن الصادمة خلال الندوة الصحفية، لطيفة الصاعي، من مدينة العيون، وهي أم لطفلين، لم تسلم بدورها من العنف الزوجي. استطاعت الصاعي تكسير طابو تعرض النساء في الجنوب للعنف الزوجي، إذ قالت إن "المرأة لم يكن من حقها الإفصاح عن تعرضها للعنف، وإن اشتكت لأفراد العائلة، يلزمونها بالعودة إلى بيت الزوجية". وطالبت الصاعي، وهي أستاذة، الحكومة بتعجيل تفعيل قانون إطار للعنف ضد النساء لحماية المعنفات. لم تتوقف الشهادات عند النساء ضحايا العنف، بل أدلى أقارب نساء فقدن الحياة بسبب العنف بشهاداتهم. يقول والد السعدية، التي تتحدر من منطقة العونات بإقليم الجديدة "ابنتي تعرضت للعنف مرارا من قبل زوجها، وخضعت للعلاج بالمستشفى بعد الاعتداء عليها بواسطة سكين، لكن كنا دائما نطلب منها العودة إلى بيت الزوجية، إلى أن وضعت حدا لحياتها، بتناولها مبيدا فلاحيا". أما ابن عم الضحية لالاتهم حليم، التي تتحدر من مدينة تاونات، فأكد أنها توفيت نتيجة لاعتداء بالضرب من طرف زوجها، ولم يعاقب الزوج، مشيرا إلى أن العائلة مازالت تنتظر التشريح الطبي من مختبر الدرك الملكي بتمارة. في هذا السياق، قالت فوزية العسولي، رئيسة فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، إن الفيدرالية قررت مواصلة الحملة التحسيسية، من أجل دق ناقوس الخطر، بسبب توالي تعرض النساء لأشكال متعددة من العنف (اغتصاب فردي وجماعي، وضرب وتعذيب وتعنيف، وتقتيل، وانتحار). وتأسفت العسولي ل"عدم اهتمام المسؤولين والحكومة بهذه القضايا، بالمطالبة بفتح تحقيقات في الموضوع"، معتبرة أن ما أكدته وزيرة التنمية الاجتماعية والتضامن حول "إقرار الوساطة أثناء العنف جيد، لكن الوساطة ليست ذات جدوى في حالة تكرار الاعتداءات". وذكرت العسولي بجواب وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الثلاثاء الماضي في البرلمان، حول تعديلات القانون الجنائي، إذ تحدث فقط عن بعض التعديلات. وركزت العسولي على ضرورة تفعيل القانون الإطار الخاص بالعنف، الذي "سيحمي المرأة من "التجرجير" بمختلف المصالح، باعتماده على الشباك الوحيد". يشار إلى أن الرابطة نظمت في اليوم نفسه وقفة في ساحة محمد الخامس، بالدارالبيضاء، للتنديد بحجم الاعتداءات الجسدية على النساء، كما ستنظم مناظرة دولية يومي 14 و15 يوليوز الجاري، تشارك فيها جمعيات وطنية ودولية، وهيئات سياسية و نقابية، وفعاليات تهتم بالموضوع، في إطار مواصلة حملتها التحسيسية والترافعية، لتعزيز ما أقره دستور فاتح يوليوز2011 من آليات لحماية حقوق النساء والنهوض بها.