طالب العديد من الأحزاب، في الأغلبية والمعارضة، عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بالمزيد من "الصراحة والوضوح" في موضوع تدبير ملف الانتخابات الجماعية المقبلة، التي ستمكن نتائجها من رفع حالة التناقض الدستوري الواقعة حاليا بين غرفتي أعلى سلطة تشريعية، مجلس النواب ومجلس المستشارين. وتتمثل حالة التناقض الدستوري بين غرفتي البرلمان في وجود مجلس نواب منتخب وفق مقتضيات الدستور الجديد، بينما انتخب أعضاء مجلس المستشارين وفق مقتضيات دستور 1996، الذي نسخ الدستور الحالي كل نصوصه ومقتضياته. هذا التناقض يحتم على الحكومة تركيز الجهود لوضع أجندة واضحة لإجراء الانتخابات الجماعية المقبلة، رغم اقتناع أغلب الأحزاب السياسية بصعوبة إجرائها في نهاية السنة الحالية، لأن انتخاب أعضاء مجلس المستشارين، البالغ عددهم 120 عضوا، يتطلب إجراء الانتخابات الجماعية وانتخاب المجالس الإقليمية والجهوية والعمل على تنزيل القوانين التنظيمية الخاصة بالانتخابات في وقت قريب، على اعتبار أن إجراء الانتخابات الجماعية المقبلة يعد اختبارا رئيسيا ثانيا للحكومة، بعد المصادقة على قانون المالية. وعلمت "المغربية" أن أحزاب الأغلبية منهمكة في التباحث حول إجراء الانتخابات الجماعية منذ ابريل الماضي، ومازالت مستمرة في مناقشة الموضوع، دون أن تتمكن من تحديد أجندة واضحة لإجرائها، أو حتى تحديد أولويات الحكومة بخصوص تنزيل القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، خصوصا القانون التنظيمي للجهوية، الذي وضع تقطيعا جهويا جديدا، وعمل على نقل بعض من صلاحيات الولاة إلى رؤساء المجالس الجهوية، وحث على التضامن بين الجهات. وأكدت مصادر "المغربية" أن أحزاب الأغلبية تسعى إلى تحديد تاريخ للانتخابات، وأن هناك ميلا لتنظيمها في أقرب وقت ممكن، وأن بعض أحزاب الأغلبية شرعت بالفعل في التموقع في الدوائر المحلية، في المدن والقرى، التي لديها فيها حظوظ للفوز، مبرزة أن حزب التقدم والاشتراكية يطالب حلفاءه في الأغلبية بالإسراع بوضع أجندة خاصة بالانتخابات في أسرع وقت ممكن، مع ما ينبغي اتخاذه من قوانين. إلا أن حلفاءه في الحكومة يفسرون تأخرهم في تحديد موعد الانتخابات بانشغالهم في أوراش الإصلاح القضائي، وانطلاق الحوار الاجتماعي مع النقابات، وتطبيق تعميم التغطية الصحية، ومعالجة ملف الشباب حاملي الشهادات الجامعية العليا العاطلين عن العمل. وفي بيان لرئيس الحكومة، صدر مؤخرا، أكد بنكيران أن المراجعة الكاملة للوائح الانتخابية تتطلب وقتا طويلا، ويمكن أن يؤثر ذلك في أجندة إجراء الانتخابات الجماعية المقبلة، متوقعا أن يستغرق تنزيل المقتضيات الجديدة الواردة في الدستور، المتعلقة بالانتخابات، سنة كاملة، حتى "يحصل تنزيلها في جو ملائم، يطبعه توافق الجميع". يشار إلى أن الفصل 63 من الدستور ينص على أن مجلس المستشارين سيتكون من 90 عضوا على الأقل، و120 عضوا على الأكثر، ينتخبون كلهم بالاقتراع العام غير المباشر لمدة ست سنوات. واشترط أن يكون ثلاثة أخماس أعضاء مجلس المستشارين يمثلون الجماعات الترابية لكل جهات المملكة بالتناسب مع عدد السكان، ومع مراعاة الإنصاف بين الجهات. وينتخب منهم المجلس الجهوي، على مستوى كل جهة، الثلث المخصص للجهة، بينما ينتخب الثلثان المتبقيان من قبل هيئة ناخبة، تتكون، على مستوى الجهة، من أعضاء المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم، وينتخب الخمسان المتبقيان في كل جهة من هيئات ناخبة، تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية، وفي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، وأعضاء تنتخبهم، على الصعيد الوطني، هيئة ناخبة مكونة من ممثلي المأجورين.