أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة، بمسجد الفردوس بمدينة الرباط. وأكد الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أن الإنسان يحتاج إلى مراقبة مستمرة لنفسه في تفكيره وعمله حتى يكون تفكيره سليما وعمله سديدا، وأن هذا ما يتجلى في ما يسمى اليوم بتحمل المسؤولية عن الأفعال الشخصية وعدم الميل إلى إلقائها على الآخرين. وأوضح الخطيب أن الله تعالى أقسم في مطلع سورة "الشمس" بسبع آيات كبرى دالة على وجوده تعالى ووحدانيته في هذا الكون المنظور، وأن آخر ما أقسم به، عز وجل، هو النفس البشرية لأن هذه السورة تتناول في عمومها موضوعين اثنين، أولهما النفس الإنسانية وما جبلها الله عليه من الخير والشر والهدى والضلال، وثانيهما الظلم والطغيان المتمثل في ثمود قوم صالح، الذين طغوا وعتوا عن أمر ربهم وعقروا الناقة فأهلكهم الله ودمرهم. وأضاف أن الله تعالى يخبر في هذه الآيات أن الفوز والفلاح منوط بتزكية النفس وتربيتها على الخير، وحملها على طاعة ربها، وتطهيرها من كل الأدناس والمعاصي والمآثم، كما أن خسرانها وخيبتها منوط بالإعراض عن ذكر الله والإقبال على الشهوات والملذات الناتجة عن الانغماس في الإثم والفواحش والمنكرات، وتلك هي الحقيقة الكبرى التي تجيء عن النفس البشرية في سياق هذا القسم العظيم، مشيرا إلى أن العبد المسلم يؤمن بأن سعادته في كلتا حياتيه، الأولى والآخرة، مرهونة بمدى تأديب نفسه وتطهيرها، كما أن شقاءها منوط بفسادها وخبثها. وذكر بأن ما تتدسى به النفس وتخبث وتجفو به وتفسد هو الكفر والمعاصي والذنوب والفواحش. لذلك، يقول الخطيب، يتعين لإصلاح النفس وتزكيتها اتباع خطوات النجاة والندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى الذنب في مقبل العمر، وتلك هي التوبة النصوح، كما يتعين مراقبة النفس في كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين الكامل بأن الله تعالى مطلع على كل صغيرة وكبيرة ولا تخفى عليه خافية، فالعبد المسلم ينظر إلى علم الله به واطلاعه على جميع أحواله فيمتلئ قلبه منه مهابة ونفسه إجلالا ووقارا، فيخجل من معصيته ويستحيي من مخالفته والخروج عن طاعته. وأكد أن النفس البشرية، كلما أتيحت لها الفرصة المواتية للملذات، إلا وأقبلت عليها غالبا دون تردد، فإن كانت اللذة في الحلال فإنها تبذر وتسرف وإن كانت في الحرام فإنها لا تقنع ولا تشبع، ولذلك وجبت مراقبتها ومحاسبتها وتوجيه اللوم والعتاب إليها حتى تستقيم وتتوب إلى ربها لأن النفس أمارة بالسوء، مشيرا إلى أنه بذلك اللوم والعتاب والمراقبة والتربية اليومية قد تتحول من النفس الأمارة إلى النفس اللوامة على المخالفة، ومن النفس اللوامة إلى النفس المطمئنة، وتلك هي الغاية المرجوة من مراقبة النفس ومجاهدتها ومحاسبتها، وهو ما يصطلح عليه اليوم بيقظة الضمير. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع رحمته وعفوه الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما، ويجعلهما في مقعد صدق مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.