أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد "التقوى" بمدينة فاس. (ماب) وأوضح الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أنه إذا كان الإسلام ضمن للعباد حقوقا، وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ، تمكن لهذه الحقوق وتدعمها، فإنه في المقابل فرض عليهم واجبات، بحيث لا يتحقق كل حق، لصالح شخص أو جماعة، إلا عندما يقوم شخص آخر وجماعة أخرى بواجبها، الذي يترتب عنه إعطاء ذلك الحق. وأكد أن الدين المستمد من القرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة أوجب على العبد المسلم فرائض وواجبات، منها طاعة الله عز وجل، وتوحيده وإجلاله وتعظيمه، مضيفا أن الإسلام هو الاستسلام والانقياد والخضوع المطلق لله تعالى، والرضى الكامل بأحكامه وشرعه، إذ أن المسلم الحق هو الذي يخضع لأمر الله تعالى، ويخلص له في الاعتقاد والعبادة. ومما يجب على المسلم العناية به وحمايته وحفظه من الوقوع في المهالك، يقول الخطيب، نفسه التي هي إحدى الضروريات الخمس الواجب حفظها شرعا، في جانب صحة الجسد وصحة العقل وسلامة السلوك، فالمسلم يؤمن بأن سعادته في الدارين مرتبطة بمدى تأديب نفسه وتهذيبها وتزكيتها وتطهيرها، وأن شقاءها منوط بفسادها وخبثها، مشددا على أن مما يعتق النفس ويزكيها حملها على الإيمان السليم والعمل الصالح والتوبة النصوح، ومراقبتها ومحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة. وذكر الخطيب بأن الإسلام ليس محصورا في الصلاة والزكاة والصيام والحج، لكنه، بالإضافة إلى ذلك، دعوة إلى الكف عن محارم الله، والوقوف عند حدوده، فالمسلم يرعى ما عليه نحو غيره من واجبات فيلتزم بها ويؤديها على الوجه المطلوب شرعا، وهو يعتقد أن ذلك عبادة لله تعالى وقربة يتقرب بها إليه سبحانه، سواء تعلق الأمر بالأبناء نحو الآباء أو بالآباء نحو الأبناء، أو بذوي الأرحام والقرابة، أو المجاورة والصحبة، أو بعامة المسلمين وغير المسلمين. وأشار إلى أن المؤمن يؤمن بواجب صلة الأقارب وذوي الأرحام والناس أجمعين، وببرهم والإحسان إليهم، يوقر كبيرهم، ويرحم صغيرهم، ويعود مريضهم، ويواسي منكوبهم، ويعزي مصابهم، يصلهم وإن قطعوه، ويلين لهم وإن جاروا عليه وقسوا معه، كل ذلك في إطار المحبة والإخاء والود والصفاء. من جهة أخرى، تطرق الخطيب إلى احتفاء المغاربة قبل يومين بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي حررتها ثلة من المواطنين الأبرار وقدمتها إلى سلطات الاحتلال، بتنسيق وتوجيه تامين مع رائد الحركة الوطنية والكفاح، وأب المقاومة المغربية، جلالة المغفور له محمد الخامس، مبرزا أن هذه الذكرى الوطنية المجيدة كانت حدثا جريئا، وعملا بارزا ويوما مشهودا في تاريخ الجهاد والكفاح الوطني المشترك، الذي خاضه الشعب المغربي بجميع مكوناته بقيادة العرش العلوي المجيد. وأكد الخطيب أن يوم 11 يناير من كل سنة سيظل يوما مشهودا، منقوشا في ذاكرة الأمة المغربية، يعتز ويفتخر به كل واحد من أبناء هذا الوطن العزيز، ويبقى مناسبة متجددة يذكرها الخلف عن السلف، جيلا بعد جيل. وتضرع الخطيب، في الختام، إلى العلي جلت قدرته، بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين وتجمع به كلمة المسلمين، وأن يجعل سبحانه وتعالى كل مبادراته أعمال خير وبركة، ويفتح على الأمة على يديه أبواب اليسر والنجاح والرخاء، ويبارك فيه لشعبه ضامنا للحقوق وميسرا للقيام بالواجبات، وأن يقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وأن يشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما توجه الخطيب إلى الباري تعالى بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين الجليلين، المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، وأن يطيب ثراهما ويكرم مثواهما ويجزيهما الجزاء الأوفى على ما قدما للوطن والعرب والمسلمين.