"لوكنت مرتشيا، ما عرض هذا الملف على أنظاركم". هكذا بدأ العميد محمد جلماد، الرئيس السابق للمنطقة الأمنية بالناظور، تصريحاته، مساء أول أمس الثلاثاء، أمام الهيئة القضائية بقاعة الجلسات 8 بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. وأضاف جلماد، الذي بدا واثقا من نفسه ويتحدث بلغة عربية سليمة، قائلا "لا أعرف كيف أقحم اسمي في هذه القضية، وليست لي عداوة مع أحد، وذنبي الوحيد أنني قمت بواجبي فقط"، وسرد أمام الهيئة، ، التي تنظر في ملف بارون المخدرات، نجيب الزعيمي، إلى جانب 36 متهما، بينهم امرأة، ما حققه من "تفكيك عصابات خطيرة"، خلال عمله بمدينة سلا ومكناس والناظور. وأوضح جلماد، في تصريحاته، التي دامت قرابة نصف ساعة، حين سأله القاضي عن المتهم الرئيسي، نجيب الزعيمي، قائلا "أعرفه بالاسم فقط، وكانت هناك مذكرة بحث باسمه لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لكن من هو؟ لا أدري، ولم يسبق أن التقيته، ولم أتصل به". وأفاد أنه لم يعلم قانونيا بتاريخ اعتقال الزعيمي من قبل الفرقة الوطنية، إلا بعد أيام من تنفيذه لأكبر عملية حجز للمخدرات بالناظور، إذ سمع الخبر من قبل بعض العناصر الأمنية، ولم يكمل البحث في القضية لأن مصلحة الشرطة القضائية تدخلت في الموضوع. وفي جوابه عن سؤال للمستشار الطوشي، رئيس الجلسة، حول الاتهامات الموجهة إليه، قال جلماد، المتابع بتهمة الارتشاء "أعفيت من مهامي وتوبعت في هذه القضية بعد أن تدخلت، في 2 ماي 2010، لحجز أكبر كمية مخدرات بالناظور، بعد أن تلقيت معلومات حول مكان وجودها في مرآب منزل، ومعدة للتصدير في سيارات مختلفة، من مخبرين بالمدينة، فأخبرت والي الأمن بوجدة، والإدارة العامة للأمن الوطني، واتخذت جميع الإجراءات اللازمة كي لا تسرب معلومات حول العملية، ثم انتقلت رفقة رئيس الشرطة القضائية وضباط من الشرطة القضائية، ومديرية الاستعلامات العامة، مصحوبين بعدد من الكلاب المدربة، وتمكنت من حجز هذه الكمية"، مشيرا إلى أنه لم يكن يعلم "من صاحب هذه المخدرات، وشرع في تحرياته بعد ورود معلومات أن يكون الزعيمي صاحبها". وأبرز جلماد أنه في يوم 5 ماي 2010، تلقى مكالمة هاتفية من صديق له يدعى إدريس حنيفة، وطلب منه الأخير التدخل لفائدة شخص يعرفه وأوصاه به، قائلا "الله يخليك هناك شخص يربي المواشي ولديه مشاكل في الناظور، واسمه الزعيمي"، وأجابه بأن يرسل له هذا الشخص إلى المقهى في صباح اليوم الموالي. وأشار جلماد إلى أنه مباشرة بعد إنهاء المكالمة، اتصل بوالي الأمن بوجدة، وأخبره بالمكالمة موضحا أنه يتوقع أن يكون هذا الشخص الذي سيلتقيه هو "الزعيمي" المبحوث عنه، وأنه سيتخذ إجراءاته لاعتقاله بالمقهى، فعقد اجتماعا بعناصره في مكتبه، واستعان بأشخاص من الاستعلامات العامة، لوضع كمين محكم لهذا الشخص، لكنه، يضيف جلماد، لم يحضر، واتصل به مرتين، وفي المرة الثالثة اتصل من مدينة مليلية المحتلة، وقال إنه يؤجل اللقاء به إلى أن يسافر إلى الرباط "للتشاور"، ولم يعاود الاتصال به إلى أن سمع باعتقال الزعيمي. وسأله القاضي عن الإجراءات، التي يتخذها قبل أي عملية، والأشخاص الذين يساعدونه، فقال إنه يشرك في عملياته عناصر الأمن العمومي، والشرطة القضائية، والاستعلامات العامة، وأنها ليست العملية الأولى، التي يقوم فيها بإخبار رؤسائه والمسؤولين في الإدارة العامة، موضحا للمحكمة "قمت بواجبي فقط". واستمعت الهيئة القضائية، خلال الجلسة نفسها إلى ثلاثة متهمين، بينهم ياسين الجيراري، مدير وكالة بنكية بالناظور، الذي نفى ما نسب إليه من تهم، كما استمعت إلى صحافي بالرباط، الذي أكد أن لا علاقة له بالموضوع، وأنه تعرض للاختطاف والتعذيب. وقررت الهيئة القضائية باسئنافية البيضاء، مواصلة الاستماع إلى 22 متهما، ضمنهم الزعيمي، وشقيقه الأصغر، وشقيقته، ووالده، اليوم الخميس، في جلسة مسائية.