يعتبر من أبرز الموسيقيين الذين أسسوا التعليم الموسيقي الآلي العربي بالمغرب، خاصة آلة العود، التي نهج في تدريسها أسلوبا علميا جديدا لم يكن متداولا من قبل إذ اتبع في ذلك طريقة تربوية تتمثل في تخصيص مجموعة من التمارين والقطع الموسيقية المتفاوتة الصعوبة، حسب المستويات الدراسية، خصوصا أنه تلقى دراسته الموسيقية بباريس مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وتحديدا بمدرسة "مالتون" الحرة، حيث تعلم أصول الموسيقى النظرية لمدة ثلاث سنوات على يد أستاذ ألماني الجنسية اسمه كوبيل، وبالموازاة مع ذلك، تعلم العزف على العود على يدي أستاذ تركي يدعى بول، وفي الفترة نفسها التقى بالعديد من الفنانين العرب الكبار، مثل إبراهيم صالح، والجاموسي، وعلي السريتي. إنه الفنان المغربي أحمد سليمان شوقي، الذي ولد عام 1929، وكان والده من أمهر حرفيي فاس في الزليج البلدي، كما كان يعشق فن الملحون وينظمه، شأنه شأن حرفيي ذلك العصر. درس شوقي في فاس، مسقط رأسه، ثم رحل إلى فرنسا، حيث ظل يدرس ثلاث سنوات أصول الموسيقى في معهد "مارتونو". فحصل على دبلوم مدرسة الفن "مارتونو" بباريس سنة 1956، وعاد إلى المغرب حيث فتح معهدا موسيقيا بمراكش سنة 1957. وفي نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وتحديدا في سنة 1959، التحق بالمعهد الوطني للموسيقى، التابع لوزارة الثقافة، ثم بالمعهد البلدي للموسيقى كأستاذ لآلة العود، تخرج على يديه العديد من الأساتذة في آلة العود، من أبرزهم الفنان الحاج يونس، الذي شهد له العالم ببراعته في العزف. شغل شوقي منصب مدير المعهد البلدي للموسيقى والرقص، والفن المسرحي، بالدارالبيضاء، ثم مثل المغرب في عدة مؤتمرات موسيقية قبل أن يعود لتدريس العود بالمركب الثقافي للمحمدية ويرأس جمعية أصداء النغم. وللأستاذ شوقي عدة أعمال موسيقية وغنائية، لحن للمجموعة الصوتية أوبريت "سراب" وهي من تأليف أحمد الطيب العلج، ولحن للفنان محرم فؤاد أغنية بعنوان "فراق غزالي"، ولحن للفنانة بهيجة إدريس، وإبراهيم القادري، كما سجل بصوته للإذاعة المغربية العديد من القصائد الغنائية يذكر من بينها "سحر الحديث"، و"لاتنسى مغناك يا قلبي"، و"عدت يا رب". لحن سليمان أغاني"لا تسلني يا ابن أمي"، و"حبيتها وبغاتني"، و"قلبي معاك"، وكان أول من غنى عن الصحراء أغنية بعنوان "الورد والزهر" سنة 1958، بالإضافة إلى العديد من الأغاني الدينية مثل "عدت يا رب"، و"ولِد الحبيب وخده متوردا"، و"أعطاك ربك كوثرا". كما ألف أحمد سليمان شوقي أول "أوبيريت" مغربية عام 1961، بعنوان "سراب" شارك فيها حوالي 75 عازفا، بالإضافة إلى عدد كبير من مغنيات الكورال الإيطاليات واليهوديات، لأنه كان يصعب في ذلك الوقت إيجاد مغنيات مغربيات، وهي عمل ضخم، مكون من ثلاثة فصول بتوزيع موسيقي للأستاذ أندري ماريتون، مدير المعهد البلدي بالبيضاء آنذاك، وتحكي "أوبيريت سراب"، قصة قائد من ورزازات أرسل ابنه إلى القاهرة. في عام 1976، فاز أحمد سليمان شوقي بالجائزة الأولى في العود مع دبلوم وزارة الثقافة، وجوائز تقديرية مهمة داخل الوطن وخارجه. ظل سليمان يلحن المقطوعات ويؤلفها، وتمكن من تسجيل العديد من الأسطوانات، كما دخل تجربة الغناء من خلال بعض الأغاني، التي حملت البصمة الشعبية، كما سجلت له الإذاعة المغربية وإذاعة لندن وباريس والرياض. كان سفيرا للمغرب في مضمار الموسيقى في فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا وكندا وأميركا والجزائر. ينتمي شوقي لأسرة فنية ورثت الفن أبا عن جد، فابنه محمد أستاذ لآلة العود، وزوجته الفنانة سعاد شوقي، أستاذة لآلة القانون، إذ أنها درست "السولفيج" على أيدي أساتذة فرنسيين، وتعلمت العزف على يدي الأستاذين بوبكر الطالبي، والراحل المكي فريفرة، ودرست المقامات العربية على يدي زوجها شوقي، وبعد حصولها على الجائزة الأولى في العزف على آلة القانون، كانت سعاد شوقي أول مغربية تخرجت من معهد موسيقي في مادة آلة القانون. وتشكل سعاد شوقي مع زوجها ثنائيا رائعا لإحياء التراث الموسيقي العربي، بتقديمها لأنماط موسيقية مختلفة ك"السماعيات" و"اللونغات" و"الارتجالات" الموسيقية على شكل تقاسيم على آلتي العود والقانون، وبعض المعزوفات من التخت العربي القديم، ومعزوفات لكبار الفنانين العرب أمثال، محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، وزكريا أحمد، ومحمد القصبجي.