أفضت تحقيقات مصالح الأمن بمدينة وجدة، على خلفية الحريق المهول، الذي دمر أزيد من ألف محل تجاري بسوق مليلية ليلة الخميس- الجمعة الماضيين، إلى اعتقال 58 شخصا وكان هؤلاء المعتقلون استغلوا اشتعال النيران، وشرعوا في نهب وسرقة السلع من المحلات، وتنفيذ أعمال تخريب، جراء حالة الهلع والفوضى، وشساعة الحريق وانتشاره بسرعة. واعتقل المتهمون، حسب مصادر أمنية، في حالة تلبس، وبحوزتهم كميات مهمة من البضائع والملابس، مشيرة إلى أن المتهمين، الذين أحيلوا على العدالة، بعد انتهاء التحقيق معهم كل حسب المنسوب إليه، حاولوا استغلال انشغال جميع المتدخلين بإخماد الحريق، للظفر بجزء من البضائع، التي كان يجري إنقاذها من ألسنة اللهب. وتسبب الحريق في أضرار مادية كبيرة لحقت أزيد من ألف محل تجاري، وإصابة عناصر إطفاء ومواطنين بجروح وصفت بالطفيفة، خلال عملية الإخماد. وفي الوقت الذي لم تعلن بعد الأسباب الرئيسية التي كانت وراء اشتعال النيران، تشير المعطيات الأولية إلى أن الحريق راجع إلى تماس كهربائي وقع وسط السوق. ومن أجل إعادة بناء السوق، الذي يعتبر مورد الرزق الوحيد للمئات من الأسر، ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة، عبد الفتاح الهمام، ترأس، يوم الجمعة الماضي، اجتماعا تقرر خلاله تخصيص مبلغ 10.3 ملايين درهم لإعادة بنائه. حضر الاجتماع، الذي عقد بعد ساعات من إخماد الخريق، مسؤولو مجالس العمالة والجماعة الحضرية لوجدة، والمنتخبون، وممثلو المصالح الخارجية المعنية، وتجار السوق. وقال عمر احجيرة، رئيس الجماعة الحضرية لوجدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه لأجل إعادة بناء السوق، الذي يمتد على مساحة 1.4 هكتار، سوف تساهم الجماعة بمليار سنتيم، بينما تساهم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ 300 مليون سنتيم. وبعد أن عبر عن التضامن الكلي للجماعة مع تجار السوق، الذي يضم نحو 1400 محل تجاري، منها 1068 تتوفر على رخصة مسلمة من المصالح المختصة، دعا احجيرة إلى تعبئة مختلف الشركاء لإعادة بناء هذا السوق. وأشار إلى أنه استنادا إلى رأي الخبراء والمهندسين، فإن إعادة تأهيل السوق، الذي يمثل مصدر دخل لحوالي 2000 عائلة، عملية شبه مستحيلة، بسبب حجم الخسائر التي نتجت عن الحريق، ملاحظا أن أشغال إعادة البناء تتطلب نحو مليارين اثنين من السنتيمات. وكانت الوقاية المدنية بوجدة عبأت أزيد من 100 عنصر إطفاء، و15 شاحنة صهريجية بحمولات 11 طنا، و6 أطنان، و4 آلاف طن من الماء، ومضخات محمولة، ومعدات أخرى متطورة، للسيطرة على الحريق، الذي اندلع حوالي الواحدة والنصف من صباح يوم الجمعة الماضي. وأوضح مصدر من الوقاية المدنية أن ثكنة الوقاية المدنية بالمدينة استنفرت جميع عناصرها ومعداتها للسيطرة على الحريق، الذي سرع من انتشاره وجود مواد قابلة للاشتعال (كحول، وصباغة، وعطور، ونيلون، وخشب)، مبرزا أن خطة التدخل ركزت على محاصرة الحريق في مرحلة أولى، ثم مكافحته. وقال المصدر نفسه إنه جرت محاصرة الحريق حتى لا تمتد ألسنة اللهب إلى محلات أخرى مجاورة للسوق، وإلى الخيرية الإسلامية، والسكان المقيمين بالجوار. وواجه رجال الإطفاء صعوبات أثناء عملية الإطفاء، على رأسها ضيق أزقة السوق، وكذا المنافذ المؤدية إليه، وكثافة المواد القابلة للاشتعال، وغياب فوهات التزود بالمياه. وحسب المصدر ذاته، تمكن رجال الإطفاء، الذين اشتغلوا طيلة ليلة كاملة دون توقف، من السيطرة على الحريق حوالي الرابعة صباحا، وإخماده بشكل نهائي في السابعة صباحا.