إذا صادف وكان الوقت ظهرا، وكنت مارا بالقرب من شارع محمد الخامس، بالدارالبيضاء، فإنك ستشاهد حركة غير عادية بباب السوق المركزي، المعروف بين البيضاويين ب"مارشي سنطرال". عشرات الأشخاص يتقاطرون على عين المكان في وقت واحد. مدخل السوق المركزي بشارع محمد الخامس (أرشيف) لا يتعلق الأمر بالمتبضعين، وإنما بموظفين يلجون السوق لتناول وجبة الغذاء، بعدما تحولت أغلب المحلات التجاربة به إلى مطاعم، وباتت ساحته محتلة بكراسي وموائد من مختلف الألوان والأحجام. يوجد مارشي سنطرال بشارع محمد الخامس، قبالة فندق"لينكولن" العتيق، الذي شيد سنة 1916، عام قبل تأسيس السوق المركزي. يتمركز السوق وسط مبان نموذجية من العمارات الأوروبية، التي شيدت في العشرينيات من طرف المستعمرين، ويرجع تصميم مبنى السوق لصاحب المشروع "بيير بوسكيه"، الذي بدأ أشغال بناء السوق سنة 1917، ودامت سنتين، إلا أنه لم يصبح معروفا ومشهورا حتى سنة 1953 عندما تحول السوق إلى أولى محطات النضال المسلح ضد المستعمر الفرنسي، إذ انطلقت منه أول العمليات الفدائية على يدي المقاوم محمد الزرقطوني، يوم 24 دجنبر 1935. وبعد الاستقلال، أصبح "مارشي سنطرال" يشكل ملتقى للثقافات، ومركزا جذابا للسياح، وكذا الأجانب المقيمين بالدارالبيضاء، بحكم تنظيمه الجيد وعرضه لأجود المواد الغذائية من خضراوات، وفواكه، ولحوم، وأسماك، وفواكه البحر، والتوابل. كما يشتهر السوق بعرضه لمختلف أنواع الزهور والورود. تدهور ملحوظ في الآونة الأخيرة، عرف السوق المركزي تدهورا ملحوظا على مستوى النشاط التجاري، ونسبة المتوافدين عليه، لذلك ارتأى مجموعة من التجار الغيورين على السوق إلى تأسيس جمعية كحل من الحلول، التي يمكن أن تساعدهم على النهوض بوضعية التجار، وأملا في تغيير ملامح السوق، فكانت النتيجة تأسيس "الجمعية البيضاوية لتجار المارشي سنطرال"، التي رأت النور في 27 أبريل 2011، ويرأسها عبد الرزاق ملايو. وتهدف الجمعية إلى إعادة الاعتبار للسوق المركزي، ولمحيطه كتراث معماري، وكذا تحسين وضعية التجار التي تدهورت في الآونة الأخيرة. كما تهدف الجمعية، حسب عبد الرزاق ملايو، إلى خلق شراكات على المستوى المحلي، للقيام بأنشطة داخل السوق، في إطار برنامج مسطر، سيضعه المكتب المسير للقيام بأنشطة تهدف إلى إعادة الإشعاع الذي كان يتمتع به السوق في الستينيات.