بين كرسي السلطة وطاولة الحوار في اليمن مسافات تتزايد تباعدا جراء مواقف الفرقاء السياسيين التي لا تبارح مكانها والتي تكيل التهم لبعضها البعض وسط أزمة سياسية تتزايد حلقاتها ووضع امني أصبح أكثر هشاشة في البلاد. واتخذت الأزمة اليمنية في ظل الخلافات والمواقف المتباعدة بين السلطة و اطراف الطيف السياسي ومختلف الفرقاء في البلاد منحى متصاعدا على الصعيد الأمني الذي تفاقم كثيرا بعد يوم دام امس في مدينتي تعز التي سقط بها سبعة عشر قتيلا و الحديدة التي قتل بها في ذات اليوم شخصان من المتظاهرين فضلا عن إصابة المئات بجروح في المدينتين. وفيما تضع المعارضة كحد أدنى لمطالبها رحيل الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة يحمل الموالون للرئيس اليمني أحزاب اللقاء المشترك والحوثيين وعناصر الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة مسؤولية ما يحدث في اليمن من احتقان وتوتر ومؤامرات على وحدة البلاد وانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية. وتتوالى المبادرات بين الجانبين في محاولة لإبراز حسن النية لديهما من اجل احتواء الموقف وعدم الوصول به إلى خط اللاعودة والى ما لا تحمد عقباه في بلد جمع بين ويلات الحرب والتمرد والإرهاب. فقد اعلن اول امس عن تشكيل قيادة وطنية من المجلس الأعلى لأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي خلال اجتماع عقد اول امس عقد بصنعاء برئاسة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح،تتولى المسؤولية في مواجهة التحديات التي يشهدها اليمن. واعتبرت هذه القيادة ان اي انقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية أمر مرفوض ولايمكن القبول به وسوف يتصدى له الشعب اليمني ومؤسساته الدستورية وكل قواه الخيرة بحزم وقوة. وجاء تشكيل هذه القيادة بعد يوم من اعلان تكتل احزاب اللقاء المشترك المعارض رؤيته للخروج باليمن من حالة الانسداد السياسي في البلاد والتي تنص بالخصوص على نقل صلاحيات الرئيس اليمني لنائبه , وتشكيل مجلس انتقالي وحكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية من المعارضة , وتشكيل مجلس عسكري يعيد تنظيم المؤسسة الامنية والعسكرية , وتشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاءات العامة تتولى إجراء الاستفتاء على مشروع الإصلاحات الدستورية وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحسب الدستور الجديد. وفي ظل المبادرات والمبادرات المضادة التي لم تنل قبول أي طرف حتى الان تعيش العديد من المحافظات اليمنية على ايقاع الاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات التي انتقلت من اطارها السلمي إلى مواجهات مسلحة يستعمل فيها الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع خصوصا مع محاولات الاستيلاء على مقرات بعض المؤسسات ومحاولات اقتحام بعض القصور الرئاسية. وامام انهيار المساعي على الصعيد الداخلي لاطفاء لهيب المواجهات والاحتقان السياسي بدت في الافق بارقة امل اعلن عنها في الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد مساء اول امس بالرياض بدعوة الاطراف اليمنية إلى سرعة العودة إلى طاولة الحوار الوطني من اجل التوافق على الاهداف الوطنية والاصلاحات في البلاد. واشار بيان صدر في ختام ذلك الاجتماع ان دول المجلس اتفقت على اجراء اتصالات مع الحكومة والمعارضة من خلال افكار لتجاوز الوضع الراهن. ومن المنتظر ان تجري محادثات في السعودية بين ممثلين عن الحكومة اليمنية والمعارضة دعت اليها دول مجلس التعاون الخليجي في محاولة لانهاء الازمة بعد اسابيع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة وفقا لما صرح به امس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد سالم الصباح . واوضح المسؤول الكويتي ان "الدول الخليجية تجري اتصالات مع كلا الجانبين في الوقت الذي لم يتحدد فيه بعد أي موعد للمحادثات" التي ستجري بالعاصمة السعودية بين الطرفين. وقد اعلنت الحكومة اليمنية اليوم الثلاثاء ترحيبها بالدعوة الخليجية للأطراف السياسية اليمنية للحوار في الرياض. فهل ستكون المحادثات بين الجانبين جسرا يجمع بين كرسي السلطة وطاولة الحوار المفضي إلى اخراج اليمن من ازمته الراهنة؟.