انطلقت الجولة السادسة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو، أمس الاثنين، في مالطا، وتستمر إلى يوم غد الأربعاء، بناء على دعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، بحضور ممثلين عن الجزائر وموريتانيا. وتصادف الجولة الحالية ظروفا استثنائية، وتتزامن مع حركة الاحتجاج ضد قيادة البوليساريو، التي نظمها، السبت الماضي، حوالي 500 شاب في مخيمات تندوف، تجمعوا في مظاهرة أمام ما يسمى "الأمانة العامة لجبهة البوليساريو"، في الرابوني، إضافة إلى أنباء تتحدث عن مشاركة ميليشيات من البوليساريو إلى جانب كتائب القذافي في ممارسة القمع والقتل ضد المدنيين في ليبيا، علاوة على موجة التغيير، التي تشهدها المنطقة المغاربية، والتي باتت تنذر بقرب موعد انتفاضة شاملة في الجزائر، المساند الرسمي لبوليساريو. وتقييما لهذه المعطيات، قال البشير الدخيل، الناشط الصحراوي، وأحد مؤسسي جبهة البوليساريو، سابقا، إن "الجولة الحالية من المفاوضات مع هذه الجبهة غير مجدية، خاصة أنها تتزامن مع الأحداث المشار إليها". وأضاف الدخيل، في اتصال أجرته معه "المغربية، أمس الاثنين، أن "المبعوث الأممي، روس، يسعى لممارسة سياسة الاحتواء، من خلال التعرض لنقاط جانبية، خلال اللقاءات غير الرسمية، فيما جوهر المشكل ما زال خارج نطاق البحث". وعلق الناشط الصحراوي على الظروف، التي تأتي فيها الجولة السادسة، بالقول "من الناحية الأولى، إن البوليساريو هي المستفيد الوحيد من هذه اللقاءات، التي تحاول من خلالها تكريس وضع غير حقيقي، مدعية أنها الممثل الوحيد للصحراويين، ولا يجب الاستمرار في منح البوليساريو هذه الصفة". من جهة ثانية، اعتبر الدخيل أن "النتائج على الأرض ليست في صالح البوليساريو، فالتحولات الجارية في المنطقة المغاربية، وفي العالم العربي، تؤكد أن بوليساريو ليست حركة تحررية، كما ظلت تدعي طيلة 35 سنة، وإنما هي حركة بأيدي أنظمة ديكتاتورية، وتؤكد الأحداث في ليبيا أن البوليساريو منخرطة في الدفاع عن المستبدين والديكتاتوريين". وأضاف أن الأنباء الواردة من ليبيا تؤكد أن هناك عناصر تابعة لجبهة البوليساريو زج بها في صفوف نظام القذافي لمقاتلة الشعب الليبي. وقال الدخيل "لا بد من الوقوف عند هذه النقطة، لمحاسبة قيادة البوليساريو، وفرض ما يمكن فرضه عليها من عقوبات وإجراءات". من جهة ثالثة، أوضح البشير أن حركة الاحتجاج، التي يقودها الشباب الصحراوي في المخيمات، خير دليل على أن البوليساريو لا تمثل الصحراويين، ولا حتى سكان المخيمات المحتجزين تحت حراب أسلحتها، وهي بذلك مرتبطة بأجندة أنظمة ديكتاتورية لخدمة مصالحها وأهدافها، وليس خدمة أهداف الصحراويين وطموحاتهم. وقال الدخيل "يجب عزل هذه الجبهة، من خلال التحرك بأسرع وقت ممكن، للتعريف إقليميا ودوليا بجذورها ومصادر تمويلها، والأنظمة، التي ترتبط بها". للإشارة فإن خمس جولات من المفاوضات غير الرسمية كانت انعقدت، على التوالي، في غشت 2009، ببلدة دورنشتاين قرب فيينا ( النمسا)، وفي فبراير2010، بأرمونك، قرب نيويورك، وفي نونبر ودجنبر من السنة الماضية، ويناير من السنة الحالية بمانهاست ( الولاياتالمتحدة الأميركية). وترمي هذه المفاوضات إلى الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية، الهادفة إلى إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وتندرج هذه المفاوضات في إطار تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1813 (2008 )، و1871 (2009 )، و1920 (2010 )، التي تدعو الأطراف إلى الدخول في مفاوضات مكثفة وجوهرية. وكان كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، أكد، في ختام الجولة الخامسة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء ( مانهاست، في يناير الماضي)، أن الأطراف ستلتقي في مارس الجاري، للتوسع في بحث "أفكار ملموسة"، مضيفا أن الطرفين " قاما بمناقشات مستفيضة حول أساليب مبتكرة لبناء ديناميكية جديدة في هذه العملية، على أساس عقد اجتماعات منتظمة". وكان الوفد المغربي تقدم، مجددا، خلال الاجتماع غير الرسمي الخامس، بتفسير وشرح المقترح الخاص بالحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، في احترام كامل للسيادة المغربية، وكذلك بعدد من الأفكار الملموسة، لتسريع وتيرة المفاوضات، بهدف التوصل إلى الحل السياسي النهائي المنشود. وتهم الأفكار والمقاربات، التي تقدم بها الوفد المغربي، مسلسل المفاوضات، وليس الحل السياسي، ذلك أن تجربة الأممالمتحدة تبين أنه، عندما لا تتوصل الأطراف إلى تقدم ملموس، تلجأ إلى مقاربات أخرى في المفاوضات، وعلى الخصوص، دراسة بعض النقاط والمجالات لتسهيل وتسريع هذه المفاوضات. و شدد الوفد المغربي على أهمية الخطوة، التي تقدم بها تجاه الأطراف الأخرى، والمتمثلة في مبادرة الحكم الذاتي، في نطاق الانفتاح والرؤية المستقبلية والاستراتيجية للمنطقة، علما أن الأممالمتحدة والمجتمع الدولي يسجلان، يوما بعد يوم، أن المبادرة المغربية جادة، وبإمكانها فتح المجال للتوصل إلى حل نهائي دائم وعادل لهذا النزاع المفتعل حول أقاليم المغرب الجنوبية. وكان المغرب أكد، خلال الاجتماعات غير الرسمية السابقة، على ضرورة إعطاء دينامية جديدة ودفعة نوعية للمفاوضات، بالتركيز، ليس فقط على مواصلتها، وإنما تفعيلها، وفق منهجية جديدة.