عادت الحياة إلى طبيعتها في مدينة القصر الكبير، أمس الثلاثاء، إذ استأنف المواطنون أعمالهم، وعاد التلاميذ إلى مدارسهم، باستثناء بعض المؤسسات الخاصة، التي فضلت عدم استئناف الدراسة، خوفا من تكرار أعمال الشغب. وتجددت أعمال الشغب في مدينة القصر الكبير، ظهر أول أمس الاثنين، إذ ابتدأ المخربون، حسب شهود عيان، من مدرسة أحمد الحياني الابتدائية، مرورا بسوق الفجر، وسوق المرينة، ومنه إلى الشوارع الرئيسية بالمدينة، ناشرين الفزع في صفوف التلاميذ والمدرسين، والباعة، والطاقم الطبي بمصحة الهلال الأحمر، إذ اضطر الجميع إلى إغلاق المحلات التجارية، والمقاهي، ووكالات الصرف، التي تعرض بعضها لتحطيم واجهاتها الزجاجية. وأدى الأمر إلى توقيف الدراسة بالمجالين الحضري والقروي، وعدد من المؤسسات الخاصة ورياض الأطفال. وأنشأ المواطنون مجموعات للدفاع عن محلاتهم التجارية، مسلحين بالعصي، خاصة وسط المدينة. ورغم سيطرة رجال الأمن على المخربين، فإن ذلك لم يشجع عددا كبيرا من المواطنين على فتح محلاتهم، خوفا من تجدد أعمال الشغب، إذ استمر إقفال عدد من المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والصيدليات، فيما تحدى آخرون المخربين واستأنفوا عملهم، وعكف آخرون على إصلاح ما أفسده المخربون، في انتظار استئناف أعمالهم في اليوم الموالي. ولم تمر أعمال الشغب دون ردود فعل من سكان مدينة القصر الكبير، رغم أنها لم تكن قاسية كما حدث في العرائش، إذ سارع المواطنون، منذ اليوم الأول من الاحتجاجات، إلى إدانة هذه الأفعال المشينة، بدءا بالمتظاهرين أنفسهم، الذين فوجئوا بالتخريب والدمار، رافعين شعار "سلمية... سلمية"، للتبرؤ مما فعله المخربون، أما الذين لم يشاركوا في المسيرة، فوصفوا التخريب بأن "منكر وفتنة، واعتبر البعض أن ما حدث "يعيدنا قرونا إلى الوراء، وإلى عهد السيبة". أحد المتضررين من أعمال الشغب ليوم الأحد الماضي ظل يحدق في مطعم يمتلكه، وقد بعثرت كراسيه، وتكسر زجاج النوافذ والواجهة الأمامية، وهو يسأل كل من مر من أمامه، بشكل هستيري "لماذا فعلوا هذا بي؟ ما هو الذنب، الذي اقترفته؟ أريد جوابا مقنعا يبرر تحطيم مصدر رزقي؟"، وهي أسئلة يرددها كل من تضرر من أعمال الشغب. وفي العرائش، استأنف المواطنون حياتهم العادية، أمس الثلاثاء، رغم أن أعمال الشغب انتهت في ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين، واستدعت تدخل كل من قوات التدخل السريع، والقوات المساعدة، والدرك الملكي، التي تمكنت من تفريق المشاغبين، وإعادة الهدوء إلى المدينة. وأدى هذا إلى ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، بسبب قلة العرض. ورد العرائشيون على أعمال التخريب بانتقادات وإدانات، وتبرأ المواطنون من المخربين، معتبرين أن من فعل كل هذا الدمار بمدينته لم يعد من أبناء المدينة، ودعا البعض إلى تضميد جراح المدينة، وتنظيفها من آثار الخراب، وأنشأ البعض صفحات على الفيسبوك، يدعون لاقتراح الحلول الكفيلة بالخروج من هذه الأزمة، التي أحدثها ثلة من المشاغبين.