تعيش مدينة القصرين منذ يوم الجمعة احداثا خطيرة انطلقت شرارتها عند خروج بعض تلاميذ المعاهد الثانوية والاعدادية حوالي الساعة الثامنة و20 دقيقة صباحا في مسيرة انطلقت من احياء المنار والسلام والزهور في اتجاه وسط المدينة ومنها الى مركز الولاية بعد ان شقت كامل الشارع الرئيسي للمدينة في اتجاه مركز الولاية وانضمت لهم جماعات كبيرة من الشباب وخاصة العاطلين عن العمل الذين قدموا من احياء الزهور والنور والكرمة والسلام تحولوا في مظاهرات سلمية وكلما مرت بمنطقة من قلب المدينة الا وازدادت اعداد المشاركين فيها خاصة بعد ان انضم لها تلاميذ معهد القصرين ومعهد 2 مارس والاعدادية النموذجية والمعهد النموذجي وقد تابعها اعوان الامن دون ان تحدث اي مصادمات ولما وصلت الى مقر الولاية (على بعد حوالي 4 كلم من قلب المدينة) كانت هناك تعزيزات أمنية كبيرة منعتهم من دخول مقر الولاية فعادوا الى وسط المدينة ثم تفرقوا نحو منازلهم. كان الجميع يعتقد ان تلك المسيرة السلمية التي لم تواجه باي قوة ستؤدي الى هدوء المدينة لكن في ليلة الجمعة انطلقت احداث شغب من حي الفتح لما سمع بعض الشبان ان الشاب الذي احرق نفسه فجر ذلك اليوم بمحطة الحافلات واسمه حسني بن محمد قليعي (36 سنة عاطل عن العمل وليس من اصحاب الشهائد العليا) قد توفي في مستشفى الحروق البليغة ببن عروس حيث عمدت مجموعات كبيرة من الشبان الى حرق الاطارات المطاطية بشارع علي باش حامبة الذي يفصل بين حي الفتح وحي المنار بجانب منزل الشاب المذكور وقامت بتهشيم المصابيح الكهربائية التي تضيء الشارع فتدخل الامن لتفريق المتظاهرين لكن سرعان ما امتدت الاحتجاجات الى احياء اخرى وخاصة الزهور والنور وتواصلت الى ساعة متأخرة من الليل دون تسجيل ضحايا ولكنها شهدت اعمالا تخريبية كثيرة.. الجيش يطوق أهم المنشآت بالمدينة احداث ليلة الجمعة جعلت الأوامر تعطى للجيش الوطني بالانتشار في المدينة منذ فجر يوم السبت وحماية اهم المنشآت الرسمية والصناعية حيث تمركز الجنود بأسلحتهم وعرباتهم وطوقوا مقر الولاية ومصنع السليلوز وبلدية القصرين واحدى محطات توزيع البنزين وفرع الاتحاد الدولي للبنوك والبنك المركزي ووضعوا حواجز من الأسلاك الشائكة امامها واستفاق مواطنو المدينة يوم السبت على تواجد الجيش وهو أمر غير عادي يؤكد خطورة الموقف. تجدّد المسيرات صباح السبت تكرر سيناريو اليوم السابق اذ خرج تلاميذ المعاهد في الساعة الثامنة من مؤسساتهم التربوية واتجهوا في مسيرات الى وسط المدينة لكنهم لم يستطيعوا المرور نحو غرب المدينة بعد منعهم من طرف قوات الامن وتفرقوا مثل يوم الجمعة وعاد الهدوء يخيم على المدينة باستثناء بعض المناوشات المتفرقة في حي الزهور.. لكن في الليل أخذت الاحداث مجرى اخطر حيث حصلت مواجهات عنيفة في كل من حي النور وحي الزهور والحي الاولمبي أحرقت فيها عديد المنشات مثل النصب التذكاري الموجود في الحي الأولمبي ومركز شرطة حوادث المرور والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة القريبة منه امام القاعة المغطاة ومقر للتجمع بحي النور ومعتمدية الزهور والدائرة البلدية بحي النور وتم تهشيم مقر الدائرة البلدية بحي الزهور وثلاثة بنوك موجودة في الشارع الرئيسي ومقر الادارة الجهوية للتجارة ومقر لمندوبية الفلاحة وكشك عليسة المتواجد في مفترق حي النور ومحطة بنزين ووكالة أسفار يقعان في تقاطع شارعي الحبيب بورقيبة و9 افريل وعديد الواجهات البلورية الاخرى.. وعرفت المدينة ليلة غير عادية سمع فيها أصوات طلق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع وشوهد دخانها الكثيف وحصلت مواجهات عنيفة سقط فيها بعض القتلى وعدد من الجرحى في صفوف المحتجين واعوان الامن.. الاحد هدوء نسبي تلته عاصفة من الاحداث صبيحة يوم الاحد كانت الأمور هادئة خاصة وان اليوم كان يوم عطلة لكن حوالي منتصف النهار اندلعت احداث اكثر خطورة في حي الزهور وحي النور اثر تشييع جنازة بعض قتلى اليوم السابق واقتحم أعوان الامن حسب ما اكده لنا شهود عيان حمّاما في حي الزهور مما أشعل الفتيل اكثر ثم تصاعدت الاحداث عندما منعت بعض العائلات من الوصول الى وسط المدينة والمرور من الشارع الرئيسي امام مقر لجنة التنسيق لتشييع جنازة شاب في اتجاه مقبرة المدينة وارتفع عدد القتلى الى 14 حسب مصادر طبية ونقابية.. وتواصلت اعمال الشغب والنهب الى ساعة متأخرة من الليل. غلق كلّي للمدينة صباح امس الاثنين كانت مدينة القصرين شبه خالية اذ ان كل الادارات الرسمية كانت مغلقة (البلدية القباضة اتصالات تونس مكتب البريد كل البنوك..) كما ان المغازة العامة واغلب المحلات التجارية والمقاهي والمكتبات اغلقت ابوابها.. واستبقت الادارة الجهوية للتربية بالقصرين الاحداث واعطت تعليماتها منذ مساء الاحد بغلق كامل المؤسسات التربوية بداية من صباح الاثنين بعد ان تعطلت الدراسة في اليومين السابقين بكل المعاهد والاعداديات.. وفي حدود الحادية عشرة صباحا واثر تشييع جنازتين بحي الزهور حصلت مصادمات جديدة أوقعت بعض الموتى والمجروحين وعمد البعض في حي الزهور لاخراج قوارير الغاز واشعالها في وجه قوات الامن..كما وقعت حوادث مماثلة بعد قيام اقارب شابين ماتا بالمستشفى متأثرين بجراحهما باخراج جثتهما من بيت الاموات والعودة بهما الى منزلهما وبعد الظهر قام المتظاهرون برشق اعوان الامن بالحجارة في شارع 7 نوفمبر ووسط المدينة وتولوا بعدها احراق كلي لمقر شركة «موبلاتكس» المقابل للسجن المدني وورشة البلدية القريبة منه وتصاعدت السنة اللهب والدخان لتغطي كامل الاحياء المجاورة لهما وقام العديد من النسوة والشبان بنهب محتوياتهما حيث شاهدنا من يقلع دورات المياه والابواب والشبابيك ويأخذ الحشايا والكراسي ويعودون بها الى منازلهم.. ما وراء الاحداث؟ لئن اندلعت الاحداث في الاول بشكل عفوي الا انها حسب بعض المتظاهرين جاءت كاحتجاجات على الفقر والبطالة وغياب تنمية متوازنة مثل بقية المناطق الاخرى وانتشار للمحسوبية في تعامل أطراف من السلطات المحلية مع مشاغلهم.. فإنها أخذت منحى آخر بعد وفاة الشاب حرقا وهو ما أدخل بعضا من الشباب العاطل في مواجهات تصاعدت بسقوط قتلى وجرحى. وقد تعرضت البارحة المغازة العامة بالقصرين التي تقع في قلب المدينة الى عمليات خلع ونهب لمحتوياتها (مواد غذائية متنوعة ومواد تنظيف وحتى زجاجات الخمر) وتدخل الامن والقى القبض على العديد من الافراد الذين كانوا يحملون مختلف البضائع.. كما تعرضت مغازة «الوفاق» الموجودة قرب وادي الاطفال على طريق القصرينسبيطلة في وسط المدينة الى عملية خلع لابوابها الحديدية ونهب محتوياتها. كما افادتنا مصادر نقابية من الاتحاد الجهوي للشغل البارحة ان مقر الاتحاد تعرض بدوره مساء امس الى النهب وسرقت منه العديد من المحتويات من حواسيب وطاولات وغيرها وقد هبّ النقابيون البارحة لحمايته لكنهم وصلوا متأخرين فوجدوا أغلب مكاتبه شبه فارغة. ووفق نفس المصادر النقابية هناك انفلات شهده وسط المدينة مساء الامس (نيران تشتعل حجارة في وسط الطريق نهب للمحلات التجارية)..