تشكل الأسرة الحضن الآمن والأرضية الأخصب لنمو التواصل والاتصال بين الآباء والأبناء على اختلاف أعمارهم، لبناء علاقة محبة وود وانصهار. وما يلاحظ أن علاقة الفتاة بوالدتها تتسم بكثير من الحميمية والود والانسجام، لكن هذا لا يعني بأن الأم ليست حاضرة في حياة الإبن، الذي تلعب دورا رئيسيا في بناء شخصيته. وحتى يشعر الشاب بالمزيد من الأمان في الوسط العائلي، يحتاج حضنا أسريا يحميه ويحافظ على كيانه، ويحترم إرادته ويتفهم مشاكله، بدل الانتقاد الحاد والحكم المسبق على تصرفاته، وإشعاره بالاهتمام والمتابعة. فالأسرة تتحمل جزءا من المسؤولية في حماية الشباب في السقوط في فخ الانحراف، واكتساب عادات سيئة، أو التأثر بأمور خارجة عن مبادئ وقيم مجتمعاتنا. يقول حبيب الفضل، طالب، "أعتبر والدي قدوة بالنسبة لي، إذ لهما دور مهم في بناء شخصيتي، وعدم الانزلاق في مسارات منحرفة في فترة المراهقة"، مشيرا إلى أن العلاقة التي تربطه بوالده، ساهمت بشكل كبير في بناء شخصيته القوية. وأوضح حبيب، ل "المغربية"، أن والده يتعامل معه كصديق له، إذ يتشاطر معه جميع المشاكل أو الأحداث التي تعترض مسار حياته، مضيفا "أعرض عليه ما يؤرق بالي، ويقدم لي النصائح، لكنه لا يفرض علي الحلول، بل يرسم لي خريطة ما ينتظرني في حالة ما إذا اتخذت أي قرار، وهذا جعلني أبحث دائما عن القرارات السلمية، ولا أسقط في فخ التردد، أو أنزلق وراء ما قد يكلفني غاليا في المستقبل". وأشار حبيب إلى أن هذه الطريقة في التربية قادته إلى الاعتماد أكثر على نفسه، كما أنها كانت وراء نجاحه في المجال التعليمي، متوقعا أن تنعكس عليه أيضا بشكل إيجابي في حياته العملية. من جهتها، أكدت سارة بزركي، طالبة، أن أسرتها أثرت في شخصيتها كثيرا، إذ أن ما تعلمته على يد والديها كان له الدور الأهم في نجاحها في حياتها، واستقرار نفسيتها، وعدم انجرافها خلف ما قد يدمر مستقبلها. وأبرزت سارة، ل "المغربية"، أن أسلوب والديها في التربية نقش لديها سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة، مكنها من مسايرة محيطها، والتوافق الاجتماعي، وساعدها على تجاوز مختلف الصعاب بقوة وعزم. وتقع على عاتق الأسرة مسؤوليات كبيرة نحو الأبناء، باعتبارهم أعضاء في المجتمع، وأفراد لهم كيانهم. فإذا لم يتعلم الإبن أو البنت التعاون واللعب النظيف، واحترام حقوق الآخرين في منزل الأسرة، كان ذلك دليلا على أن هذه الأخيرة فشلت فشلا ذريعا في تعليم أبنائها. وكلما عملت الأسرة مبكرا الأبناء التزام مبادئ القانون والنظام، قل بذلك ما قد يبدو له في قاسيا في المجتمع، الذي يقبل عليه. فالعائلة هي أول عالم اجتماعي يواجهه الطفل، وأفراد الأسرة هم مرآة لكل طفل لكي يرى نفسه. ويلاحظ مراقبون في المجتمعات العربية أنه، منذ الولادة، تجد مسؤولية متابعة الأبناء ملقاة على الأم، وحين تبدأ أولى رحلاتهم التعليمية تجدها تلاحقهم بالمتابعة في الفصل مع المعلم وفي البيت بالاستذكار وإنجاز الواجبات المدرسية، بينما الأب يغيب في البحث عن سبل الرزق الوفير والعيش الكريم، وتبقى مهمته فقط إشرافية. غير أن هذا لا يمنع من أن يلعب الأب الدور المنوط به، إذ أنه يخطأ من يعتقد أن مسئولية متابعة الأبناء هي من مهام الأم فقط تماما كأي مهمة في المنزل، بل إنها مهمة تربوية تحتاج من الزوجين تكامل الأدوار. يشار إل أن فنون التربية الأبوية تظهر أكثر تعقيدا لدى مواجهة مشاكل الابن الشاب، وهو ما يتطلب الكثير من الصبر والاستماع، إذ يتطلب في البداية حصر المشكلة في الإطار الأسري وتحديد المسؤوليات.