تراوح الأزمة المصرية مكانها بعد دخول المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس أسبوعها الثالث ففي الوقت، الذي حذر فيه عمر سليمان نائب الرئيس من أن البديل عن " الحوار " هو " انقلاب" تقوم به جهة من الجهات، دعا المناوئون لمبارك إلى "جمعة للتحدي". وأوضح نائب الرئيس عمر سليمان في لقاء مع رؤساء تحرير صحف مصرية، أول أمس الأربعاء، أن هناك طريقتين للحفاظ على استقرار وأمن مصر هما "الحوار والتفاهم" للخروج من هذه الأزمة بسلام من خلال برنامج عمل مستمر, أو "الانقلاب", الذي "قد يكون مفيدا أو ضارا, ونحتاج لتجنب الوصول لهذا الانقلاب لما له من نتائج غير محسوبة ومزيد من اللاعقلانية". وفي رده على سؤال حول ما يقصده بالانقلاب، قال عمر سليمان "أنا قصدت بالانقلاب, الانقلاب غير المعتاد, مثل انقلاب السلطة على بعضها, أو الانقلاب العسكري, والانقلاب هو الاستيلاء على الحكم, وخلع النظام من قبل بعض القوى, ممكن أن تكون الجيش أو الشرطة أو الشباب أو أي شخص يقوم ب"الفوضى الخلاقة" وهو ما لا نريده جميعاً, وممكن الإخوان المسلمون يقومون بالانقلاب". وكان عمر سليمان حاسما في ما يتعلق برحيل الرئيس مبارك أو خروجه إلى الخارج للعلاج كأحد المخارج من الأزمة وقال " الرئيس مبارك لن يترك مصر إلى ألمانيا أو إيطاليا أو أي دولة أخرى, والرئيس مبارك باقٍ في بلده مصر وسيدير خارطة الطريق إلى أن تنتهي فترة ولايته حتى تتداول السلطة ويأتي رئيس جديد للبلاد.. الرئاسة القادمة لابد فيها أن يجري بناء مصر بشكل جديد". وفي المقابل دعا المتظاهرون المطالبون برحيل الرئيس مبارك إلى " جمعة للتحدي"، اليوم الجمعة، تخرج فيها المظاهرات من ميدان التحرير لتشمل مواقع أخرى بالقاهرة وهو ما بدأت بوادره في المظاهرة " المليونية " حيث توجهت مسيرات من المتظاهرين لتحيط بمقر مجلس الشعب ( الغرفة الأولى للبرلمان) ومقرات حكومية أخرى من بينها مجلس الوزراء. ويبدو أن جلسة الحوار الأولى التي جمعت عمر سليمان وممثلي قوى سياسية في البلاد لم تتمخض عن اتفاق واسع بين المشاركين فيه . إذ جدد عصام العريان عضو مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمون" في حديث لصحيفة " الأخبار" التأكيد على أن الجولة الأولى أسفرت عن "مجموعة من إصلاحات جزئية لا ترقى أبدا لمستوى تطلعات الشعب " مشيرا إلى أن الجماعة تعيد تقييم الموقف من كافة جوانبه باستمرار " لتحديد موقفنا من الحوار". كما أن حزب " الوفد" الذي كان أول من قبل بالحوار مع عمر سليمان استمر عبر صحيفته الحزبية في التأكيد على أنه سيظل في صف " الشعب وثورة شبابه الرائعة التي غيرت مصر وسيظل مع الشباب حتى تتحقق أهداف الثورة " فيما يبدو محاولة من الحزب لعدم عزل نفسه عن أي تطور مقبل للأحداث . أما حزب " التجمع" الذي يشكو من انقسامات داخلية منذ قرار زعيمه رفعت السعيد الاستمرار في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفارطة رغم انسحاب كل أحزاب وقوى المعارضة منها, فإن قراره بالمشاركة في الحوار أحدث انقساما حادا داخل مكتبه السياسي. إذ جرى قبول خوض الحوار بأغلبية 8 أعضاء مقابل ستة في جلسة وصفتها صحيفة "الأهالي" الناطقة باسم الحزب ب " العاصفة". وسبق للحزب العربي الناصري المعارض, الذي شهد قبل الأحداث الأخيرة تنازعا على قيادته, أن أعلن عن تعليقه للحوار مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان بسبب "إصرار النظام على رفض مطلب المتظاهرين بتنحي الرئيس حسني مبارك". وقال الحزب في بيان، الاثنين الماضي، إنه يعلن "لجماهير الشعب المصري عامة و لثورة يناير الشعبية الشبابية خاصة أنه يعلق مشاركته في جلسات الحوار مع سليمان ما لم تجر الموافقة على رحيل مبارك". وتكشف المواقف المعبر عنها بوضوح متفاوت, حرص الأحزاب والقوى السياسية التقليدية على انتظار تطور الأحداث الميدانية خصوصا في ظل مؤشرات على استمرار المظاهرات في ميدان التحرير وخارجه وفي محافظات مصرية أخرى لمدة طويلة, لتبقى الأزمة في مصر تراوح مكانها.