في اليوم السادس عشر من اعتصام المحتجين في ميدان التحرير واليوم الخامس من أيام «أسبوع الصمود» المصري المطالب بتنحي نظام الرئيس حسني مبارك ورحيله هو شخصيا، صعدت الولاياتالمتحدةالأمريكية من ضغوطها على النظام، حيث طالب نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره المصري عمر سليمان برفع حالة الطوارئ فورا، وقال إن ضرب المتظاهرين والصحافيين يجب أن يتوقف، وإنه يجب البدء في عملية فورية باتجاه نقل السلطة. وقال البيت الأبيض، في بيان، إن بايدن تحدث مع سليمان هاتفيا أول أمس الثلاثاء مجددا عن «الدعم الأمريكي لانتقال منظم للسلطة في مصر يكون فوريا وذا مغزى وسلميا وشرعيا»، ومشددا على أن مستقبل مصر يحدده شعبها، وحث على «انتقال للسلطة ينتج عنه تقدم فوري ولا رجعة عنه يستجيب لتطلعات الشعب المصري». وناقش الطرفان خطوات إضافية تدعمها الولاياتالمتحدة، وهي: «الإنهاء الفوري للاعتقالات والمضايقات والتنكيل بالصحافيين والناشطين السياسيين وناشطي المجتمع المدني، وإتاحة حرية التعبير والتجمع، وإلغاء فوري لقانون الطوارئ، وتوسيع قاعدة الحوار الوطني لتشمل طائفة واسعة من أعضاء المعارضة، ودعوة المعارضة كشريك إلى تطوير خارطة طريق مشتركة وجدول زمني لنقل السلطة». وأضاف البيان أن المعارضة تنادي بهذه الخطوات إلى جانب سياسة واضحة بعدم الانتقام، وهو ما أبدت الحكومة استعدادها للقبول به. وقال بايدن إن تلبية مطالب الشريحة الواسعة من المعارضة يمكن أن تتحقق من خلال مفاوضات ذات مغزى مع الحكومة. ومن جانبه، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض تصريحات عمر سليمان التي تحدث فيها عن عدم جاهزية مصر لأن تكون دولة ديمقراطية، واعتبرها تصريحات «غير مفيدة». واعتبر المتحدث أن هذه التصريحات لا تتماشى مع فكرة وضع جدول زمني للإصلاحات في البلاد. وقد قال وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، إن من المهم جدا أن تفي الحكومة المصرية بوعودها وتمضي قدما بالانتقال المنظم للديمقراطية. وأضاف أن الشعب المصري بحاجة إلى أن يرى خطى ثابتة في تنفيذ الإصلاحات. ومن جهتها، أكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوربي كاثرين آشتون أن الاتحاد سيقدم دعما عمليا لمصر لمساعدتها على نقل السلطة إلى الحكومة الجديدة. كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيادة المصرية بالإصغاء لمطالب الشعب. تصريحات سليمان المستفزة من جهته، حذر نائب الرئيس المصري من أن الحكومة لن تقبل باستمرار الاحتجاجات في ميدان التحرير لفترة طويلة. وطالب سليمان، في تصريح حاد اللهجة ينم عن نفاد صبر الحكومة، بإنهاء الأزمة «في أسرع وقت ممكن». وقال سليمان: «لن يزول النظام ولن يتنحى مبارك في الحال»، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، عقب اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة. وأضاف سليمان أن النظام يريد انتهاج الحوار لمناقشة مطالب المحتجين بالإصلاح الديمقراطي، وقال في تهديد مبطن: «لا نريد التعامل مع المجتمع المصري بأساليب بوليسية». ونقلت الصحف المصرية عن سليمان قوله إن «مصر دولة قوية ولم تنهَرْ ولن تنهار»، مؤكدا أن «الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولى لتحقيق الاستقرار في مصر والخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد بسلام في إطار برنامج متواصل لحل جميع المشكلات». وحذر سليمان من أن البديل للحوار هو أن يحدث انقلاب لا يمكن التنبؤ بنتائجه، وقال: «لا نريد الوصول إلى تلك النقطة، من أجل مصر». وتحت إلحاح رؤساء تحرير الصحف المصرية على أن يوضح ما يعنيه، قال إنه لا يعني وقوع انقلاب عسكري، ولكن «فوضى مؤسساتية تتسبب فيها جهة غير جاهزة لأن تحكم مصر»، حسب ما قاله عمر الخفاجي، نائب رئيس صحيفة «الشروق» المستقلة، الذي حضر الاجتماع، والذي أضاف: «لم يكن يعني انقلابا بالمفهوم الكلاسيكي». وقال سليمان: «إن وجود المحتجين في ميدان التحرير وتطاول بعض الفضائيات على مصر يثبط المواطنين الذين يرغبون في التوجه للعمل، ولن نقبل بذلك لفترة طويلة». وحذر من الدعوة التي وجهها المحتجون إلى العصيان المدني، وقال إنها بالغة الخطورة وغير مقبولة. شخصيات تطالب بالتحقيق في ثروة مبارك وعائلته إلى ذلك، تقدمت عدة شخصيات عامة وسياسية مصرية، أول أمس الثلاثاء، ببلاغ إلى النائب العام تطلب فيه التحقيق في ثروة الرئيس حسني مبارك وعائلته، مدعية أن تلك الثروة جاءت عن طريق استغلال السلطات والتربح. وذكر موقع صحيفة «الدستور» الإلكتروني أن نحو 48 شخصية اتهمت مبارك وولديه (علاء وجمال) وزوجته (سوزان)، في طلبها للنائب العام، بالحصول على مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة المصرية والاشتراك في صفقات استثمارية، بحكم سلطاتهم، وتحويلها إلى حسابات سرية في بنوك خارجية أو استثمارها في أصول وفنادق. وطالب المتقدمون بالبلاغ، الذي حمل رقم 181 لسنة 2011، النائب العام بإصدار قرارا بالتحقق من المعلومات الواردة في البلاغ حول ثروات المشتكى بهم الأربعة والتحقيق معهم في ما هو منسوب إليهم، وكذلك اتخاذ إجراء بمنعهم من السفر كإجراء تحفظي وتجميد مالهم من أرصدة داخل البنوك المصرية واسترداد ما ثبت تهريبه من الخارج. ومن بين الموقعين على الطلب زعماءُ أحزاب وأعضاء برلمان سابقون ومثقفون. واستند الموقعون في دعواهم إلى تقارير نشرت مؤخرا في بعض الصحف الأجنبية عن ثروات وعقارات لعائلة مبارك في بعض الدول الأجنبية. وكان النائب العام قد تحفظ على أموال أربعة وزراء في الحكومة السابقة، كما أن نيابة الأموال العامة تقلت بلاغات باتهام العديد من الشخصيات الحكومية السابقة ورجال أعمال بالتربح من وظائفهم. الإخوان يرفضون لجنة «مبارك» الدستورية أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر رفضها للجنة القانونية التي أصدر الرئيس حسني مبارك قرارا بتشكيلها أول أمس الثلاثاء بهدف اقتراح تعديلات دستورية. وقال بيان لجماعة الإخوان: «مع احترامنا لأعضاء هذه اللجنة، فإننا نرى أنها لجنة غير شرعية لأنها مكونة بقرار من رئيس فاقد للشرعية». وكان اللواء عمر سليمان ، نائب الرئيس المصري أعلن، في وقت سابق، أن الرئيس مبارك وقع قرارا جمهوريا يقضي بتشكيل لجنة قانونية معنية باقتراح تعديلات دستورية. وقال سليمان إن الرئيس المصري أصدر أيضا تعليماته إلى رئيس الحكومة، أحمد شفيق، بتشكيل لجنة للمتابعة الأمنية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال الحوار الوطني مع المعارضة، مشيرا إلى وضع «خارطة طريق بجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة». وأضافت جماعة الإخوان في بيانها: «نحن لا نزال نرى في القرارات، التي يصدرها هذا الرئيس غير الشرعي، محاولة مستميتة للالتفاف على إرادة الجماهير وكسب الوقت للتشبث بالسلطة وإبقاء النظام». وطالبت بفتح كل ملفات الفساد، فالشعب المصري هو صاحب السيادة وصاحب السلطة وصاحب الثروة وصاحب الحق في العلم والمعرفة. وقالت الجماعة: «هل تكفى إقالة بعض مسؤولي الحزب الوطني وهم الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية، وهم الذين زوروا انتخابات المجالس النيابية والمحلية تزويرا فاضحا، شاهده وشهد به الجميع في الداخل والخارج، ثم خرجوا يتباهون بالنصر، وقد مرغوا سمعة مصر في الرغام، وقهروا إرادة شعبها الصبور، ألا يستحق كل من اقترف هذا الجرم المحاكمة والإدانة؟». وجددت الجماعة التعبير عن موقفها المتمثل في رحيل مبارك، وقالت: «ليس من الكرامة أن يبقى رئيس جاثما فوق صدور شعبه رغم طوفان المقت والكراهية الذي يكنه هذا الشعب لهذا الرئيس، لذلك فكل من يزعم حرصه على كرامة الرئيس عليه أن يسعى إلى رحيله حفاظا على مصالح الشعب والوطن». ثورة في الجسم الصحفي المصري من جانب آخر، أعلن عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين الأمين العام السابق لها، يحيى قلاش، أن بضع مئات من الصحافيين المصريين تقدموا، يوم الاثنين الأخير، ببلاغ إلى النائب العام مطالبين بفتح ملف الفساد في المؤسسات الصحافية المصرية، وخاصة الصحافة القومية، إلى جانب الدعوة إلى عقد جمعية عامة لنقابة الصحفيين لإسقاط المجلس الحالي للنقابة. وطالب البيان النائب العام ب«فتح ملف الفساد وإهدار المال العام في الصحافة المصرية، وخصوصا القومية منها والتي يتولى أعضاء الحزب الوطني الحاكم غالبية المواقع القيادية فيها (مثل مؤسسات «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية» و«الهلال» و«روز اليوسف» و«6 أكتوبر» وغيرها)». وتابع البيان أن «الصحافيين الذين تقدموا في البلاغ لاحظوا مخالفة هذه الصحف نصَّ القانون بالامتناع عن نشر ميزانيات الصحف والمؤسسات الصحفية خلال ستة أشهر من انتهاء السنة المالية». وأكد البيان مجموعة من المخالفات القانونية الأخرى مثل «عمل بعض الصحافيين على إحضار الإعلانات للصحف وتقاضي مبالغ مالية عن هذا العمل، إلى جانب عمل صحافيين كمستشارين لوزراء ورجال أعمال وشركات ومصالح محلية وأجنبية». وطالب البيان بوضع حد لهذه المخالفات إلى جانب «منع سفر رؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف القومية الحاليين والسابقين احترازيا، ومنع تهريب والتخلص من أية وثائق أو مستندات أو أرشيفات أو أموال أو مقتنيات من المؤسسات الصحافية». كذلك طلب الموقعون من النائب العام العمل على «الكشف عن ثروات القيادات الصحافية الحالية والسابقة ومصادرها، خصوصا الذين تحوم حولهم شبهات فساد وإهدار للمال العام ومدى قانونية وشرعية هذه الثروات». وأكد البلاغ على «رد الأموال التي حصل عليها رؤساء مجالس الإدارة والتحرير كنسبة من الإعلانات بقرارات إدارية لا تقرها المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة». وكذلك أكد قلاش أن بضع مئات من الصحافيين اتجهوا، ظهر أول أمس، إلى نقابة الصحافيين على مقربة من ميدان التحرير وتقدموا بعريضة تحمل تواقيع بضع مئات من الصحافيين تتجاوز النسبة القانونية، طلبوا فيها عقد جمعية عمومية للنقابة تطالب بإسقاط المجلس الحالي. وبرر المتقدمون بطلب عقد الجمعية العمومية طلبهم بأن «مجلس النقابة ونقيب الصحافيين الحالي، مكرم أحمد، لم يحرك ساكنا للدفاع عن الصحافيين الذين تعرضوا للاعتداء عليهم إلى جانب الدفاع عمن استشهد منهم إلى جانب تعمده تعطيل الخدمات الأساسية في النقابة، من أنترنيت واتصالات وكافتيريا وغيرها لعدة أيام». وأكد طلب عقد الجمعية العمومية أن «الصحافيين يفتقدون في الظروف الدقيقة الحالية حماية نقابتهم ويفتقد الوطن كلمة حق تصدر من نقابة رأي بمكانة نقابة الصحافيين». وكان أعضاء النقابة هتفوا ضد النقيب، ظهر يوم الأحد الماضي، خلال تأبين أول شهيد للصحافة المصرية في هذه الثورة، الصحفي في جريدة «التعاون» الصادرة عن مؤسسة «الأهرام» الرسمية أحمد محمد محمود، واعتبروا في هتافاتهم النقيب جزءا من النظام الفاسد، مما اضطره إلى ترك حفل التأبين والخروج من النقابة.