في إطار برنامجها الثقافي والفني السنوي، نظمت مؤسسة منتدى أصيلة، من 24 إلى 28 يناير الجاري، الدورة الخريفية لمشغل الكتابة القصصية، بفضاء مكتبة الأمير بندر بن سلطان بأصيلة بتأطير من القاص والروائي محمد عز الدين التازي، وإشراف الشاعرة إكرام عبدي، الكاتبة العامة لمؤسسة منتدى أصيلة. وإيمانا من المؤسسة بضرورة خلق فضاء إبداعي للطفل، كفيل بتحصينه ضد كل أشكال الابتذال والتردي، وضد كل ما هو استهلاكي، واعتبارا للنتائج المشجعة التي أسفرت عن هذه المبادرة، التي نظمت سواء في العطل المدرسية أو في إطار مهرجان أصيلة الثقافي الدولي، تصر مؤسسة منتدى أصيلة على الاستمرار في إيقاظ وتحفيز عصافير الفرح والإبداع والصفاء الغافية في صدور أطفال إعدادية الإمام الأصيلي، المتراوحة أعمارهم بين 12 و15 سنة بمدينة أصيلة الهادئة، وتحريضهم على فعل الكتابة، باعتبارها مساحة لتحرير الذات، ومساحة أخرى لرؤية المجتمع وقضاياه داخل المتخيل الإبداعي. الأطفال أنفسهم أصروا، أيضا، على مواظبة الحضور بعشق ورغبة، والانتظار بشغف وترقب (بحديقة محمد عزيز الحبابي)، الكائنة بجوار مكتبة الأمير بندر بن سلطان، فانخرطوا في أجواء الكتابة والإبداع بعيون ينبلج فيها ضوء القمر، سعيا لتنمية حسهم الجمالي، وتشرب المبادئ الأولية للكتابة الإبداعية، والتحرر من غلواء المستهلك واليومي والمعلوماتي، ولصنع حكايات بكل تلقائية وحرية. سعت هذه الدورة الخريفية التكوينية، إلى تعريف التلاميذ بجنس القصة القصيرة وتقنياته الأدبية، من حيث هو عالم سردي يقوم على التخييل الأدبي وجماليات القص، تلك التي تقوم على التكثيف والمفارقة، والتقاط اللحظة الاجتماعية ذات الدلالات والأبعاد، من خلال تقديم عروض نظرية مبسطة، تشمل التعريف بجنس القصة القصيرة وتقنياته الأدبية، والتعريف بالسرد والوصف والفضاء والشخصيات، والقيام بتحليل تطبيقي لبعض النصوص القصصية المغربية والعربية والعالمية لكتاب كبار أمثال: بورخيس، ومبارك ربيع، ومحمد برادة، ويوسف إدريس، وأحمد بوزفور، ومحمد زفزاف... ، بشكل مبسط، وأحيانا يجري اقتراح قصة بمقدمة ووسط، ويطلب من الأطفال نسج تكملة من محض الخيال. الدورة ولو كانت خريفية زمنيا، فإنها كإحساس ونبض كانت أشبه بعرس للعصافير، وخطوة متميزة رصتها المؤسسة بعناية وثبات في مدينة أصيلة، ستتلوها، دون شك، خطوات أخرى تشمل أطفال مدن مغربية مختلفة، إيمانا منها أن الخطوة في أي عمل تشكل لبنة بناء هرم من الإنجازات.