سجلت الدورة الحالية للمهرجان، ولأول مرة، عرض أفلام مغربية حول القضية الفلسطينية، في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة ويتعلق الأمر بالفيلم الوثائقي "أرضي" لنبيل عيوش، الذي يفتح من خلاله حوارا بين بعض اللاجئين الفلسطينيين، الذين طردوا من أراضيهم بفلسطين منذ سنة 1948، وبين اليهود الذين استوطنوها. وقال نبيل عيوش، في حديثه عن "أرضي"، خلال الندوة الصحفية، التي أعقبت عرض فيلمه بقاعة سينما "روكسي" بطنجة، إنه حاول، من خلال عمله، تقديم ما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون بالمخيمات اللبنانية إلى اليهود، الذين استوطنوا أراضيهم، وإثارة الانتباه بأن هناك فلسطينيين يعيشون في المنفى، ويحلمون بالعودة إلى أراضيهم التي سلبت منهم. وفي رده على بعض الانتقادات التي تعرض لها الفيلم، من قبيل أنه يفتقد إلى بعض العناصر، التي ينبني عليها الشريط الوثائقي مثل الوثيقة، والأرضية التاريخية، ما يسقطه في خانة التحقيق الصحفي، قال عيوش إنه حاول تناول العمل من زاوية إنسانية، بعيدة عن السياسة، وأنه فضل ألا ينطلق من زاوية تاريخية، حتى يبتعد تماما عن أي محاولة لتأجيج الحوار، الذي أراده مفتوحا، حسب قوله، كما أنه لم يعتمد الوثيقة لكونها استهلكت في العديد من الأفلام الوثائقية، التي تطرقت لموضوع اللاجئين الفلسطينيين وعرب 48. وأكد عيوش أن فكرة الفيلم راودته منذ الطفولة، خصوصا أثناء إقامته بفرنسا رفقة والدته، ومعرفته بخلفيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، معتبرا فيلمه فيلما إنسانيا، يرصد آراء وانطباعات الفلسطينيين في المنفى، خصوصا الشيوخ، الذين مازالوا يعيشون على الماضي، حول واقعهم المرير في المخيمات اللبنانية، حيث لا حقوق ولا جنسية ولا حياة كريمة، وإمكانية أو "حلم" العودة إلى أراضيهم، وعرضها على الشباب الإسرائيلي من مختلف الانتماءات. وأبرز عيوش أنه اختار الشباب الإسرائيلي لأنه يمثل مستقبل إسرائيل، مشيرا إلى أنه كان من أولوياته اطلاع هؤلاء الشباب على واقع الفلسطينيين في المنفى، ونفض الغبار عن فترة تاريخية لا يعرفون عنها شيئا، إما بسبب وسائل الإعلام والمقررات الدراسية الإسرائيلية، التي تتجاهل تماما ما وقع في الستين سنة الماضية، أو بسبب الخوف من الآخر، الذي يسكنهم ويهدد أمنهم. ورغم الانتقادات الموجهة للفيلم، والصعوبات التي واجهت عيوش في رصد آراء المشاركين في الفيلم، من قبيل الحصول على تراخيص التصوير، وإقناع الشباب الإسرائيليين بالمشاركة في فيلمه، والصعوبات التي قد يواجهها من بعد، من قبيل اتهامه بالتطبيع مع إسرائيل، يبقى "أرضي" محاولة جادة في تقديم آراء الطرفين، وتذويب كثل الجليد، وفتح حوار بين الفلسطينيين، الذين لم ولن ينسوا ماضيهم وأراضيهم، والإسرائيليين، خصوصا الشباب، الذين لا يعرفون شيئا عن تاريخهم المغيب عن قصد منذ سنة 1948، من جهة أخرى.