انطلقت عشية الخميس بالمركب الثقافي في خريبكة فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي الذي تستضيفه المدينة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار :"الفيلم الوثائقي في خدمة قضايا التنمية". وقد تميز حفل الافتتاح بعرض أربعة أشرطة خارج المسابقة الرسمية للمهرجان, التي سيتبارى من خلالها أحد عشر فيلما وثائقيا يمثل كلا من موريتانيا والجزائر ومصر وسوريا ولبنان وفلسطين والسعودية وفرنسا وبلجيكا, إلى جانب المغرب البلد المضيف. ومن بين هذه الأشرطة الأربعة فيلم "ظلال في الظلام" (فلسطين), التي تحل ضيفة شرف على هذه الدورة وذلك باعتبار القدس عاصمة الثقافة العربية لسنة 2009. ويحكي هذا العمل الإبداعي عن صمود أبطال الفيلم من أطفال الحجارة الذين حاولوا خلق فضاء خاص بهم لطمر معاناة وحقيقة الواقع المر, الذي يعيشونه جراء القصف والحصار المفروض من قبل جنود الاحتلال على موطنهم وأراضيهم المغتصبة, وذلك بإطلاق العنان لأناملهم لتجسيد الدمى والكراكيز في صور مستوحاة من مخيلتهم يعكسها الخيال على قماش تسلط عليه الأضواء. وفي كلمة بالمناسبة, اعتبر سفير فلسطين الدكتور أحمد صبح تمثيلية بلاده بفيلمين وثائقيين في المسابقة الرسمية للمهرجان بمثابة التفاتة وسند كبير من المغرب في دعمه للقضية الفلسطينية العادلة حيث تجسد صورها الواقع اليومي للشعب الفلسطيني المتطلع إلى تحقيق مشروعه الوطني الكبير الذي يصبو إلى الاستقلال. وتجاوب الحضور مع الشريط الوثائقي الثاني, الذي يبث لأول مرة بخريبكة, وكان للفنان المغربي نعمان لحلو بصمة خاصة فيه إذ ركز من خلاله على مدى أهمية الماء باعتباره مادة حيوية لا يمكن الاستغناء عنها داعيا في هذا الصدد من خلال أغنية معززة بالصور إلى الحفاظ عليه لضمان استمرارية الحياة. أما الشريط الثالث, وهو من إنتاج المركز السينمائي المغربي, فقد شكل فرصة للخريبكيين لاستحضار المسار التاريخي الذي قطعته مدينتهم منذ سنة 1920 إلى الوقت الحاضر وقوفا عند سلسلة من المنجزات التي جعلت من خريبكة مدينة متكاملة المعالم تزخر بتراث متنوع بعد أن كانت مجرد ورش كبير لاستخراج مادة الفوسفاط. كما تم عرض ألبوم من الصور الفوتوغرافية يحكي عن بعض المحطات من حياة باري محمد بن عتيق, الغيني الأصل, أحد رموز المدينة إذ استقر بها وأسدى الكثير من الخدمات في مجال النهوض بالحقل السينمائي بالمغرب مما أهله ليحظى بتكريم خاص من لدن منظمي دورة المهرجان في نسختها الأولى. وفضلا عن الأفلام الوثائقية المتبارية التي تتراوح مدة عرضها ما بين 17 و53 دقيقة , من المرتقب أن يتضمن برنامج المهرجان ندوة رئيسية يتمحور موضوعها حول "الفيلم الوثائقي وقضايا العولمة" كما ستنظم قافلة سينمائية وبانوراما من الأفلام الوثائقية التي سيتم عرضها بفضاءات عمومية. وستشرف على تقييم هذه الأفلام لجنة للتحكيم مكونة من محمد بلحاج المخرج المغربي بالجزيرة الوثائقية (قطر), والمخرجة والناقدة هالة فؤاد الماوي (مصر) وكاتب السيناريو ياكبسان ايردان (تركيا) والمخرج السينمائي عز العرب العلوي لمحرزي, والباحث في الموسيقى عبد السلام الخلوفي (المغرب). أما جائزة النقد فقد تشكلت اللجنة التي ستتولاها من ثلاثة عناصر ويتعلق الأمر بكل من الناقد ومدير المهرجان الوطني لفيلم الهواة ضمير الياقوتي, والممثلة والمخرجة بشرى إيجورك, والكاتب الروائي الباحث في التراث عبد الكريم جويطي الرئيس السابق للنادي السينمائي ببني ملال.وللإشارة, فالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية كانت وراء دعم هذه التظاهرة الثقافية الفنية بمبلغ 150 ألف درهم, والمركز السينمائي المغربي بحوالي 20 ألف درهم فضلا عن مساهمات أخرى مادية ولوجستيكية تعهد بتقديمها مجموعة من الشركاء من بينهم المجلس البلدي وعدد من الأشخاص المعنويين والذاتيين.