صدرت، أخيرا، عن منشورات أمنية للإبداع والتواصل الفني والأدبي المجموعة القصصية "نحيب الملائكة" للمبدعة هند لبداك، بدعم من نقابة الأدباء والباحثين المغاربة ووزارة الثقافة. تضم هذه المجموعة الأدبية، التي زين غلافها بلوحة تشكيلية للفنان يوسف لبداك، أربع قصص إبداعية تزاوج بين التقرير والإيحاء، مساهمة بذلك في إغناء القول القصصي البليغ، الذي يحاول أن يقدم رؤية لعالمنا الوجودي بشكل مكثف ورصين. حول القيمة الإبداعية لهذا المنجز السردي، الذي ورد في 214 صفحة من الحجم المتوسط، حملت بين ثناياها أربع قصص وسمت ب"عطر البحر"، و"خمار ودموع"، و"إشراقة أمل"، و"نحيب الملائكة"، كتب الناقد الأدبي صدوق نور الدين، في سياق افتتاحي، عتبة نصية تحمل عنوان: "تنويع على الواحد"، جاء فيها: "يحق القول في هذا التقديم بأن جنس القصة القصيرة، ورغم الرأي المتداول والمتعلق بالرواية، من حيث كون الزمن زمنها، استعاد كوقعه الاعتباري المتمثل في وفرة الكم النصي وبالتالي الكيفي، إذ يحق الحديث عن أسماء مغربية وعربية، أسست لتجارب عملت على الإضافة والتوسيع لهذا الجنس، وهي بالتالي تفرض إيلاءها الاهتمام النقدي، بيد أن ما يعضد القول السابق ظهور أسماء جديدة يؤشر منجزها المبدع على إمكانات وقدرات إبداعية تجعل التوقع محط أهمية واهتمام.. ومن هذه التجارب، يتأتى الحديث عن "هند لبداك" في مجموعتها القصصية "نحيب الملائكة"... على أن ما يلفت في المنجز صعوبة التحديد الأجناسي...فالسائد أن السمة الطاغية على جنس القصة القصيرة، بلاغة التكثيف..هذه لا نقف عليها في هذه المجموعة، حيث إيقاع النفس يميل إلى الروائية، أكثر ما ينشد للقول القصصي، ولئن كنا نلاحظ على امتداد تاريخية الإنجاز القصصي، تجارب لرواد صنفت في جنس القصة القصيرة، بالرغم من كمها الموسع... وفي هذه المجموعة بالذات، أشير إلى نص "نحيب الملائكة"، حيث إن الدفق وسيولته يكسر بلاغة التكثيف...من ثمة نعتبر بأن المهيمن الأساس في هذه التجربة النواة "الحكي"...وهنا لنا أن نميز بين السرد النازع إلى التجريب تقديما وتأخيرا وترتيبا...والحكي حيث سلطة الحكاية تهدف بناء معنى أقرب إلى الذاتي المطبوع بسمة الحنين منه إلى الاجتماعي شبه المتفرد، ولئن كان التفاعل بين الذاتي والموضوعي يلزمنا ضرورة الإقرار به... بيد أن ما لا يجدر تصوره، كون الكاتبة "هند لبداك" غفلت عن بقية المكونات المشكلة لبنية النص، وإنما نجدها تتمثلها بالاستحضار وحسن التوظيف، وهو ما يخفي في عمقه مرجعية تتأسس على ثقافة روائية قصصية يفصح عنها المنجز...وبالطبع، فإن كل تجربة نواة قد تعاني من هنات أسلوبية على مستوى الصوغ، سرعان ما يجري ويتحقق تجاوزها وتداركها كلما استحكمت دربة التأليف ومتانته... إن المعنى المنتج في هذه التجربة موسوم بالتنويع على الواحد، وكأن الأمر يتعلق ببناء موسيقي تتنوع وتختلف درجات إيقاعه...والواقع أن المعنى المقصود هو بالذات إنساني يحيل عليه العاطفي كحب، كحنين، وكتوق لسد بياضات الفقدان.