دعا عبد الكبير العلوي المدغري، المدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف، مساء أول أمس الاثنين، "مكونات الأمة العربية والإسلامية، وكذا المتشبعين بالسلم من أتباع الديانات السماوية" إلى تقديم الدعم الضروري للمجتمع المدني بمدينة القدس. عبد الكبير العلوي المدغري ووجه العلوي المدغري هذا النداء، خلال مائدة مستديرة حول القدس، نظمت ببرشلونة (شمال - شرق إسبانيا)، في إطار الدورة 25 للملتقى الدولي للدعوة من أجل السلام، الذي تنظمه "مؤسسة سانت إيخيديو" تحت شعار "التعايش في زمن الأزمة". وأوضح أنه "يتعين على جميع مكونات الأمة العربية والإسلامية والمتشبعين بالسلم من أتباع الديانات السماوية، تقديم الدعم الضروري للمجتمع المدني بمدينة القدس الشريف، لمساعدته على إرساء أسس سياسة مدنية، تهدف إلى تأطير المجتمع المقدسي، من خلال إحداث جمعيات ومؤسسات، وتشجيع العاملين في الحقل الجمعوي على تحسين ظروف عيش السكان، وإحداث مشاريع توفر فرص الشغل وتنشط الحركة التجارية والسياحية في المدينة". وقال العلوي المدغري "نعتبر أن المجهودات التي تخدم السلم في فلسطين والشرق الأوسط ضرورية، وتكتسي طابعا استعجاليا من أجل خلق فسحة للأمل، وتخفيف المعاناة، ووضع حد لليأس"، معتبرا أن هذه المجهودات يجب أن تواكبها على الصعيد الدولي سياسة جديدة "من أجل تهدئة الأجواء والإقناع بأهمية السلم من أجل التعايش دون كراهية أو عنف". وبعد أن سلط العلوي المدغري الضوء على معاناة سكان مدينة القدس الشريف، وظروف حياتهم الصعبة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، أشار إلى أن "الواقع المعقد بالمدينة لا يمكن التعاطي معه بالأقوال والمؤتمرات والاجتماعات، رغم أهميتها، لكن من خلال بذل الجهود على المستوى السياسي والمالي والمادي لدعم سكانها وترسيخ وجودهم على أرضهم". وطالب المدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف بإرساء "سياسة مدنية إسلامية وعربية متشبعة بالسلم، وإنسانية بهدف التخفيف من معاناة السكان، وتمكينهم من الخدمات الأساسية الضرورية وضمان كرامتهم". وأكد أن التجربة التي قامت بها خلال السنوات الأخيرة وكالة بيت مال القدس، تحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، تؤكد نجاعة هذه "السياسة المدنية" المستندة على مبدأ التضامن مع سكان المدينة المقدسة، عبر تمويل العديد من المشاريع في مجالات الصحة والسكن والتربية والشباب ودعم النساء. وفي معرض تقديمه لتجربة وكالة بيت مال القدس، أكد العلوي المدغري أن هذه المؤسسة نجحت في إنجاز العديد من المشاريع لفائدة سكان المدينة، مشيرا إلى أن الوكالة قررت في هذا الصدد بناء 156 وحدة سكنية ببيت حنينة بالقدس، بموجب اتفاقية جرى توقيعها تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مع المجلس الفلسطيني للسكن، بمبلغ 20 مليون دولار. وذكر أيضا بأنه، علاوة على تخصيص 320 ألف دولار كإعانة للأسر المقدسية المعوزة، لمساعدتها على إعادة ترميم منازلها، رصدت الوكالة مبلغ 1,3 مليون دولار لتمويل قروض دون فوائد بهدف بناء مساكن لفائدة سكان المدينة من ذوي الدخل المحدود. وبخصوص التعليم، ذكر بأنه جرى بناء وترميم عدد من المدارس، وتقديم مساعدات في شكل لوازم مدرسية لفائدة 2250 تلميذا. وفي مجال الصحة، أوضح أنه جرى بناء أو ترميم عدد من المستشفيات، وتقديم العديد من التجهيزات لتعزيز البنية التحتية الصحية، مذكرا بأنه جرى القيام بالعديد من الأعمال لفائدة شباب المدينة، لاسيما في مجال المخيمات الصيفية، وإنشاء أندية لفائدة الشباب وتهيئ ملاعب رياضية. وفي ما يتعلق بقطاع الثقافة، أشار العلوي المدغري إلى أن وكالة بيت مال القدس الشريف اقتنت عقارا "ذا قيمة كبيرة "بغلاف مالي بلغ خمسة ملايين دولار، على مقربة من المسجد الأقصى، من أجل بناء مركز ثقافي سيحمل اسم "بيت المغرب"، داعيا البلدان العربية والإسلامية إلى الوفاء بالتزاماتها، وتقديم الدعم المادي اللازم لهذه المؤسسة. كما دعا المدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف المنظمات غير الحكومية عبر العالم، وأصحاب النوايا الحسنة، وكذا المتشبعين بالسلم من أتباع الديانات السماوية، إلى العمل على أن تصبح هذه السياسة "مدنية وإنسانية وعالمية، وتحفز الإنسان على القيام بواجبه إزاء أخيه الإنسان، بغض النظر عن ديانته أو عرقه". شارك في هذه المائدة المستديرة إلى جانب العلوي المدغري، محمود الهباش، وزير الشؤون الدينية الفلسطيني، والعديد من الشخصيات، التي تمثل الديانات السماوية الثلاث. وتميزت أشغال اللقاء الدولي 25 للدعوة من أجل السلام (4 -5 أكتوبر) بعقد حوالي عشرين مائدة مستديرة، تناولت، على الخصوص، السلم بمنطقة الشرق الأوسط، والحوار الإسرائيلي- الفلسطيني، والهجرة، ودور الديانات في عصر الاتصال الشامل، ووضعية المسيحيين بالشرق الأوسط.