حركة غير عادية شهدها فضاء مسجد الحسن الثاني، ليلة أول أمس السبت، في مدينة الدارالبيضاء، إذ حج عشرات الآلاف من المصلين، قدرهم مصدر أمني بأزيد من 200 ألف شخص.استقيموا، استووا واعتدلوا، يرحمكم الله فيما أكد مصدر أمني أن عددهم 135 ألفا، جاؤوا ليقرأوا آخر سور من الحزب 60 في القرآن الكريم، ويقفوا لدعاء الختم وراء المقرئ، عمر القزابري. لم يتوقف تدفق المصلين والمصليات صوب الأزقة والشوارع المؤدية إلى مسجد الحسن الثاني، منذ الدقائق الأولى بعد الإفطار، في الوقت الذي فضل آخرون أداء صلاة المغرب والإفطار في فضاءات المسجد، للظفر بمكان شاغر. بدت حركة سير غير عادية في شوارع المهدي بنبركة، وحي بوركون، وشارع الزرقطوني، وزنقة كلميمة، وشارع مولاي يوسف، التي استقبلت "الحجيج"، وجزء كبير منهم من فئة النساء. وقدرت مصادر "المغربية" أعداد الوافدات بأزيد من 80 ألف مصلية، ضمنهن نساء في فترة العادة الشهرية، يتمتعن برخصة الإفطار، إلا أنهن أصررن على حضور الختم بلا صلاة. وتأخرت إقامة صلاة العشاء في مسجد الحسن الثاني حوالي ساعة، ليعلو صوت المأموم، عبر مكبر الصوت، معتذرا لعموم المصلين عن التأخر في إقامة الصلاة بسبب تواصل تدفق المصلين على المسجد، ليدعو المنتظرين إلى سماع درس ديني، ألقاه عالم من السينغال. وحوالي الساعة 9 و10 دقائق، وبعد إقامة الصلاة، خاطب عمر القزابري المصلين باللازمة المعروفة "استقيموا، استووا واعتدلوا، يرحمكم الله"، مناديا لأداء صلاة العشاء ثم التراويح، فاستقامت ظهور المصلين، قبل أن يشرع في الدعاء إلى الله، مكبرا بأسمائه الحسنى، ومعددا فضائله على بني البشر، طالبا المغفرة والثواب للمذنبين من العباد، وداعيا بالشفاء للمرضى والمهمومين، وراجيا فرجة كربة المكلومين، وتقبل صلاة وصيام الواقفين من المصلين. واستمر دعاؤه ساعة كاملة، سمع فيها إجهاش المصليات، وهن يبكين بكاء الأطفال، متضرعات إلى الله تعالى. كان صوت القزابري رخيما، قادرا على تحريك شجون المصليات، اللواتي دخلن في حالة من الخشوع والرهبة، وتضرعا لله للاستجابة لطلباتهن. كان صوتهن مسموعا وهن يررددن "سبحااااااااااااااانك"، رافعات أيديهن إلى السماء، كلما دعا القزابري "اللهم لا تدع لنا ذنبا، إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا أرحم الراحمين". ضرب دعاء الختم على وترهن الحساس، وجرت دموعهن، وهن يسمعن أدعية مصاغة بلغة البيان والفصاحة. ولمهابة الليلة، كان ضمن الحاضرات نساء حائضات، أصررن على حضور ختم القرآن، وأبين إلا أن يسمعن دعاء الختم على لسان القزابري، ليجهشن بالبكاء وراءه، وهو يجهر بضعفه أمام عظمة الخالق، وخوفه من عقابه، ذارفا دموعا كانت تخنق صوته، فتتوزع حشرجته عبر مكبر الصوت، لتصل إلى كافة المصلين. وبعد الركعة الأخيرة عقب الدعاء، تدفق المصلون والمصليات نحو مخارج المسجد، فبدت فضاءاته مكسوة برؤوس بشرية على أفق النظر، في منظر استغله هواة التصوير الفوتوغرافي لأخذ مشهد مهيب للذكرى. فسار الناس في ممرات، شدها فريق التنظيم بحبال طويلة، وسعى رجال الأمن والوقاية المدنية ومسؤولو المسجد إلى الفصل بين الرجال والنساء، ودعوة المغادرين للمشاركة في حسن التنظيم لتيسير انسياب المصلين، وتفادي وقوع التدافع. مرت زهاء ساعتين، قبل أن يخلو شارع مولاي يوسف من أمواج المصلين، ولعب رجال الأمن دورا مهما في تنظيم حركة سير السيارات، التي وجد أصحابها صعوبة في مغادرة الشوارع والأزقة المؤدية إلى المسجد، قبل أن تعود الحركة إلى مجراها الطبيعي، حوالي الواحدة من صباح أمس الأحد.