يثار الكثير من الجدل حول مسألة ضرب الأطفال، عقابا لهم، أو كوسيلة للتربية الصحيحة وتعويد الطفل عن عدم الخطأ، أو محاولة لتنبيههم لأخطائهم، أو لدفعهم إلى الاجتهاد في دروسهم. فبين مؤيد ومعارض لهذه الوسيلة "التربوية"، تختلف الآراء، ويتدخل أخصائيو التربية، ليقول كل واحد كلمته، سواء استشهادا بدراسات علمية، أو من خلال تجارب أسرية، أثبتت صحة هذا الطرح أو ذاك. لكن، ومع ذلك، يبقى للعقوبة البدنية آثارها النفسية السيئة، التي تدفع الأخصائيين إلى النصح بالابتعاد عنها، ذلك أن تربية الأطفال بالضرب والعقوبة البدنية لن تؤدي إلا إلى نتائج عكسية، لأنه يترك آثارا نفسية سيئة، وأحيانا آثار جسدية وخيمة، تؤثر سلبا على نمو الطفل وتربيته. ويقول الأطباء والأخصائيون النفسيون إن ضرب الأطفال يفقد الأبوان السيطرة على أطفالهم من الناحية الفكرية والنفسية، وبذلك تصبح للأطفال أفكار قد تكون مدمرة أو شاذة وغير خاضعة للسيطرة، بالإضافة إلى أن الضرب الدائم يشجع الأطفال على الانحراف أو ظهور عادات اجتماعية سيئة مثل الكذب، أو تحطيم الأشياء، أو العنف، وأحيانا التسلط والضرب. تقول مريم، أم لطفل يبلغ 5 سنوات، إنه كلما وبخت طفلها، حتى دون ضرب، إلا وازداد عناده، وتكررت أخطاؤه، وضعفت نتائجه المدرسية أكثر، فاضطرت إلى استشارة طبيب نصحها بتغيير طريقة تربيتها وتعاملها مع الطفل. وبالفعل، استطاعت مريم أن تكسب ثقة ابنها، وأصبح هو أكثر انتباها لنصائح وتعليمات والدته، إذ تحول التوبيخ إلى مساعدة ونصائح وحوار بين الطفل وأمه. إن مثل هذا التعامل يعد من القواعد الأساسية للتربية الصحيحة، فالطفل الذي تحظى شخصيته بالتكريم والاحترام، من قبل الوالدين، ويشعر بالأمن وهدوء البال في محيط العائلة، يمكنه لأن ينمو نموا عقليا وجسديا متكاملا معنويا، كما أنه يحصل بسهولة على الصفات الحسنة ويتخلق بالأخلاق الحميدة، إذ أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن تعنيف الأطفال في الصغر، بالصفع أو الضرب، يرفع نسبة القلق لديهم، ما يؤدي إلى زيادة العنف والعدوانية لديهم. فاطمة، أم حمزة، 8 سنوات، ترى أنه لا بد من اللجوء، أحيانا إلى ضرب الطفل، ليس ضربا مبرحا أو مؤذيا، بل فقط كتعبير عن مدى غضب الوالدين من ابنهما الذي يجب أن يفهم أنه تجاوز حده، إلى درجة أن العقاب بلغ درجة قصوى، هي الضرب. وتقول فاطمة إن هذا الأسلوب يكون فعالا مع الأطفال الذين بلغوا سنا معينة، بدأ فيها التمييز بين الخطأ والصواب، وليس مع أطفال صغار دون الرابعة مثلا، والذين يجب التعامل معهم بكل حنان وحب وبالحوار في حالة الخطأ. لأن فرص تحول الطفل إلى عدواني، في سن الخامسة، ترتفع بواقع 50 في المائة، إن كان يتعرض للضرب مرارا. وعليه، فإن الإفراط في الضرب قد يأتي بنتيجة سلبية، ما لم تحكمه بعض المقاييس التي يجب الاعتماد فيها على نوع من المرونة والتفهم، وإذا ما كان مؤذيا قد يزيد من عدوانية الطفل رغبة منه في الانتقام وفي رد اعتباره، وإظهار شخصيته التي يجب أن يتقبلها الأبوان، إذ يعي تماما، رغم صغر سنه، أن ضرب أبويه له، لن يثنيه عن عزمه في فعل ما يريده هو، وليس أبويه. وبين هذا الطرح وذاك، تبقى تربية الأطفال مرتبطة بمحيط عائلي متماسك ومتوازن لا ترجح فيه كفة أحد الوالدين عن الآخر، حتى تكون هذه التربية، هي الأخرى، متماسكة ومتوازنة، يستفيد الطفل من إيجابياتها.