"خليوني نرجع فحالي، واش باغيني نموت؟"، "باغية نولد في الدار"، "بغيت نعيش لوليداتي"، عبارات حزينة، رددتها زينب، الحامل في حالة مخاض، قرب قسم الولادة بمستشفى محمد الخامس، في مدينة آسفي، مساء أول أمس الثلاثاء.ولم ترد زينب ولوج القسم المذكور لأنها تفضل الولادة التقليدية (لدى القابلة)، لكن الخوف من شبح الموت دفعها إلى التراجع عن الولادة في المستشفى. تقول زينب، ل"المغربية"، إنها سمعت بتوالي وفيات الحوامل بقسم الولادة، في الآونة الأخيرة، وتملكها الخوف، خاصة بعد أن توفيت إحدى قريباتها، أخيرا، وتركت أربعة أطفال دون سن العاشرة. ورغم توسل الزوج، وإلحاحه على زينب بأن تدخل المستشفى، بعد أن وصلت مرحلة المخاض، إلا أنها رفضت، وخرجت مهرولة في اتجاه سيارة الأجرة، وساعتها، لم يجد الزوج بدا سوى احترام رغبتها، ونقلها إلى مكان سكنهما، في الشماعية، كي تلد لدى المولدة التقليدية، القابلة. زينب واحدة من النساء الحوامل، اللواتي تسرب إليهن الخوف، بعد سماعهن توالي تسجيل حالات الوفاة في صفوف الحوامل بقسم الولادة، فأغلبهن لا يدخلن هذا القسم، إلا بعد أداء الشهادة، ولديهن يقين أن مصيرهن سيكون المقبرة. "المغربية" زارت قسم الولادة بمستشفى محمد الخامس، فصادفت نساء يئنن من كثرة الألم، وأخريات يصرخن، متوسلات بالممرضات، لكنهن لا يجدن غير المعاملة القاسية، أو الإهمال واللامبالاة، من طرف بعض الممرضات. حوامل يلطمن وجوههن من ألم المخاض، وأخريات يتسرب منهن السائل السلوي، والبعض الآخر يجبن القاعة أو الممر، ذهابا وإيابا، وهن يتضورن ألما. أزواج يضربون أخماسا في أسداس، ويرددون "لولا اليد قصيرة، لأخذت زوجتي إلى مصحة خاصة"، بعد أن فقدوا الصبر من كثرة الانتظار، ومن المعاملة القاسية من بعض الممرضات والمشرفين بقسم الولادة. وقال عبد الرحيم لطفي، الذي كان يضع أمامه حقائب، وهو ينتظر خروج زوجته من قسم الولادة، بعد أن فقدت مولودها، الاثنين الماضي، "لا أصدق أن يموت الرضيع، وزوجتي كانت في وضعية صحية جديدة"، مؤكدا أن الزوجة دخلت المستشفى السبت الماضي، قصد الوضع، لكنه فوجئ، الاثنين الماضي، بالمولدة تخبره أن الرضيع كان ميتا في الرحم. ويتساءل الزوج مستغربا "بما أن المولود كان ميتا منذ السبت، لماذا لم تخبرني المولدة بالأمر؟"، وأرجع السبب إلى الإهمال واللامبالاة من طرف بعض الساهرين على توليد النساء. بعد زيارة مستشفى محمد الخامس، انتقلت "المغربية" إلى منازل بعض ضحايا الإهمال والأخطاء الطبية بقسم الولادة بالمستشفى المذكور، فوقفت على حالة عائلة أيوب التطواني، التي تقطن بالمدينة القديمة بآسفي، الذي توفيت زوجته نتيجة خطأ طبي تسبب في عاهة مستديمة، وحسب الزوج، فإن الطاقم المشرف على الولادة أصاب الزوجة بجروح في المعي الغليظ. وأضاف أن الحالة المرضية لزوجته تطلبت مبالغ مالية كبيرة، لكنه يعمل مياوما، ولم يستطع توفيرها، لولا مساعدات بعض الجمعيات والمحسنين. وبعينين دامعتين، قال التطواني "مراتي بقات كتهزل حتى ماتت في السبيطار، وخلات وراها تسعة ديال النفوس". أما الجعايدي، فليس أحسن حالا من التطواني، فهو مازال يحمل ملف زوجته، ويطرق أبواب الجمعيات، ومراكز الشرطة، ومكاتب النيابة العامة. ويقول الجعايدي، الذي فقد زوجته، أخيرا، وهي تضع مولودها السادس، بقسم الولادة بمستشفى محمد الخامس، إن الضابطة القضائية فتحت تحقيقا في موضوع الوفاة، بناء على شكاية تقدم بها إلى الوكيل العام للملك، مضيفا أنه "لن يهدأ له بال حتى تتخذ إجراءات في حق الطبيبة (ب)، حتى لا تتكرر المأساة بقسم الولادة". للمزيد من التوضيحات، التقت "المغربية" عبد الحكيم مستعيد، نائب المدير الجهوي في مستشفى محمد الخامس، الذي أكد أنه، بناء على شكاية زوجة الجعايدي، اتخذت الإجراءات المناسبة، إذ تكونت لجنتان للتقصي في موضوع الوفاة، الأولى تابعة لإدارة المستشفى، والثانية تابعة لمندوبية وزارة الصحة، مضيفا أن بعدها لجنة لتقصي الحقائق عن الوزارة حلت بالمستشفى. وقال مستعيد إنه لا يمكنه الإدلاء بأي شيء في ما يتعلق بالوفاة، إلا "بعد انتهاء لجنة تقصي الحقائق، التي ستصدر، قريبا، تقريرا في الموضوع، وبناء عليه، ستتخذ الإجراءات المناسبة". وستنشر"المغربية" تحقيقا حول الإهمال واللامبالاة إزاء الحوامل بهذا القسم، وحول مأساة أزواج وأطفال، أصبحوا أرامل وأيتاما.