تتجه الأنظار اليوم السبت وغدا الأحد، إلى قصر الحمراء الشهير في غرناطة (الأندلس)، الذي يحتضن القمة الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي يمثل المغرب فيها وفد وزاري مهم يتقدمه الوزير الأول، عباس الفاسيفيما يمثل الجانب الأوروبي رئيس الحكومة الإسبانية، خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية، خوسي مانويل دوراو باروسو، والمفوضة التجارية، كارين دي غوشت، والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار، ستيفان فيولى. وقال وزير الشؤون الخارجية الإسباني، ميغيل أنخيل موراتينوس، أول أمس الخميس، تعليقا على القمة، إنها "الأولى بين الاتحاد الأوروبي المغرب وتعتبر إشارة قوية تجاه بلد جار للاتحاد الأوروبي". وأبرز رئيس الدبلوماسية الإسبانية في حديث نشر ، أمس الجمعة، على الموقع الالكتروني للرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي الأهمية، التي يكتسيها هذا الاجتماع من مستوى عال بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وقال إن الأمر يتعلق "بأول قمة يعقدها الاتحاد الأوروبي مع بلد ثالث بعد المصادقة على معاهدة لشبونة وبالتالي فإنها تمثل إشارة مهمة وقوية تجاه بلد جار للاتحاد الأوروبي ولإسبانيا"، مشيرا إلى أن "للاتحاد الأوروبي فرصة لعقد أول قمة في إطار معاهدة لشبونة، مع هذا البلد، الذي يعمل من أجل تعزيز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي من خلال الوضع المتقدم". وقال، في هذا الصدد، إن التطبيق التدريجي للوضع المتقدم مع المغرب، الذي جرت المصادقة عليه في أكتوبر 2008 يستحق أن توليه الرئاسة الإسبانية "اهتماما خاصا". وأعرب وزير الخارجية الإسباني عن اقتناعه بأن "القمة ستشكل خطوة جديدة في العلاقات المتميزة، التي تجمع بين المغرب والاتحاد الأوروبي". وبعد أن أشار إلى أن المغرب "جار قديم للاتحاد الأوروبي" يرغب في المشاركة بشكل متزايد في جميع المجالات والقطاعات الواعدة لتحقيق تقدم في مجال تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي، معربا عن اقتناعه بأن المملكة ستتلقى دعما كبيرا في هذه القمة. وقال في هذا الصدد إن "المغرب سيحصل على دعم قوي في القمة في ما يتعلق بالقضايا السياسية وخاصة المواضيع الاقتصادية والمالية". وبخصوص المواضيع التي ستتناولها أشغال هذه القمة، أبرز وزير الخارجية الإسباني أنه سيجري التطرق خلال الاجتماع إلى مختلف المواضيع الإقليمية، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وأكد رئيس الدبلوماسية الإسبانية أن قمة الاتحاد الأوروبي المغرب ستتناول أيضا قضايا أخرى مثل الهجرة، موضحا في هذا الإطار أن المغرب يضطلع بدور أساسي في مجال تدبير تدفقات الهجرة. وحرص موراتينوس على التأكيد على أن "المغرب شريك يساعد بشكل كبير البلدان الأوروبية والبلدان الأصلية في تدبير تدفقات الهجرة بشكل مسؤول. ولذلك فإنه يمثل بلدا أساسيا في التدبير السليم والفعال لهذه التدفقات". وكانت مصادر من الحكومة الإسبانية أكدت أن القمة الأولى الاتحاد الأوروبي المغرب تأتي "تتويجا لمسلسل التقارب بين المغرب والاتحاد الأوروبي" واصفة هذا الاجتماع من مستوى عال ب "غير المسبوق". وأبرزت هذه المصادر خلال تقديم جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي المغرب أن "هذه القمة التي ستنعقد فوق التراب الإسباني، خلال فترة الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي تأتي لتعزيز ثوابت السياسة الخارجية الإسبانية، وهو ما يعني الأولوية، التي تحظى بها علاقاتنا مع المغرب العربي والالتزام الاستراتيجي لإسبانيا تجاه المغرب". كما سيبحث هذا الاجتماع من مستوى عال "الإصلاحات، التي قام بها المغرب في مجال الدمقرطة والحكامة الرشيدة والتحديث الاقتصادي والتماسك الاجتماعي" بالإضافة إلى "تسليط الضوء على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة التعاون المتعدد الأطراف التي يتجسد اليوم من خلال الاتحاد أجل المتوسط. من جهته، أكد مجلس الاتحاد الأوروبي، أول أمس الخميس، أن قمة المغرب-الاتحاد الأوروبي، تعتبر "مرحلة مهمة" في مسلسل تقارب "جد مرضي". واعتبر المجلس أن هذه القمة هي "مكافأة للمغرب والاتحاد الأوروبي"، اللذين تطورت علاقاتهما بشكل "رائع"، واصفا هذا الاجتماع ب"التفاتة قوية" قرر الاتحاد الأوروبي والمغرب القيام بها سويا. وأكد المصدر ذاته أن المغرب تبنى "خيارا استراتيجيا" يتمثل في التقارب مع أوروبا، وباشر إصلاحات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبشري، مضيفا أن هذه القمة ستتيح فرصة للأوروبيين للتعبير عن "ارتياحهم" إزاء التقدم، الذي حققته المملكة. وأشار المجلس الأوروبي إلى "أن هذه القمة ليست مرحلة نهائية بل خطوة مهمة على طريق تقارب أكثر فأكثر قوة". ويتعلق الأمر -يضيف المصدر- بفرصة "للاحتفاء بما حققناه سويا واستكشاف ما يمكن القيام به مستقبلا"، وبلورة مشاريع مشتركة على أرض الواقع مثل مشاركة المغرب في برامج الاتحاد الأوروبي. وسيكون الاتحاد الأوروبي، ممثلا في هذه القمة من قبل رئيس المجلس الأوروبي، هرمان فان رومبوي، الذي سيقود وفدا مهما يضم على الخصوص رئيس المفوضية الأوروبية. وعلاوة على العلاقات الثنائية، ستنكب القمة على دراسة القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل الهجرة ومسلسل السلام بالشرق الأوسط، والاتحاد من أجل المتوسط، والوضع في إفريقيا، والتغيرات المناخية، فضلا عن الأزمة المالية العالمية. يذكر أن العلاقات المغربية-الأوروبية شهدت وتيرة نمو مطردة منذ بدء سريان اتفاق الشراكة سنة 2000. كما عرفت هذه العلاقات دفعة قوية بفضل مخطط عمل السياسة الأوروبية للجوار سنة 2005 ومنح المغرب الوضع المتقدم سنة 2008. فضلا عن تعزيز الحوار السياسي، فإن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي تجسد عبر العديد من الاتفاقيات القطاعية التي جرى التفاوض بشأنها أو تلك التي جرى التوقيع عليها، خاصة الاتفاق بشأن تحرير المبادلات في مجال الخدمات، وكذا تحرير مبادلات المنتوجات الفلاحية واتفاق أوروبي لإعادة القبول المهاجرين غير الشرعيين واتفاق شراكة في قطاع صيد البحري واتفاق بشأن التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا (2005)، كما انخرط المغرب في اتفاقية كوبنهاغن حول المناخ . وفي ما يتعلق بالتعاون المالي وبرامج الدعم للاتحاد الأوروبي، فقد بذلت مجهودات ملموسة في مجالات النقل، والنظام الجبائي، والإدارة العمومية، والصحة، ومحو الأمية، في إطار البرنامج الإرشادي الوطني لسنة 2007-2010. ويرتكز البرنامج الإرشادي الجديد 2011-2013 على خمسة جوانب استراتيجية تتمثل في تطوير السياسات الاجتماعية، والحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان، والدعم المؤسساتي للتحديث الاقتصادي وحماية البيئة. وأبرزت وثيقة المجلس الأوروبي أن المغرب سيستفيد في إطار هذا البرنامج من دعم مالي بقيمة 5،580 مليون أورو، أي بزيادة بنسبة 20 في المائة. من جانبه، أكد سفير إسبانيا في المغرب، لويس بلاناس بوشاديس، أن القمة تكتسي "أهمية استراتيجية" بالنسبة للجانبين. وأضاف الدبلوماسي الإسباني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش المنتدى الأول للسلطات المحلية الاتحاد الأوروبي-المغرب، الذي نظم بمدينة قرطبة (الأندلس)، أن هذه القمة، الأولى من نوعها بين الاتحاد الأوروبي وبلد بجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، تمثل اعترافا بالإصلاحات، التي قام بها المغرب في جميع الميادين وتعبر عن إرادة أوروبا إعطاء دفعة جديدة لعلاقاتها مع المملكة. ووصف بلاناس هذه القمة، التي تنعقد في إطار الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي ب"التاريخية"، مبرزا أن من شأن هذا الاجتماع من مستوى عال تعزيز علاقات التعاون بين الجانبين في كافة المجالات، خاصة منها السياسية والاقتصادية. ولدعم القمة تنظم العديد من جمعيات المغاربة في مختلف المناطق بإسبانيا، غدا الأحد، بمدينة غرناطة وقفة لتأييد التقارب الكبير بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وستنظم ابتداء من الرابعة مساء بإحدى الساحات أمام قصر المؤتمرات بمدينة غرناطة، إذ سينتقل المئات من أفراد الجالية المغربية من مختلف المدن والمناطق بالتراب الإسباني، للمشاركة في هذه الوقفة من أجل التعبير عن دعمهم للمقترح المغربي بمنح حكم ذاتي موسع للصحراء الذي يشكل حلا لتسوية النزاع حول الصحراء بشكل نهائي وفضح مناورات خصوم المملكة.