ينما كان بعض الأشخاص يشكرون السلطات المحلية والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، لمجهودهما خلال الفيضانات، التي اجتاحت حي هميش بالقنيطرة، تعالت أصوات نساء منددة بالتأخر في تفريغ قنوات الصرف، ووضع الأكياس الرملية لحماية تسرب المياه إلى المنازل. "أش عطاونا غير بوط واحد لكل دار؟ إيوا الدار اللي فيها ثلاثة أو ربعة د الناس، يبقاوا في الدار ما يقطعوش هاذ البحر"، هذا ما قالته امرأة طاعنة في السن، وزكته أغلب النساء المتضررات، اللواتي، رغم تجفيف الحي من المياه، مازلن يقفن أمام عتبة بيوتهن، ويتحسرن على الخسائر التي تكبدنها بسبب المياه، التي غمرت بيوتهن، وزاد علوها عن متر. وفي ركن أحد المنازل، جلست أمينة القرفصاء، وهي تردد "تكرفسنا بزاف، بقينا محبوسين بلا مؤونة، شوية ونموتو بالجوع"، مضيفة أنه، بسبب تدفق مياه المرجة، ارتفع منسوب المياه، ولوجود المنازل فوق بنية تحتية مهترئة، وعدم وجود قنوات صرف صحي، انتشر الناموس والروائح النتنة، ولم يعد بإمكانهم فتح النوافذ، خوفا من تسرب الحشرات والروائح الكريهة. "أالرباح أش درتي؟ صباط ميكا جبتي" هذه العبارة، الموجهة إلى عبد العزيز الرباح، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، رددها السكان المتضررون خلال وقفة، نظموها احتجاجا على عدم التفات الجهات المسؤولة. وقالت أمينة (متضررة) "اشتريت حذاء بلاستيكيا (بوط) من أجل الخروج والمشي في المياه، التي بدأت تشبه الوادي". واضطر جميع المتضررين إلى بناء حواجز بالآجور عند مدخل منازلهم، من أجل منع تسرب المياه، التي اجتاحت بيوتهم، وتسببت في خسائر، همت الأفرشة، والأسلاك الكهربائية، بينما اضطر آخرون إلى دفع ما بين 3 و 5 دراهم لسائق عربة لعبور المياه. تقول نادية " انتابتنا حالة من الخوف والهلع، أول شيء قمنا به هو نقل جميع الأغراض إلى سطوح المنازل، وآخرون اضطروا إلى نقلها عند أقربائهم"، مضيفة أن المتضررين كانوا بصدد تنظيم مسيرة إلى عمالة القنيطرة، احتجاجا على ما آلت إليه أوضاعهم في الحي. وأكد السكان أن قاطني الطوابق السفلى أكثر المتضررين من تسرب المياه، ما اضطر اغلبهم إلى المكوث بمنازلهم طيلة ثلاثة أيام. حديث السكان المتضررين عن معاناتهم، والأضرار، التي لحقتهم جراء تدفق مياه المرجة، لم يستسغه أحد المستشارين، كان مرابطا بالحي، إذ كان كلما حاولنا الحديث مع متضرر، يتعقب خطواتنا، ويردد "قولوا ليهم راه رئيس المجلس البلدي والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء داروا خدمتهم". وقال عبد الإله بطوخ (متضرر) "السلطات باتوا معنا، وساعدونا في حمل الأمتعة، ووفورا لينا الأمن". وزكى ذلك عبد العزيز الرقيوي، مضيفا "الآن، وضعت الجهات المعنية حزاما اسمنتيا لمنع تسرب مياه المرجة، وما نطلبه هو تكملة بناء الواد الحار". مشكل تدفق مياه المرجة ليس حديثا، بل يؤكد السكان أنه منذ سنة 1996 وهو يعرف نقاشا بالمجلس البلدي، من أجل إيجاد حلول جذرية. من جهته قال هشام عبيل، مستشار جماعي، ونائب كاتب رئيس المجلس البلدي بالقنيطرة، إنه كان هناك تدخل قيمي للمجلس البلدي، لدراسة وضعية الحي، وفك العزلة وتجفيف المياه. وأضاف عبيل أن "الوكالة المستقلة للماء والكهرباء، بتعاون مع السلطات المحلية، لعبت دورا كبيرا في تصريف المياه عبر قنوات الصرف الصحي، في ظرف وجيز"، موضحا أن المجلس البلدي وضع حزاما إسمنتيا حول الحي، لإبعاد مياه المرجة، والقضاء على شبح الفيضانات.